السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 تعريفات التوكل واركانه :

١- توكيل الامر كله الى مالكه.

٢-التعريف العرفاني : طرح البدن  في العبودية وتعلق القلب بالربوبية .

٣- انقطاع العبد في جميع مايأمله من المخلوقين 

ثم يقول : وهذه التعاريف وان اختلفت بعض الشئ في الالفاظ الا انهاتؤدي بالمتوكل الى العلم بان الله تعالى: عالم بحاجات العباد ، وانه قادر على تلبيتها ، وهو ليس بخيلا – والعياذ بالله – وانه رحيم رؤوف ، وهذا مايسميه العلماء بأركان التوكل 

* التعريف الجامع مفهوم لكن التعريف العرفاني يحتاج الى توضيح اكثر .

هذه الفقرة من كتاب هنا تسكب العبرات للمؤلف السيد باقر القبانجي 

 كأني قرأت نفس الموضوع ونفس التعاريف في الاربعون حديثا للسيد الامام قدس سره

جزاكم الله خيرا

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

بعض العرفاء يفسرون التوكل بقولهم: طرح البدن في العبودية و تعلق القلب بالربوبية و التبري من الحول و القوة .. ( و البعض يستبدل الجملة الأخيرة بقوله : و الطمأنينة إلى الكفاية ،  إلا أن المذكور في التعريف الأول أدق)  .. 

و المقصود باختصار أن التوكل الذي هو بمعنى توكيل الأمور إلى الله تعالى حقيقته قائمة على أن يرى الإنسان نفسه عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء و أن لا يرى لنفسه ملكية و لا استقلالية و على هذا الأساس عليه أن يكون مشغولاً ببدنه بالعبودية و يعمل عمل المملوك الذي يكون هو و ما في يده لمولاه ،  و ليعلم أن هذه العبودية حقيقية و ليست اعتبارية قابلة للزوال ، فمن تكون حقيقته المملوكية الطلقة لغيره لا يتمكن من أن يتصور لنفسه ملكية أو استقلالية في الوجود و متعلقاته و لو لحظة واحدة أو أقل من لحظة فلا مناص له إلا أن يعمل عمل العبيد العارفين بعبويتهم الحقيقية و مملوكيتهم المطلقة  – و لهذه المعرفة آثار عظيمة من جملتها صيرورته فعالاً لما يريد لا بالأعمال و الجوارح بل  بالإرادة بإذن الله تعالى كما ورد في الحديث القدسي: ” عبد أطعني تكن مَثَلي أقول للشيء كن فيكون و تقول للشيء كن فيكون ” و … 

 

 و تعلق القلب بالربوبية : يمكن تفسير هذه العبارة بوجهين الأول هو أن لا يتعلق قلبه بغير الله تعالى فلا يحب و يعشق غير الله جل و علا ف”القلب حرم الله فلا تسكن حرم الله غير الله ” – و لا ينافي ذلك حب أوليائه و حب المؤمنين ، لله تعالى فهو عائد إلى حبه عز و جل – فليس له أنيس إلا الله و لا أنس له إلا بالله كما ورد في الدعاء: ” يا أنيس القلوب ” و : ” ياأنيس المريدين ” و ” يا أنيس من لا أنيس له ” و … 

و هذا المعنى صحيح في حدّ ذاته إلا أنه يستبعد أن يكون المراد من قولهم : ” تعلق القلب بالربوبية ” كما أنه لا يناسب معنى التوكل فيأتي دور الوجه الثاني و هو أن يكون القلب متعلقاً بربوبية الله و تدبيره تعالى فليس هناك من يتمكن من تدبير أمور الإنسان و سائر الخلق إلا هو جل و علا فهو العالم بكل شيء القادر على كل ما يشاء و الفعال لما يريد و المتمكن من جعل جميع أسباب العالم المؤالفة منها لمسير كمال الإنسان و المضادة منها لسيره التكاملي عوامل لتكامله .. بمعنى أنه هو وحده عز و جل من يقدر على أن يجعل العوامل الخارجية التي تعارض سير الإنسان نحو الكمال و نيل المقامات ،  عوامل لبلوغ الكمال و نيل تلك المقامات فيحوّل عوامل التأخر إلى عوامل للتقدم – و مثال ذلك ما حدث ليوسف النبي على نبينا و آله و عليه السلام حيث أراد إخوته أن يبعدوه عن نيل الكمال و المقامات بحسدهم و بطرحهم له في غيابت الجب و بيعهم إياه و الذهاب به إلى مصر ليباع عبداً و اتهامه و سجنه و … ،  فكل ذلك عوامل لتسقيط يوسف عليه السلام إلا أنها أصبحت بإذن الله و تدبيره جلا و علا سبباً لبلوغه أعلى المناصب و المقامات و … كما لا يخفى  – فهو جل و علا الحري بأن يتعلق القلب بتدبيره و ربوبيته دون سواه فإن التوكل بمعنى إيكال العمل إلى من هو قادر عليه و لا قادر سواه سبحانه و تعالى … و إذا كان هو القادر و كان جميع من سواه عاجزين عن فعل شيء إلا بإذنه كان المتوكل نفسه أيضاً من جملة من سواه فإذا كان متوكلاً حقاً فعليه أن يتبرأ من حول نفسه و قوته فلا يرى لنفسه قدرة على فعل شيء و هو مضمون قولهم ” و التبري من الحول و القوة ” أو أن المقصود التبري من الحول و القوة لمن سواه و هو من جملة من سواه ، فلا حول و لا قوة إلا به ،  فإذ بلغ إلى هذا الإعتقاد و آمن بذلك كان متوكلاً على الله تعالى حقاً و تحققت حقيقة التوكل فيه … 

        أيوب الجعفري