الشعائر الحسينية

رد على مقال: “مفاهيم خاطئة، ولكنها رائجة”  

سلام عليكم هل هذا صحيح

إن كان دينُ محمّدٍ لم يستقم

إلّا بقتلي، فيا سيوف خذيني

هذا بيت شعري لأحد الشعراء ينسبه بعض الجهلة من خطباء المنبر والعوام إلى الإمام الحسين عليه السلام على أنه قام بإرتجال هذه الكلمات يوم عاشوراء حين برز إلى الأعداء، وهذا ما لم يصح إطلاقا، وما لم يرد في أي مصدر بتاتا، بل أن فيه شناعة كبيرة! فكيف يتصوّر المرء إستقامة الدين بقتل سيدنا الحسين؟ لعمري!  إن خراب وضياع وإندراس وإنطماس وإنعدام وإضمحلال وإخفتاء وإنمحاء الدين في ذلك! وليس العكس، كما هو رائج في الساحة الشيعية للأسف.

تصحيح المفاهيم 

فالمأثور عنهم عليهم الصلاة وأزكى السلام في زيارة الناحية المقدسة الواردة عن إمام زماننا عجل الله فرجه وسهّل مخرجه – ونحن معه – مخاطبا جده الحسين: 

لَقَد قَتَلُوا بِقَتْلِكَ الإِسْلامَ، وَعَطَّلوا الصَّلاةَ وَالصِّيَامَ، وَنَقَضُوا السُّنَنَ وَالأحْكَامَ ، وَهَدَّمُوا قَوَاعِدَ الإيْمَانِ، وحَرَّفُوا آيَاتَ القُرْآنِ، وَهَمْلَجُوا فِي البَغْيِ وَالعُدْوَانِ. لَقَدْ أصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ مَوتُوراً، وَعَادَ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَهْجُوراً، وَغُودِرَ الحَقُّ إِذْ قُهِرْتَ مَقْهُوراً، وَفُقِدَ بِفَقْدِكَ التَّكبِيرُ وَالتهْلِيلُ، وَالتَّحْرِيمُ وَالتَّحِليلُ، وَالتَّنْزِيلُ وَالتَّأوِيلُ، وَظَهَرَ بَعْدَكَ التَّغْيِيرُ وَالتَّبدِيلُ، والإِلْحَادُ وَالتَّعطِيلُ، وَالأهْوَاءُ وَالأضَالِيلُ، وَالفِتَنُ وَالأَبَاطِيلُ…”

أبو الحســن الـرُبـيـعــي

__________________________________

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته 

هذا البيت الشعري و إن نسبه البعض إلى الإمام الحسين عليه السلام  إلا أن الصحيح أنه – و كما قال صاحب مستدركات أعيان الشيعة في الجزء الثالث ص ١٩٠ – جزء من قصيدة للشاعر الشيخ محسن بن الشيخ محمد الحوزي الحائري المعروف بأبي الحب ، و قد قالها بلسان حال سيد الشهداء عليه السلام  و ورد فيها : 

إن كنت مشفقة عليّ دعيني 

مازال لومك في الهوى يغريني 

أعطيت ربي موثقاً لا ينتهي

 إلا بقتلي فاصعدي و ذريني 

إن كان دين محمد لم يستقم 

إلا بقتلي فيا سيوف خذيني

 هذا دمي فلترو صادية الظبا 

منه و هذا للرماح وتيني

 خذها إليك هديةً ترضى بها

يا رب أنت وليها من دوني 

……

فصحيح أن الأبيات ليست للإمام الحسين عليه السلام و لكنها لسان حاله صلوات الله عليه و يبدو أنه قد التبس الأمر على الكاتب فتصور أن المقصود أنه إذا كان وجود الحسين عليه السلام مضراً بالدين فياسيوف خذيني لأجل إزالة ماهو مضر به ،  و لهذا اعترض عليه بما ذكره و استشهد لكلامه بمقطع من زيارة الناحية المقدسة ،  في حين أن المقصود أن هذا الدين يجب الحفاظ عليه مهما كلّف الأمر  فقد يحتاج بقاؤه إلى بيانه و بيان معارفه للناس فمن الضروري القيام بذلك ، و قد يحتاج إلى كرامة ربانية تصدر من ولي من أولياء الله تعالى و بإذنه جل و علا فيلزم الإقدام على ذلك ، و لكن قد يسيطر على الأمة من لا دين له و لا ذمام  و لا يريد للدين إلا الزوال و  لا يهدف إلا إزالة الإيمان و العقيدة من القلوب و نشر الفساد ، ففي هذه الحالات لا يكفي البيان بالقلم و البنان و لا الكرامة و الإعجاز لإنقاذ دين الله و عباده بل يحتاج إلى التضحية ، فإذا احتاج هذا الدين إلى تضحيتي أنا أيضاً فيا سيوف خذيني ليبقى الدين ،  و يستفاد هذا المضمون من قوله عليه السلام : ” شاء الله أن يراني قتيلاً ” فالله تعالى لا يشاء أن يراه عليه السلام قتيلاً – و هو حجته و وليه الأعظم و روح عالم الإمكان – إلا لأجل بقاء الدين و تحقيق هدف سيد المرسلين صلوات الله و سلامه عليه و آله ..  و كذلك يمكن أن يكون ذلك بياناً و تفسيراً لقوله عليه السلام في احتجاجه على أهل الكوفة : ” ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز ( و في نسخة : قد تركني)  بين  ( اثنتين بين) السلة و الذلة و هيهات ذلك له مني ،  هيهات منا الذلة ، أبى الله ذلك لنا و رسوله و المؤمنون ..  ” ، فإذا كان أمره دائراً بين السلة – و الإستشهاد تحت وَقْعِ السيوف – و بين الذلة ، و كان قبول الذلة بعيداً عنه و قد أبى الله ذلك له و رسوله و المؤمنون و حجور طابت و جدود طهرت ،  لم يبق إلا الشق الأول و هو السلة و الشهادة في سبيل الله لأجل إحياء الدين و إبقائه و هو معنى قول الشاعر القائل بلسان حال الإمام عليه السلام :  ” إن كان دين محمد لم يستقم  * إلا بقتلي في سيوف خذيني “

موفقين لكل خير ..