بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
يا رُقية مدد
يا زهراء مدد
كَثُر النقاش في الآونة الأخيرة حول قضية كلاب رُقية ع،،، وكثرت الأسئلة حول هذا الموضوع!
كيف تلقبون أنفسكم بالكلاب؟ وكيف تربطون إسم أهل البيت بما هو نجس؟ إن الله كرم الإنسان فلماذا تذللون أنفُسكم؟ وغيرها من الأسئلة الخلافية!
أحاول في بحثي البسيط المتواضع أن أجيب هذه الأسئلة على قدر فهمي القاصر،، فأسأل من الله التوفيق ومن فاطمة وآلها عليهم السلام المدد!
وأشكر كل من ساهم وساعد وشارك في نشر هذا البحث!
ياعلي…
قال الله تعالى في مُحكم كِتابِهِ الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم؛ “وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ” الكهف : 18
في البداية أُحب أن أنوه بأن هذا الكلام لم نأتي به من هوانا… لكننا نقتدي بعلمائنا العظام فمنهم نتعلم ونأخذ عقائدنا ومبادئنا ومعرفتنا بمحمد وآل محمد،،،، فالشيخ الطوسي قدس الله سره وأعلى الله مقامه، المسمى بنصير الدين،، ويكفيني بتعريفهُ كطالب من أوائل طلاب الشيخ المفيد رحمه الله… والشيخ المفيد هو من قال له صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف: ” أفِد يا مفيد، منك الفتيا ومنّا التسديد”
الشيخ الطوسي قد أوصى بأن يتم دفنه عند الإمام الكاظم عليه السلام ويُكتب على قبره هذه الآية الشريفة: “وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ”،،،، كما فعل ذلك الحسين بن الحجاج فقد وضعوا الآية على قبورهم الشريفة… فقد وصلوا لدرجة من معرفة آل البيت وأبوا إلا أن يقبلهم الإمام كلاباً له!!
وكذلك آية الله العظمى المرجع الشيخ الوحيد الخراساني زعيم الحوزة العلمية في قم المُقدسة حفظه الله ورعاه وسدد خطاه وهو من أبرز طلاب السيد الخوئي رحمهُ الله ، يبين في كتابه “مقتطفات ولائية” بأنه يتبصبص تبصبص الكلب لصاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف …
فهل هؤلاء العلماء العظام والكبار لا يعلمون بأن الله كرم الإنسان؟ أم لم يعلموا بأن الكلب نجس؟
أما نقطة نجاسة الكلب؛ فقد أجاب ورد على هذا الموضوع السيد مهدي الجزائري في إحدى خطبه وقال في مضمون كلامه: عندما تُشبه الناس فلاناً بالأسد! فنأخذ بهذا التشبيه بأن فلان شُجاع وقوي ومقدام وغيرها من الصفات الحميدة للأسد، لكن الناس لا تلتفت إلى صفات الأسد المذمومة؛ كنتانة فمه وريحه!
كذلك الحال مع قضية الكلاب، فإن الناس لا تنظر الى الصفات المحمودة في الكلب، فإن أمير المؤمنين عليه السلام يقول: طوبى لمن كان عيشه كعيش الكلب ففيه عشر خصال، فينبغي أن تكون كلها في المؤمن، أولها ليس له مقدار بين الخلق وهو حال المساكين، وثانيها أن يكون فقيراً ليس له مال ويكون صفه المجردين، وثالثها ليس له مأوى معلوم والأرض كلها بساط له وهو من آداب المتوكلين، ورابعها أكثر أوقاته جائعاً وهو من آداب الصالحين، وخامسها إن ضربه صاحبه لايترك بابه وهو من علامات المريدين، وسادسها لاينام من الليل إلا اليسير وذلك من صفات الخاشعين، “وسابعها أن يُطرد ويُجفى ثم يُدعى فيجيب ولايحقد وذلك من علامات العاشقين”، وثامنها أكثرعمله السكوت وذلك من علامات المرتاضين، وتاسعها يرضى بما يدفع إليه صاحبه وهو حال القانعين، وعاشرها إذا مات لم يبق له شيئ من الميراث وهو مناقب الزاهدين. (عجائب الملكوت ص297/ الكتاب المبين ج2 ص80)
ففي الكلب كُل هذه الصفات المحمودة والتي حثَ عليها مولانا يعسوب الدين “وأسد الله الغالب #فافهم”، علي بن أبي طالب روحي له الفداء!
النقطة الخلافية الأخرى وهي تذليل النفس، وقد كرم الله الإنسان،،، والإجابة على هذا السؤال يُختصر في هذه الرواية عن مولانا الصادق روحي لهُ الفداء؛
عن جابر المكفوف، عن أبي الصامت قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام وهو يقول: من أتى قبر الحسين عليه السلام ماشيا كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة، ومحى عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة، فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلق نعليك، وامش حافيا، “وامش مشي العبد الذليل” ، فإذا أتيت باب الحائر فكبر أربعا، ثم امش قليلا، ثم كبر أربعا، ثم ائت رأسه فقف عليه فكبر أربعا، وصل عنده وسل الله حاجتك.
هذا تصريح من مولانا الصادق روحي له الفداء يأمرنا بتذليل النفس للأئمة بأبي هم وأمي!
وكما أتى في الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن إمامنا الهادي روحي له الفداء: “طَأْطَأَ كُلُّ شَرِيفٍ لِشَرَفِكُمْ وَبَخَعَ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطاعَتِكُمْ وَخَضَعَ كُلُّ جَبَّارٍ لِفَضْلِكُمْ وَذَلَّ كُلُّ شَيٍ لَكُمْ” وكلمة ال”شيء” تشمل وتعم كل مخلوق! #فافهم
وقال الله تعالى في القرآن الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم؛ “وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً” (الإسراء:24)
فالباري عز وجل يأمرنا بأن نذلل أنفسنا لوالدينا! فكيف لا نذُل أنفسنا لمحمد وآل محمد صلوات الله عليهم!
وقد قال أبا الزهراء روحي له الفداء: ” أنا وعليّ بن أبي طالب أبوا هذه الأمة، ولحقُّنا عليهم أعظم من حقّ والديهم ، فإنّا ننقذهم – إن أطاعونا – من النار إلى دار القرار ، ونلحقهم من العبودية بخيار الأحرار.
” وقال مولانا الإمام الحسن العسكري روحي له الفداء: (ولقد قال الله تعالى : “وبالوالدين إحسانا”، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل والديكم وأحقهما بشكركم محمد وعليّ.) (تفسير الإمام ص133)
وقال أبا الزهراء صلوات الله عليه وآله: حقّ عليّ على المسلمين كحقّ الوالد على ولده. (أمالي الصدوق ص213)
وهناك من يقول لماذا لا تكتفون بتسمية أنفسكم بخدام الحسين عليه السلام!؟
فإجابتنا هي: بأننا لم ولن نصل لهذه المرتبة العظيمة، فلقب “خادم الحسين” مرتبة لا ينالها إلا العظماء!! فخادم الحسين الحقيقي هو مولانا أبو الفضل العباس روحي له الفداء،،، فهو بأبي وأمي كان ينادي أخيه الحسين “سيدي” و “مولاي” طوال حياته ولم يناديه أخي،مبيناً لنا مقام وعظمة الإمامة وشرف خدمة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم وسلامه!
أما خادمة الحسين فهي مولاتنا أُم البنين،،، حيث لم تقبل الزواج بأشرف الخلق مولانا أمير الؤمنين إلا بعد أن يقبلُها الحسن والحسين وزينب خادمةً لهم!
ومثال آخر على خدمة آل بيت النبوة، هم قنبر وفضة روحي لهم الفداء، فلقد كانوا من ملوك الحبشة، إلا أنهم أبوا إلا أن يكونوا خداماً للزهراء وعلي بن أبي طالب عليهم السلام، وذلك لأنهم عرفوا معنى التسليم وتذليل النفس لآل بيت النبوة!
فكيف أُلقب نفسي خادماً للحسين عليه السلام وأقارن نفسي بمن ضحى بيمينه وشماله من أجل الحسين عليه السلام، وبمن فدت أولادها الأربعة، طالبةً بذلك نظرة رضا من الزهراء روحي لها الفداء، وبفضة التي كانت تتكلم بالقرآن، وبقنبر الذي كان بمثابة الذراع الأيمن لأمير المؤمنين؟!
وأيضاً، عندما كان جبرائيل وإسرافيل عليهم السلام يتفاخران فيما بينهم، أوحى الله تعالى إليهما أن إسكتا فوعزتي وجلالي لقد خلقت من هو خيرٌ منكما، إنظرا إلى ساق العرش، فنظرا وإذا على ساق العرش “لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله” فقال جبرائيل عليه السلام: بحقهم عليك، إلا ما جعلتني خادماً لهم، فقال الله تعالى: لك ذلك!، فافتخر جبرائيل بذلك.(المنتخب ص 291)
فخدمة الأئمة، يتفاخر بها الملائكة، وذلك لأنهم عرفوا مكانتهم وقدرهم عند الله عز وجل!!
فأين نحن من هذا المقام الرفيع!!؟
أما فيما يخص كرامة الإنسان، وأن الله رفعه وكرمه على سائر المخلوقات،،،
فإن الله تعالى يقول: ” أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا”
فالباري عز وجل يبين بأن هنالك من البشر من هم أدنى من الأنعام لكثرة ذنوبهم وعدم طاعتهم لله تعالى!
وأيضاً في قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: أما وإن الله وملائكته وجبرئيل وميكائيل عنك راضون، أما والله لولا أن يقول فيك طوائف من أُمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت اليوم فيك قولاً لا تمر بملاء منهم، قلوا أو كثروا، “إلا قاموا إليك يأخذون التراب من تحت قدميك يلتمسون في ذلك البركة!” (تفسير فرات: 153)
فلماذا لا تستشكلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله عندما قال بأن الناس تتبرك من التراب الذي يطأه أمير المؤمنين عليه السلام بقدميه؟ أليس في ذلك إهانة لكرامة الإنسان؟!
فيما يخص قضية أهل الكهف وسبب نجاة كلبهم!
خلاصة قصتهم كما جاءت “في كتاب البرهان لتفسير القرآن”؛ عندما هرب أهل الكهف من قومهم، لحق بهم كلبهم، فخافوا أن يفضحهم بنباحهُ، فأرادوا أن يهجروه إلا أنه أبى وتبعهم، فضربوه بالحجارة مراراً إلا أنه أصر أن يتبعهم، فأنجاه الله وجعله معهم لشدة إخلاصه وحبه لهم!
فكيف لا أنجو وأنا كلب رقية بنت الحسين عليه السلام!
نحن نقتدي بكلب أهل الكهف وشدة حبه ووفائه ،،، ونذلل أنفسنا لمولاتنا رقية روحي لها الفداء آملين أن تقبلنا كلاباً لها فننجوا بطاعتنا وإخلاصنا لها ولآلها الأشراف.
بالختام…
عن أبي الصامت قال: قال صادق الأئمة مولانا جعفر بن محمد عليه السلام: حديثنا صعبٌ مستصعب، شريفٌ كريم، ذكوان، ذكي، وعر، لا يحتمله ملكٌ مقرب، ولا نبيٌ مرسل، ولا مؤمن ممتحن. قُلت: فمن يحتملهُ جُعلت فداك؟ قال عليه السلام: من شِئنا يا أبا الصامت. (بصائر الدرجات: 10/22)
فكما صرح إمامنا الصادق روحي له الفداء، التسليم والتذليل والطاعة لآل محمد وحديثهم، أمرٌ يحتاج لتوفيق وإختيار منهم، بأبي هم وأمي… فعلى كل من يتقبل هذه القضية برحابة صدر أن يشكر الزهراء وآلها على هذا التوفيق وعلى النعمة التي منّوا بها عليه.
بقلم خادمكم: عبدُ الزهراء و كلب رُقية!
أحد المؤمنين
شيخنا الفاضل .. هذا ما وصلني من بعض اﻹخوة الموالين منسوب إلى بعض المشاهير من العلماء .. فهل صحيح و يعقل ما نسب إليهم .. أفيدونا رحمكم الله .. موفقين لكل خير
الجواب :
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المقال الذي نقلتموه يشتمل على عدة مغالطات و رأيت أنه خالٍ عن التحقيق و البحث العلمي و لهذا صرفت النظر عنه و لكن نزولاً عند أمركم أقول مختصرا :
أولاً قول أنا كلب فلان غير التظاهر بمظهر الكلب أمام الناس فهو مسيء لا لمن يظهر بهذا المظهر فحسب بل لمن يريد القول بأنه كلبه ، ألا يقول أعداء الدين و المذهب أن هؤلاء قد ربوا أتباعهم على أن يكونوا كلاباً لهم ..
و ثانياً لو افترضنا أن عدة من العلماء قالوا بذلك و لكن هناك من العلماء أيضاً من لا يقول بذلك بل ينهى عنه ..
و ثالثاً لو افترضنا أن ذلك أمر حسن و لا إشكال فيه شرعاً و لكن أصبح في عصرنا موجباً لوهن الدين و المذهب فإن هذا العنوان الطاري يجعل المستحب محرماً فكيف بالمباح لا سيما إذا كان جوازه أيضاً محل نقاش ، فلو افترضنا أنه عمل مباح شرعاً بل قلنا أنه مستحب فإنه مباح أو مستحب بالحكم الأولي و أما بالحكم الثانوي فهو حرام لإيجابه وهن الدين – و قد بيّنا في بعض أجوبتنا على الأسئلة الواردة معنى الحكم الأولي و الثانوي فلا نعيد – ..
و أما تذليل النفس فليس معناه الظهور بمظهر الكلب أجلكم الله بل معناه التواضع التام و نبذ الكبر فمن يزور الحسين عليه السلام عليه أن لا يمشي متبختراً متكبراً ، كما أن قوله عليه السلام : طأطأ كل شريف يعني نزّل كل شريف رأسه أمامكم تواضع لكم لمعرفته بشرفكم العظيم و أنه مهما بلغ درجات الكمال فهو أمامكم وضيع يلزمه التواضع، و الآية أيضاً تقول : و اخفض لهما جناح الذُلّ.. و الذُلّ بضم الذال بمعنى التواضع لا الذلة التي يُعبَّر عنها بالذِلّ بكسر الذال..
و الطريف أنه ينقل رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه قال : فإنا ننقذهم – إن أطاعونا – من النار إلى دار القرار ، و نلحقهم من العبودية بخيار الأحرار … فإذاً حسب هذا النقل أهل البيت يخرجوننا من العبودية إلى الحرية بل يلحقوننا بخيار الأحرار و هذا يتنافى و صيرورة الانسان المطيع لهم عليهم السلام كلباً ..
و أما أن من البشر من هو أدنى من الأنعام لا يعني أن شيعته عليهم السلام كذلك فإن الشيعة – إن صدق عليهم هذا الاسم حقيقةً – فهم خيار المؤمنين و قوله تعالى عن بعض الناس بأنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلا يتحدث عن أهل النار من الكفار و أتباع الأهواء الذين اتخذوا أهواءهم آلهةً لهم .. فما هذا الاستدلال الذي تضحك عليه الثكلى ، تريدون إثبات أنه يلزم جعل النفس كالكلب بل نفس الكلب قبال أهل البيت بآيات تتحدث عن أهل النار الذين هم كالأنعام بل هم أضل ، أفيجعل أهل النار أنفسهم كلاباً لأهل البيت أو أن الله يُدخل کلاب أهل البيت في النار ، أم أن من يدعي أنه كلب أهل البيت ممن اتخذ إلهه هواه ، فانظروا إلى الآيتين الواردتين بشأن الناس الذين يعدهم القرآن أضل من الأنعام : قال تعالى : ” و لقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن و الإنس لهم قلوب لا يفقهون بها و لهم أعين لا يبصرون بها و لهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون “ – الأعراف: ١٧٩ – و قال عز من قائل: ” أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً ، أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً ” – الفرقان: ٤٣- ٤٤ ..
موفقين لكل خير
أيوب الجعفري