وردني رد يقول فيه الراد أن العرفاء يخلطون الحق و الباطل و كلام آل البيت بباطلهم و إذا كانوا يشاهدون فلماذا يختلفون في مشاهدتهم و لماذا يمدحون الحلاج ؟
: و نقول في الجواب
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
للعرفاء مصطلحات قد لا يستسيغها البعض لعدم معرفتهم بمصطلحاتهم و قد أشار السيد الامام قدس سره إلى ذلك بمثال أن ثلاثة أحدهم من العرب و الآخر من الأتراك والثالث من الفرس كانوا يتنازعون في العنب فالعربي كان يقول أن هذا عنب و الفارسي كان يقول بل هو ” انگور ” و الثالث ذكر الکلمة التركية الدالة على العنب فتنازعوا لأجل أن كل واحد منهم لم يفهم مقصود الآخَرَين فجاء العارف باللغات الثلاث فبين لهم أن هذه عبارات مختلفة لمعنى واحد فلماذا هذا النزاع .. و كان يقول السيد الإمام أولاً اعرفهوا مقاصد العرفاء ثم استشكلوا عليهم ، و لا بأس بالاشكال على بعض مطالب العرفاء فأن العرفان من هذه الجهة شأنه شأن سائر العلوم حتى العقلية التي قل ما يتفق الاختلاف فيها لأجل ابتنائها على قواعد عقلية متقنة ، فمن الممكن أن نستشكل على مطلب عرفاني و لكن هذا لا يعني أن العرفان باطل فإن العرفان هو طريقة خاصة للمعرفة و هي المعرفة الشهودية القلبية ، كما أن الأصوليين يستشكلون على بعض المطالب الأصولية التي ذكرها الآخرون و مع ذلك لا يقولون أن ذلك دليل على بطلان علم الأصول و كذا في النحو و الصرف و الفقه و البلاغة و علم الرجال و الدراية و التفسير و علوم القرآن و… و ليس العرفان خارجاً عن هذا القانون و هذه القاعدة فالسيد الامام أو العلامة الطباطبائي قد يختلف أحدهما أو كلاهما مع بعض العرفاء الآخرين في بعض المطالب العرفانية و لكنهما لا يقولون بأن العرفان باطل بل هذا الرأي العرفانية في نظري غير صحيح ، هذا في العرفان النظري و أما في العرفان العملي فمن المعلوم أنه إذا شاهد أحد حقيقة معرفية بقلبه لا يمكن رده عن ذلك و القول له : ” لا تشاهد ذلك ” ، فمدح الحلاج أولاً لا يعني قبول جميع نظرياته العرفانية كما أن مدح فقيه لا يعني قبول جميع آرائه الفقهية و ثانياً يلزم معرفة المقصود من الأقوال المنسوبة إليه ثم إذا كان فيه إشكال فليستشكل أهله على نظريته ، و لكن ليكن معلوما أن علم العرفان من أدق العلوم التي لا يمكن لكل أحد أن يفهم مقاصده فكيف بالاشكال فيه أو في النظريات التي تطرح فيه …