السلام عليكم والرحمة
آية التصدق بالخاتم هي اية الولاية في عدم موالاة اليهود والنصارى وموالاة المؤمنين
وسياق الايات هو :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة :54_ 56]
سياق الايات السابقة نجدها تتكلم عن النهي عن تولي غير المؤمنين والامر بتولي المؤمنين وبيان عاقبة من يتولى الكافرين والمؤمنين .
فلو كانت الاية التي استدللت بها خاصة بالولاية فلما قال وليكم الله ولم يقل انما من يتولى عليكم
فهناك فرق بين الولاية بفتح الواو وكسرها
واتماما للفائدة الولاية بالفتح هي المناصرة وبكسرها هي التولي
لذلك قال الفقهاء في بيان الفرق بينهما اذا اجتمع الولي والوالي في جنازة قدم الوالي وقيل يقدم الولي .
ذكر ذلك ابن كثير وابن جرير في تفسيرهما وقد عقب المفسرين رحمهما الله بقولهم بأن كل الاحاديث الواردة في أحاديث ضعيفة لا تنجبر
لو صح ذلك عن أمير المؤمنين :
السؤال الذي يطرح نفسه الان هل كان أمير المؤمنين حين تصدق بالخاتم غنيا ام فقيرا ؟
*لقد كان امير المؤمنين فقيرا حتى استشهد*
وسياق الاية تقول الذين يؤتون الزكاة
والزكاة لا تجب الا على من بلغ النصاب .
ولذلك كيف يؤتي الزكاة وهو فقير رضي الله عنه ؟
وكيف الشيعة يستدلون بهذه الاية بأنها آية الولاية؟
احد الاخوة يستشكل هذا الامر علينا
* و السؤال الثاني : هل يوجد دليل صريح من القرآن بوجوب الإيمان بإمامة الأئمة الإثني عشر ، مثل مانزلت بآية صريحة على النبي محمد ص
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ۚ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)
[سورة النساء 136]
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
* اتفاق الفريقين بل جميع الفرق الإسلامية قائم على أن الآية نزلت في تصدق علي عليه السلام بالخاتم و السند إنما يتمسك به لإثبات حجية الرواية فيما إذا كان الخبر من الآحاد و أما المتواتر فلا يحتاج إلى سند و الروايات التي تدل على نزول الآية في شأن تصدق علي عليه السلام بخاتمه كثيرة .. و الزكاة في لسان القرآن أعم من الزكاة الواجبة و المستحبة و هناك آيات تدل على الزكاة في بداية البعثة النبوية و لم تكن الزكاة الواجبة قد شُرِّعت و لم يكن المسلمون أو غالبيتهم یملکون شیئاً لتجب عليهم زكاته ..
هذا و الآية تتحدث عن الزكاة التي آتاها ذلك المؤمن الذي نزلت الآية في شأنه و هي تتحدث عن ايتاء الزكاة في الصلاة حالة الركوع و هل يمكن القول بأن ذلك المؤمن قد وضع أمامه أمواله الزكوية و هو يصلي فجاء الفقير و أعطاه تلك الأموال حالة ركوعه في الصلاة ؟! الثابت تاريخياً و روائياً أن علياً عليه السلام قد تصدق بخاتمه في ركوع صلاته و هذا من الزكاة المستحبة ..
و أما مسألة الولي فقد قرن الله تعالى ولاية ذلك المؤمن بولايته جل و علا و ولاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و ولاية الله و رسوله – باعتبار رسالته – على المؤمنين ولاية الحكم فولاية ذلك المؤمن أيضاً ولاية الحكم و ليس مجرد الحب و النصرة ، و الآية لم تعبِّر بالولایة بالفتح حتى يقال أن الولاية بالفتح بمعنى المناصرة بل تتحدث عن الولي و الولي هنا بالقرائن المذكورة و ما سيأتي هو الحاكم المتولي لإدارة شؤون المجتمع ..
هذا مضافاً إلى أن الآية تتحدث عن أولياء المؤمنين فلو كان المقصود ولاية الحب و المناصرة لقال – كما في آية أخرى – المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض ، لا : ” إنما وليكم الله و رسوله و المؤمنون ” فيلزم بيان الموضوع بشكل يكون المعنى المحبة و المناصرة و بما أن الحب و المناصرة ليس من طرف واحد بل الكل يلزم أن يحب و ينصر المؤمنين فالتعبير المناسب لذلك هو : ” بعضهم أولياء بعض ” لا ” إنما وليكم الله وأضف إلى كل ذلك أنه إذا كانت الولاية هنا بمعنى المناصرة لزم وجوب نصرة المؤمنين الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة حالة الركوع فقط و إن قلتم أن ذلك عنوان مشير يشير إلى من قام بذلك فقط لزم وجوب نصرة علي عليه السلام فقط و لا يمكن الالتزام بذلك – مضافاً إلى أن ذلك منافٍ لمعتقدات هؤلاء حيث أن لازمه عدم وجوب نصرة الصحابة و من جملتهم الخلفاء غير علي عليه السلام – ، و أما إذا كانت الولاية بمعنى تولي منصب الحكم فلا يحدث إشكال فإن الولاية بمعنى تولي إدارة شؤون المجتمع يكون للبعض لا للجميع و الآية قد أشارت إلى ذلك البعض بعنوان مشير – و إن كانت منطبقة على سائر الأئمة عليهم السلام لوجود ملاك الولاية الإلهية فيهم كما بينا ذلك في بعض الأجوبة ..
و أيضاً لو كانت الولاية بمعنى المناصرة لكان المعنى : أيها المؤمنون إنما ناصركم الله و سوله و المؤمنون ، و إذا حذفنا المعطوف عليه كان المعنى : أيها المؤمنون إنما ناصركم المؤمنون ، و هذا من الاستهجان بمكان فإنه تعبير غير بليغ أولاً و القرآن في قمة البلاغة ، و توضيح لأوضح الواضحات ثانياً فهو غير محتاج للبيان فمن المعلوم للجميع أن ناصر المؤمنين و محبهم هو الله و رسوله و المؤمنون و هذا لا يحتاج إلى بيان فكيف بالتأكيد و الحصر ، نعم لو كان يريد ترتيب أثر غير كونهم متحابين و متناصرين لكان للكلام بهذه الصورة وجه وجيه كما في آية أُخُوّةِ المؤمنين ( إنما المؤمنون إخوة) حيث يريد أن يأمرهم بإصلاح ذات البين فيما إذا شجر بين المؤمنين نزاع و شجار أو نشبت حرب .. فيقول ما دمتم إخوة فيجب أن يكون الصلح و أجواء الأخوّة هي السائدة بينكم و إذا اندلعت حرب أو نشب نزاع فيما بينكم وجب على سائر الإخوة أن يصلحوا فيما بين المؤمنين : ” فأصلحوا بين أخويكم ” و .. و كذلك آية كون المؤمنين بعضهم أولياء بعض فإن ولاية المحبة و المناصرة تقتضي أن نعمل على تكامل المؤمنين و حركتهم نحو الفلاح و السعادة و أن نمنعهم من ارتكاب ما يمنعهم من الوصول إلى الكمال و السعادة فالمحب ناصح لمحبوبه و النصح يقتضي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و لهذا جعل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر نتيجة لكون بعضهم أولياء بعض : ” و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و .. ” ، و أما في هذه الآية فلا يُرَتِّبُ غير التولي ، و التولي هو قبول ولاية من تولّى منصب الحكم و لهذا جاء في الآية التالية – خلافاً لما ادعاه هذا الكاتب حيث قال ليس الولي هنا بمعنى المتولي – أن تولي الله و الرسول و الذين آمنوا المشار إليهم في الآية السابقة موجب للغلبة على أعداء الله و الدين : ” و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ” …
و تفصيل الكلام و توضيح الآية و ذكر الشواهد الروائية و التاريخية يتطلب مجالاً أوسع ..
* الآيات التي تدل على لزوم الإيمان بما أُنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تدل على لزوم الإيمان بالإمامة و ولاية أهل البيت عليهم السلام فإن الآية السابقة – إنما وليكم الله و .. – تدل على ولاية أمير المؤمنين و إمامته عليه السلام كما أشرنا إليه فيجب الإيمان بها لأنها مما أنزل الله ، مضافاً إلى أن علياً عليه السلام نفس النبي كما في ، آية المباهلة فإذا وجب الإيمان بالنبي و بولايته صلى الله عليه وآله وسلم وجب الإيمان بولاية علي عليه السلام لأنه نفسه …
أيوب الجعفري
ليلة السبت ٢ شعبان المعظم ١٤٣٨ هـ ق
الموافق ۲۹ / ٤ / ٢٠١٧ م
_______________________________
بعد ما تم إرسال الجواب السابق إلى المستفسر المحترم ، قام بإرساله إلى المستشكل على دلالة الآية على ورود الإيمان بالإمامة بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، أرسل – ذلك المستشكل – ملكاً صوتياً يقول فيه أنني أريد آية محكمة تدل على لزوم الإيمان بالإمامة ، لا الآيات المتشابهة ، ثم قال و المتشابه هو ما يحتاج إلى تفسير و لكن المحكمات هو ما لا يحتاج إلى تفسير كقوله تعالى : ” محمد رسول الله ” فهذا لا يحتاج إلى تفسير ، فهل توجد آية محكمة تدل على إمامة علي و الأئمة من ولده أو لا توجد ؟
فأرسلت له ما كتبته سابقاً عن الإمامة في القرآن و أضفت إليه جواباً لما ذكره هذا المستشكل و هذا نص الجواب الجديد :
يجب أن نكون في الأبحاث العلمية موضوعيين و ننعدم في الإستدلال بمنهجية علمية لا سيما في المسائل الإعتقادية ، لا أن نخدع العوام فنفسر الآيات و الروايات بالأهواء و التعصبات المذهبية ، و لهذا نقول أن تفسير هذا الشخص للحكم و المتشابه خلاف الواقع و تفسير بالرأي فإن المتشابه ما اشتبه علمه على جاهله لا ما لا يحتاج إلى تفسير و إلا لكان جميع القرآن متشابهاً لأن المفسرين يفسرون جميع الآيات ..
بل القرآن أيضاً يفسر بعضه بعضاً كما أن الحديث يفسر بعضه بعضاً و هذا ما صرح به بعض علماء أهل السنة أيضاً ، و لو كان المتشابه هو الذي لا يحتاج إلى تفسير لكانت الأحادث أيضاً متشابهة ..
مضافاً إلى أنه لو كان المتشابه ما يحتاج إلى تفسير لزم أن يتبدل المتشابه بعد تفسيره إلى آية محكمة و إذا أصبحت بعد التفسير محكمة لزم الأخذ بها لا ردها بذريعة التشابه …
أضف إلى ذلك أنه لم يقل أحد من مفسري أهل السنة و محدثيهم و فقهائهم و سائر علمائهم – فضلاً عن الشيعة – أن قوله تعالى : ” إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة و هم راكعون ” من الآيات المتشابهة ، فإن معنى الآية واضح جداً و لكن يجب أن نعرف من هو ذلك المؤمن الذي نزلت فيه هذه الآية – كما هو شأن سائر الآيات – و قد دلت الروايات أن علياً عليه السلام هو من نزلت هذه الآية بشأنه و لا يختص نقل تلك الروايات بالشيعة بل قد ورد ذلك في مصادر أهل السنة أيضاً ففي المعجم الأوسط للطبراني ج ٦ ص ٢١٨ : ” عن الحسن بن زيد عن أبيه زيد بن الحسن عن جده قال سمعت عمار بن ياسر يقول وقف على علي بن أبي طالب سائل وهو راكع في تطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه ذلك فنزلت على النبي صلى الله عليه و سلم هذه الآية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) فقرأها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ” و نقله الهيثمي أيضاً في مجمع الزوائد عن الطبراني ، كما روى ذلك الزيعلي في كتابه تخريج الأحاديث و الآثار ج ١ ص ٤٠٩ عن مصادر مختلفة لأهل السنة ..
فإذا ثبت بالأحاديث أن مصداق الآية علي عليه السلام ثبت أو الولاية بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي و إذا كانت الولاية لعلي وجب الإيمان بولايته لأنه مما أنزل الله تعالى و القرآن يدل على وجوب الإيمان بما أُنزل الله تعالى و يمدح المؤمنين به و يذم الكافرين بما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم و يعدهم العذاب في آيات كثيرة ( ففي بداية سورة البقرة يصف المؤمنين بما أنزل الله على النبي صلى الله عليه وآله وسلم و على الأنبياء السابقين بأنهم على هدى من ربهم و أنهم المفلحون حيث قال عز من قائل : ” .. و الذين يؤمنون بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك و بالعترة هم يوقنون ، أولئك على هدىً من ربهم و أولئك هم المفلحون ” و قال عز من قائل : ” وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ” و قال جل جلاله : ” وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ، بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ” عشرات الآيات الأخرى ) ..
مضافاً إلى أن من ثبتت له الولاية الإلهية وجبت طاعته كما قال تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ” و قد بينا ذلك في بعض أجوبتنا . . .
أيوب الجعفري
ليلة الإثنين ٤ شعبان المعظم ١٤٣٨ هـ ف
الموافق ١ / ٥ / ٢٠١٧ م