ما المقصود من : ” حتى أتاك اليقين ” ؟ 

  ( حتى اتاك اليقين ) في زيارة وارث هل يعني ان الامام عليه السلام  لم يكن له يقين ثم اتاه الله اليقين ام هي درجات عند الله  ؟

الجواب :

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

  * هذه الجملة لا تختص بالإمام الحسين عليه السلام بل قد وردت في زيارة النبي صلى الله عليه و آله و سلم و أمير المؤمنين و الإمام الحسين و غيرهما من الأئمة عليهم جميعاً سلام الله  .. 

   * لليقين درجات غير متناهية لأن اليقين يتعلق بالمسائل المعرفية و من جملة ما يجب معرفته هو الله تعالى و أسمائه الحسنى و صفاته العليا ، و هو سبحانه و تعالى موجود غير متناهٍ فالمعرفة به تعالى غير متناهية ، و كلما ارتقى العارف درجةً كانت هناك درجة أعلى .. فالحسين عليه السلام قد بلغ درجات عليا من المعرفة و اليقين إلا أن هذه المعرفة لا تنتهي درجاتها .. 

  * مضافاً إلى أن الروايات تُفَسِّر اليقين بالموت فقوله تعالى :  ” و اعبد ربك حتى يأتيك اليقين ” أي حتى يأتيك الموت ، فالمقصود أنك يا أبا عبدالله قد جاهدت في الله حق جهاد حتى أتاك الموت بالإستشهاد في سبيل الله تعالى ( و يمكن أن يقال أن إطلاق اليقين على الموت إنما هو لأجل أن الموت يوجب اليقين لغير أهل اليقين ،  فبالموت يحصل اليقين بما كنا نعتقد و نعمل و نتخلق و بنتائج العقائد و الأعمال و الأخلاق ..  و بالموت نرى ملكوت الأعمال و العاملين حيث أن جزاء الإنسان إنما هو عمله فتظهر  حقيقة العمل و ملكوته بالموت فالنعيم المقيم في جنات النعيم ، باطنُ و ملكوت و حقيقة العقائد الحقة و الأعمال الصالحة  و الأخلاق الفاضلة ، كما أن النار و الجحيم و العذاب المقيم ، باطنُ و ملكوت و حقيقة العقائد الباطلة و الأعمال السيئة و الأخلاق الرذيلة ،  مضافاً إلى حقيقة و ملكوت نفس المكلفين فيومئذ تظهر السرائر  و تتكشف الحقائق و  يظهر للجميع من كان في الدنيا إنساناً و بقي على إنسانيته فيُحشر إنساناً يسعى نوره بين يديه و بيمينه ، و من كان إنساناً و لكنه تحول بأعماله و أخلاقه و عقائده حيواناً فلم يبق على إنسانيته فيُحشَر حيواناً و …  فهناك يحصل اليقين  بهذه الأمور – فبصرك اليوم حديد – …) 

   * كما يمكن تفسير اتيان اليقين بتحقق المُتَیَقَّن و المعلوم فيما يتعلق بعالمي البرزخ و القيامة مضافاً إلى اليقين و المعرفة بالله تعالى ،  كما يقال أن الله تعالى يبتلي و يمتحن المكلفين ليعلم الصادقين و الكاذبين حيث فسره المحققون بتحقق المعلوم فالله يعلم بما سيوجد قبل وجوده الخارجي فإذا وُجد فقد تحقق معلومه في الخارج بالفعل و هذا هو المقصود من أمثال قوله تعالى وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ” و قوله جل و علا : ” وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْب “    و كذلك أهل البيت عليهم السلام يعلمون بعالمي البرزخ و القيامة و ما سيجري عليهم و على غيرهم فيهما فإذا ارتحلوا من الدنيا تحقق معلومهم فيرون النعيم المقيم المُعَدّ لهم و الدرجات العليا التي نالوها بطاعتهم لله تعالى و الدعوة إلى دينه جل و علا و التضحية بالنفس و النفيس لأجل الحفاظ على هذا الدين و إحيائه و نشر معارفه و … فكانوا يعلمون بما أخفي لهم من قرة أعين و لكنهم بالارتحال من الحياة الدنيا تحقق لهم ما كانوا يعلمون و ما كانوا على يقين به و ..

ليلة الجمعة  ١٠ صفر ١٤٣٨ هـ ق – ۱۱/ ۱۱/ ۲۰۱۶ م