مكتوب في القران لكم دينكم ولي دين وهذا يدل على سماحه القران مع الاديان الاخرى ولكن هدم الاصنام لا يدل على ذلك

 

 

* المقصود من قوله تعالى لكم دينكم و لي دين أنه لا يمكن إجبار أحد على قبول الدين الإسلامي أو أي دين آخر فالإيمان بالدين يتعلق بالقلب و القلب ليس في تصرف الغير فمهما فعلنا ففي النهاية هذا الإنسان يؤمن في قلبه بما يحب و يريد و إن أبرز غير ذلك و لهذا قال تعالى : ” إنما أنت مذكِّر ، لست عليهم بمسيطر ” …

 هذا مضافاً إلى أن الدين يلزم أن يكون اختيارُه و انتخابُه بملئ إرادة المكلف لا بالإجبار فالدنيا دار امتحان و ابتلاء و الامتحان يستلزم أن يكون هناك طريقان طريق الخير و طريق الشر كما يستلزم أن يكون في وجود الإنسان و أي مكلف آخر  – كالجن – القدرة على انتخاب أيهما شاء و أن يكون مختاراً في انتخابه و إلا لم يكن للتكليف معنى صحيح لأن المجبور و المُکره ليس له طريقان لينتخب أحدهما بإرادته ليتحقق امتحانه بل هو مضطر  لانتخاب أحد الطريقين ،  فيلزم أن يكون مختاراً مريداً و أن لا يُجْبَر و لا يُکره على شيء – مضافاً أنه لا قيمة للإيمان المتحقق بالإجبار و الإكراه إن قلنا بتحققه بذلك – و لهذا قال تعالى : ” لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر ..  ” فالدين لا يمكن الإكراه عليه و في قبوله ، و على الإنسان أن يختار الدين الذي يريد و لكن من الناحية التشريعية يجب عليه بعد ما تبين الرشد من الغي ، أن يختار الحق و الرشد  لا الباطل و الغي و إذا لم يختر الحق و الرشد فلا يجبره أحد على اختياره و لكنه مسئول عن ذلك و محاسَبٌ عليه يوم القيامة .. 

و أما مسألة تحطيم  الأصنام فهي مسألة أخرى ،  فصحيح أنه لا إكراه في الدين و لكن لا يعني ذلك أن تكون الأصنام في بيت الله الحرام ،  ذلك البيت الذي هو أول بيت وُضع للناس لعبادة الله تعالى و قد أُمر إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام أن يطهراه للطائفين و العاكفين و الركّع السجود ،  و إذا لم يرض الله تعالى بوجود النجاسة الظاهرية في بيته فبطريق أولى لا يرضى بوجود النجاسة المعنوية في بيته ،  ذلك البيت الذي وُضع لعبادة الله تعالى وحده لا شريك له و وجودُ الأصنام ينافي هذا الغرض لأن الأصنام وُضعت للعبادة و عبادتها شرك بالله تعالى و قد وضع البيت للتوحيد و عبادة الله وحده لا شريك له فيكون وجودها في البيت نقضاً للغرض ..  فقوله لا إكراه في الدين ..  و لكم دينكم و لي دين و.. يعني أننا لا نجبر أحداً على قبول الإسلام و الإيمان به و النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً لم يجعله الله تعالى مسيطراً على الناس و إنما هو مذكّر ،  و مع ذلك لا يرضى الله تعالى أن يُجعل في بيته ما هو خلاف غرض وضع هذا البيت ،  و هذه المسألة لا تختص بالأصنام بل هي جارية حتى في الفروع الفقهية كشرب الخمر فهو حرام و لا يؤذن لأحد أن يتظاهر به في الملأ العام و لا يجوز له شربها لا علناً و لا في الخفاء و لكن لا يمنعه أحد من شربه في بيته ،  و إن كان هناك منع فهو منعٌ تشريعي تقنيني و ليس تكوينياً بمعنى أنه لا يجوز له الشرب حتى في بيته و إذا شرب فهو معاقب يوم القيامة و لكن لا يحق لأحد أن يدخل بيته ليمنعه من شرب الخمر  ..