جواباً على ما ذكره السيد الحيدري من أنه لا يمكن إثبات ضرورة أصل الإمامة بالعقل نقول :
الأدلة العقلية على ضرورة الإمام و كون الإمامة ضرورة ، متعددة و لا أدري كيف غفل عنها أو عن دلالتها السيد الحيدري ، فنفس أدلة ضرورة النبوة العامة أدلة كافية و متقنة لضرورة الإمامة أيضاً ، و منها قاعدة اللطف و كون الإمامة من مُقْتَضَیات الكمال المطلق و الرحمة الرحيمية الربانية و إذا لم يصدر ما هو رحمة و كمالٌ ممن هو عين الكمال و من هو الكمال المطلق لزم أن لا يكون كمالاً مطلقاً و عين الكمال و هو خلف افتراض كونه عين الكمال و الكمال المطلق – و بيانه موكول إلى محله – ..
هذا مضافاً إلى أن الإمامة إذا كانت لطفاً فتركها نقض لغرض الحكيم على الإطلاق حيث أن غرض الحكيم لا يتعلق إلا بما هو راجح و وجود الإنسان الكامل راجح في نفسه و لأجل أن يكون واسطة الفيض في قوسي النزول و الصعود بأن يكون مجرى الفيض الرباني فتنزل البركات المادية و المعنوية و المعرفية على الخلق من قبل الله تعالى على الناس ببركته و عن طريقه كما يكون واسطة إبقاء و تفصيل الفيض المعنوي و المعرفي و الديني ، و في قوس الصعود هو الواسطة في تحصيل القرب العبودي إلى الله تعالى لأجل أن معرفة العقائد و الأخلاق و الأحكام تتم من خلال بيان الإنسان الكامل و .. و الإمام كالنبي هو الإنسان الكامل ..
و من جهة أخرى يمكن تقسيم الأمور التي يمكن تحققها في العالم إلى خمسة أقسام – كما يذكرها الفلاسفة في مختلف الأبحاث المتعلقة بالموجودات و بفعل الله تعالى و في حل معضلة وجود الشرور في العالم و .. – فالشيء الذي يراد إيجاده أو جعله إما خير محض أو خيره أكثر من شره أو خيره مساوٍ لشره أو شره أكثر من خيره أو أنه شر محض و الله تعالى الكامل بالذات و على الإطلاق لا يمكن أن يصدر منه ما هو شر محض لأنه مناف لكونه عين الكمال الذي يمتنع صدور الشر المحض منه و لأنه ترجيح للمرجوح على الراجح ، و كذا لا يمكن صدور ما شره أكثر من خيره لأنه ترجيح للمرجوح على الراجح ، كما لا يصدر منه ما خيره مساوٍ لشره لكونه ترجيحاً بلا مرجح ، فيبقى ما هو خير محض و ما خيره أكثر من شره فالله تعالى يفعل و يوجِد ما هو خير محض قطعاً ، و كذا ما خيره أكثر من شره لأن ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شرٌّ كثير و قد قلنا أنه لا يفعل ما شره أكثر من خيره فيلزم أن يصدر منه الخير الكثير و إن استلزم الشر القليل ..
و إذا تبين ذلك فمن المعلوم أن الإمامة ليست شراً محضاً و لا شرها أكثر من خيرها و لا شرها مساوياً لخيرها ، فيبقى إما أن تكون خيراً محضاً – و هي كذلك لأنها السبب المتصل بين السماء و الأرض و واسطة الفيض كما سبق و نظام الأمة و العلة المبقية للشريعة التي يراد بقاؤها إلى يوم القيامة و … – و إما أن خيرها أكثر من شرها و على كلتا الحالتين يلزم جعلها من قِبَل الله تعالى لأنه لا يترك الخير المحض كما لا يترك الخير الأكثر لأجل الشر القليل لأن ذلك شر كثير كما سبق ، مضافاً إلى أنه يريد بقاء الدين إلى يوم الدين كما يريد إيصال العباد إلى الكمال و لا يمكن إلا بوجود النبي أو الإمام ، و النبي قد ارتحل عن الدنيا فيبقى أن يكون الإمام هو من يقوم بهذا الأمر و يحقق الهدف الإلهي بين العباد ..
و هناك أدلة أخرى …
موفقين لكل خير
يوم الجمعة ٧ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ ق
الموافق ۶ / ۱ / ۲۰۱۷ م