بسم الله الرحمن الرحيم
ضرورة المرجعية في عصر الغيبة :
الحمد لله رب العالمين بارئ الخلائق أجمعين باعث الانبياء و المرسلين و الحمد لله الذي لا يحصي نعماءه العادّون و لا يؤدي حقه المجتهدون و لا يجزي بآلائه الشاكرون المتعبدون و هو كما قال و فوق ما نقول ، ثم أفضل الصلاة و أتم السلام على أشرف بريته و خير خليقته و أحبّ الخلق إليه محمد و آله الطيبين الطاهرين المعصومين ..
أما بعد ، فقد قال الله العظيم في محكم كتابه الكريم : ” فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ” سورة النحل : 43 .
مما لا شك و لا ريب فيه عند جميع العقلاء أن الرجوع إلى المتخصصين في كل ما يحتاج إلى التخصص ضرورة ٌ لا محيص عنها بلا فرق بين علم و آخر ، و بناء العقلاء خير شاهد و دليل على ذلك حيث أنهم يرجعون في كل أمر تخصصي إلى الأخصائي فيه فحتى الأخصائي في مجال إذا أراد معرفة أمر ما أو حل مشكلة من المشاكل الخارجة عن حيز تخصصه رجع إلى أهل الإختصاص في ذلك المجال فالطبيب لا يكتفي بتخصصه في مجاله الطبي لحل مشكلة اجتماعية و لا يتدخل في عملية التخطيط لبناء المدن و … فليس مرجع الناس في علم ما مرجعا لهم في جميع العلوم سواء كان أخصائيا فيها أم لم يكن فكيف بمن لا اختصاص له في علم من العلوم ..
و مع ذلك نجد أن البعض عندما يصل الكلام إلى الحديث عن الدين و أحكام الشريعة يقول بأن الدين لا يحتاج الى التخصص مع أن الأدلة الشرعية مضافا إلى الاعتبار العقلي تدل بوضوح على ضرورة وجود أخصائيين في الدين بشكل عام و أحكامه بشكل خاص ، فكما أننا نحتاج إلى الأنبياء و المعصومين عليهم السلام حيث أن من المعلوم أولاً أن العقل ناقص لا يتمكن من إدراك جميع الحقائق و كل ما له مدخلية في السعادة و الشقاء ، و ثانياً : العقول مختلفة في ألأفكار و من حيث الفهم ، و ثالثاً : هناك من يقدم أهواءه النفسية على العقل و مقتضياته ، و رابعاً : الدين عامة و الفقه خاصة قوانين تدل المكلفين على عناصر السعادة و الشقاء في جميع العوالم ـ الدنيا و البرزخ و الآخرة ـ فإن تمكن العقل من إدراك عناصر الرفاه و الرخاء و السعادة في الدنيا ـ و هو بإطلاقه أول الكلام ـ فمن المقطوع به عدم تمكنه من ذلك فيما يتعلق بعناصر السعادة في البرزخ و القيامة حيث أنهما من الغيبيات بالنسبة لنا فلا نتمكن من الإشراف عليهما فكيف بالعلم بعناصر السعادة و الشقاء فيهما ، فلا يُعقل بعد ذلك أن يقوم من لا اتصال له بالغيب بتشريع القوانين الدخيلة في السعادة لجميع العوالم .
نعم ، كما أن أصل الدين محتاج لمبلغ معصوم من قبل الله تعالى ، كذلك هو محتاج إلى الأخصائيين بعد الأنبياء و المعصومين عليهم السلام ليقوموا بوظيفة معرفة الدين و أحكامه من كلام الله تعالى في كتابه و سنة نبيه و المعصومين من آله عليهم السلام ثم تبيينه لعامة الناس و ذلك لأجل أن معرفة الدين يتوقف على التخصص في عدة علوم و الإشراف التام على عدة أخرى منها كما سنشير إليه فيما ياتي قريباً .. فالعقل المجرد عن الشرع يتمكن في كليات الأصول الإعتقادية من المعرفة كمعرفة الله تعالى و توحيده و بعض صفاته و ضرورة إرسال الرسل لهداية المكلفين من الجن و الإنس و غيرهم إن وُجدوا و ضرورة وجود عالم آخر يعود إليه المكلفون بعد موتهم للجزاء و هو المعاد ـ و إن كان لا يتمكن من معرفة تفاصيل بعض المعتقدات لولا بيان الشارع المقدس كتفاصيل المعاد من الحشر و النشر و الميزان و الصراط و غيرها من مواقف البرزخ و القيامة ـ نعم يتمكن العقل من إدراك تلك المعتقدات و لكنه غير قادر على ذلك في فروع الدين لا في كلياتها و لا جزئياتها ـ لا أصل وجوب الصلاة و لا كيفيتها ، لا أصل وجوب الصوم و لا شرائطه و موانع صحته و … ـ اللهم إلا في المستقلات العقلية التي يتفق عليها جميع العقول من غير نكير كحسن العدل و الإحسان و قبح الظلم و الإساءة ، و لزوم شكر المنعم بعد معرفته تعالى فيدرك أصل لزوم التعبد له و عبادته و طاعته لا كيفية العبادة كالصلاة و الصوم و الحج و .. فإذا أراد الإنسان أن يدرك التفاصيل كان عليه الرجوع إلى الشرع المقدس و الرجوع إليه لمعرفتها يتوقف على العلم و التخصص ..
العلوم اللازمة لبلوغ درجة الإجتهاد في الفقه :
أشرنا إلى أن من يريد أن يصل إلى درجة الإجتهاد أي أن يصبح فقيها و أخصائيا في أحكام الشريعة يحتاج إلى التخصص في علوم متعددة أو الإلمام و الإشراف التام بها و من دون ذلك لا يتمكن من استنباط الأحكام من مصادرها و أدلتها ، و هي :
1ـ علم الفقه . 2ـ أصول الفقه ( قواعد استنباط الأحكام عن أدلتها التفصيلية .. ) . 3ـ علم الرجال . 4ـ الدراية .
5ـ تفسير القرآن ، و لا أقل من تفسير آيات الأحكام . 6ـ العلوم العربية من النحو و الصرف و البلاغة . 7ـ المنطق . فلو نظرنا إلى علوم اللغة العربية فقط لرأينا أن غالبية العرب فضلا عن غيرهم لا يعلمون دقائقها بل حتى كلياتها في حين أن فهم مغازي الآيات و معاني الروايات متوقف على معرفة دقائق النحو و الصرف و البلاغة و اللغة أحيانا .
أدلة الرجوع إلى الأخصائيين في الدين :
هناك آيات و روايات تدل على ضرورة رجوع الجاهل إلى العالم و الفقيه و تبيِّن شروط المرجع الذي يرجع إليه العوام في أحكام دينهم كما يدل بعضها على أن الإنسان غير مستغن عن الدراسة و تحصيل العلم لبلوغ درجة التفقه ، فمن القرآن الكريم قوله تعالى : ” فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ” سورة النحل : 43 فدلت الآية على أن الجاهل يلزمه الرجوع إلى العالم . و قوله تعالى : “وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ” سورة التوبة : 122 ، حيث تدل أولاً على أن المعرفة و التفقه في الدين لا يحصل من دون الكسب و التحصيل ، و ثانياً على وجوب التفقه في الدين كفاية ً .. و قوله تعالى فيما يتعلق بلزوم اتباع أحسن الأقوال ـ و قد يتمثل في تقليد الأعلم ـ : ” وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ” سورة الزمر : 17 ـ 18 .
و أما الروايات فمتعددة ، منها الرواية المشهورة عن الامام العسكري عليه السلام و التي يقول فيها :” .. فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا على هواه ، مطيعا لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه ، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم .. ” ـ الاحتجاج للشيخ الطبرسي ج 2 ص 263 – 264 ، و الملفت للنظر في هذه الرواية أن الشرائط المذكورة للفقيه الذي يجوز تقليده كلها راجعة الى التقوى و الورع ، و قد يكون تعدية المخالفة بـ”على” في قوله عليه السلام : ” مخالفا على هواه” مع أنه يتعدى باللام ، لأجل تضمين معنى السيطرة أي : مخالفاً حال كونه مسيطراً على هواه ، فلا يكفي مجرد المخالفة للهوى بل يلزم أن يكون ناشئاً عن سيطرته على النفس الأمارة و صيرورة التقوى و الورع ملكة راسخة في النفس ..
و أما أنه عليه السلام قال : ” فللعوام أن يقلدون ” و لم يقل فعلى العوام أن يقلدوه فهو لأجل أنه في مقام دفع توهم الحظر حيث بيّن الإمام العسكري عليه السلام قبل ذلك أنه لا يجوز تقليد الفقهاء الذين عرف منهم الفسق الظاهر ثم تطرق إلى بيان من يجوز تقليده و هو من يتوفر فيه هذه الشروط فلا ينافي وجوب التقليد ، و بعبارة أخرى وجوب تقليد الفقيه أمر مفروغ عنه ـ حيث قال : فأما من كان من الفقهاء .. ـ إلا أنه ليس كل من كان فقيهاً جاز تقليده بل الذي يجوز تقليده هو الفقيه الصائن لنفسه الحافظ لدينه …الخ ، مضافاً إلى أنه لو كان المقصود جواز التقليد دون وجوبه لكان صدور هذا الحديث منه عليه السلام مع هذا التشديد على الشروط المذكورة لغواً، كما أنه إذا كان المقصود كون تقليد الفقيه كغيره جائزا كان أخذ قيد الفقاهة لغواً ، و كلام العاقل الحكيم مصون عن اللغو فكيف بالمعصوم بالعصمة الكبرى …
و من جملة الروايات مقبولة عمر بن حنظلة عن الامام الصادق عليه السلام :” … انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فارضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما بحكم الله قد استخف وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله ” الكافي للشيخ الكليني ج 7 ص 412 .
و يمكن الاستناد إلى الروايات التي تأمر بعض العارفين بالأحكام الشرعية أن يجلسوا في المسجد فيفتوا الناس و الروايات التي تنهى بشدة عن الإفتاء بغير علم و تحذر من عواقبه كقول الامام الصادق عليه السلام : ” إياك وخصلتين ففيهماهلك من هلك : إياك أن تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم ” ـ الكافي ج1 ص42 باب النهي عن القول بغير علم الحديث 2 ـ و قوله عليه الصلاة و السلام : ” أنهاك عن خصلتين فيهما هلاك الرجال : أنهاك أن تدين الله بالباطل ، وتفتي الناس بما لا تعلم ” المصدر الحديث 1 ، و عن أبي جعفر عليه السلام قال : من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة ، وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه ـ المصدر الحديث 3 .
و لا يخفى أن العقل كالبصر من القوى المدركة و العلم مصباح ينير له الدرب فكما أن العين لا تبصر من دون وجود المصباح و نوره كذلك العقل لا يتمكن من الإدراك و التأمل و الإستنتاج و الإستنباط من دون وجود نور العلم .. فلولا العلم و التخصص لم يتمكن الانسان من الفهم الصحيح لمضامين الآيات و الروايات الواضحة أحيانا فكيف بدقائق المطالب العلمية التي تشير النصوص الدينية إليها ، فهناك قواعد عامة قد أشارت الروايات إليها و هي تشتمل على أبحاث علمية دقيقة و تفاصيل لم و لا تخطر ببال أحد من غير الأخصائيين و لم يتصور أن هذه الرواية يمكن أن تكون مشتملة على هذه المطالب العلمية الشريفة الدقيقة ، كما أنه قد تتعارض الأدلة و الروايات المعتبرة او تتزاحم الأحكام في مقام الإمتثال فما الذي يلزم فعله كي نطمئن بحكم الله تعالى أو بما يجب تقديمه في حال التزاحم و … و تجدر الإشارة هنا إلى بعض مصاديق ما ذكرنا ليتبين للجميع أن الفقه و الإجتهاد فيه ليس بذلك الأمر السهل كي يقال أننا عقلاء فلا نحتاج إلى الرجوع إلى المراجع الدينية ، و طبعاً تفاصيل ذلك موكول إلى محله و أهله فنقول :
1ـ هناك روايات تبين لنا أحكاما شرعية و تعطينا ضابطة عامة كي يتمكن الفقيه بعد ذلك من تطبيقها على مواردها و مصاديقها الموجودة أو المستجدة مستقبلا فيقول الإمام عليه السلام مثلا في باب الشك في انتقاض الوضوء :” .. ولا تنقض اليقين أبداً بالشك ، وإنما تنقضه بيقين آخر” فهذه قاعدة عامة فيأتي الفقيه من أمثال الشيخ الأنصاري قدس سره الشريف و يشرح هذه القاعدة المسماة في علم الأصول بالإستصحاب بأبحاث دقيقة ليتبين موارد جريانها ـ كالبحث عن أنها مختصة بالموضوعات أم أنها تجري في الأحكام أيضا ؟ هل تختص بالجزئيات أم تجري في الكيات أيضاً ؟ و في الكليات هل تجري فيها بأقسامها الأربعة أم في بعضها دون بعض؟ و أبحاث شريفة و دقيقة أخرى كاستصحاب العدم النعتي و العدم الأزلي و …
2ـ قد بدأ الكذب على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في حياته فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : ” … وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتى قام خطيبا فقال : أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ، ثم كذب عليه من بعده … ” الكافي ج 1 ص 62 باب اختلاف الحديث ، الحديث 1 ، فإذا كان الراوي ضعيفاً أو مجهولاً أو كانت الرواية مرسلة غير منجبر ضعفها … لم تحدث مشكلة و لكن إذا كانت الروايات المعتبرة سنداً متعارضة ً ـ لأنه قد يحدث الخطأ في النقل من الثقات لكونهم قد نقلوا الرواية بالمعنى فكان فهمهم خطئاً و نقلوا حسبما فهموا فجاء آخر و نقل الرواية حرفياً فتتعارضان ، أو أن أحد الراويين منافق يتصور الناس أنه مؤمن عدل كما أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلى ذلك ذيل الرواية الآنفة الذكر ، أو أن أحدهما نقل الناسخ و الآخر نقل المنسوخ لعدم سماعه الناسخ من النبي أو الإمام عليهما السلام أو .. ـ فما الذي يجب فعله لمعرفة الحجة من الروايتين و ماهي مرجحات باب التعارض ؟..
3ـ إذا ورد الأمر بشيئين مستقلين ـ مثلاً ـ و لكن وقع التزاحم بينهما في مقام العمل فلم يتمكن المكلف من العمل بهما كليهما مع أنه يعلم أنهما حكمان شرعيان ثابتان يعني أنهما صادران عن المعصوم عليه السلام و ليسا متعارضين لا يمكن صدورهما معا عن المعصوم كما في المورد السابق ، و لكن المكلف لا يتمكن من امتثالهما معاً كما إذا وجبت الفريضة اليومية و صلاة الآيات و كان وقتهما ضيّقا بحيث إذا صلى إحداهما خرجت الاخرى عن الوقت ، أو قال :” لا تقطع الفريضة ” و” أنقذ الغريق” فتزاحما في الخارج فكان في الصلاة الواجبة و أمامه من هو في حال الغرق و هو قادر على انقاذه و غير ذلك من الأمثلة ، فما الذي يلزم فعله و ماهي مرجحات باب التزاحم ؟ و غير ذلك من الأبحاث الأصولية الدقيقة التي لها ثمرات في الفقه كاجتماع الأمر و النهي و مبحث المفاهيم و …
و كذلك في علم الرجال فمثلاً معرفة الثقة من غيره و معرفة أصحاب الإجماع و معنى كون الراوي من أصحاب الإجماع ، و التوثيقات العامة ، و مقصود ابن قولوين من توثيقه لمشايخه المذكورين في كتاب كامل الزيارات و .. كل ذلك يحتاج إلى التخصص في علم الرجال ..
فإذا تأملنا فيما ذكرناه في هذا المختصر و تقدمنا خطوة خطوة تبين لنا جليا أن المرجعية في أحكام الشريعة ضرورة لا محيص عنها ، و غير خافٍ على من له اطلاع بالعلوم الحوزوية أنه قد بذل العلماء قصارى جهدهم و تحملوا الصعوبات و سهروا الليالي و تركوا الدنيا و ملذاتها و .. ليحصل لهم العلم أو الإطمئنان بأحكام الله تعالى ..
و بعد هذا كله هل يبقى لأحد مجال للقول بعدم الحاجة الى العلماء و الفقهاء و أننا عقلاء و العقل كافٍ في معرفة الدين و أحكامه عن أدلتها التفصيلية ، و ليت شعري لِمَ لا يقول هؤلاء هذا الكلام في سائر العلوم التي لا تحتاج أحيانا إلا إلى التخصص في علم واحد فقط و لكنهم عندما يصل الدور الى الدين الذي يبتني الإجتهاد في أحكامه على علوم متعددة يتفوهون بمقولتهم هذه ” تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى” ..
و يبدو أن هناك أيادٍ خفية تحرك هؤلاء ـ من حيث يشعرون أو لا يشعرون ـ إلى نشر هذه الأفكار السامة الباطلة لأجل إبعاد الناس عن الدين بفصلهم و إبعادهم عن المرجعيات الدينية الضامنة لبقاء الدين و أحكام شريعة سيد المرسلين صلوات الله عليه و آله أجمعين ، و لغرض إحداث الفـُرقة بين أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام فعلينا نحن المؤمنين و شيعة أمير المؤمنين عليه السلام الإنتباه إلى هذا الأمر كي لا ننجرف مع من يريد محق الدين و ايقاع الفتن فيما بيننا فإن الدين و مذهب أهل البيت عليهم السلام كان مستهدفاً من الصدر الأول بعد ارتحال رسول الله صلى الله عليه و آله لا سيما من قبل البيت الأموي و إلى يومنا هذا و ليكن معلوما لنا أنه لولا الأئمة عليهم السلام لمحق الدين و لـَلـُبس الاسلام لبس الفرو مقلوبا على حد تعبير أمير المؤمنين عليه السلام في النهج الشريف ، و لولا العلماء و الفقهاء في عصر الغيبة لاندرست معالم الدين و طُمست أحكام شريعة سيد المرسلين صلوات الله و سلامه عليه و آله ..
أعاذنا الله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا و غفر الله لنا و لكم و الحمد لله أولاً و آخرا ..
أيوب الجعفري
ليلة 1 ربيع الأول 1436 هـ ق
24 / 12 / 2014 م