السلام عليكم شيخنا بماذا نرد على هذا السفيه
( يشار إلى أن مركز ” وذکِّر ” الإسلامي في الكويت برئاسة سيد فؤاد الرفاعي نشر مسابقة و طرح فيه هذ السؤال : ما اسم الحسينية التي صلى فيها رسول الله ص و ما اسم الحسينيات التي كان كبار أهل البيت يحيون فيها اللطميات و.. ، و وضع لذلك جائزة قدرها ١٠/٠٠٠/٠٠٠ دولار أمريكي ، مستهزئاً بذلك مراسيم العزاء لدى الشيعة ، فطلب مني بعض الإخوة المؤمنين الرد عليه فكتبت جوابا مختصرا هو ما يلي 🙂
____________________________________
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هؤلاء السفهاء الذين يعتبرون الناس سفهاء مثلهم لا يفرقون بين المساجد و الحسينيات حيث أن الشيعة لديها مساجدها ليصلوا و يتقربوا و يتعبدوا فيها إلى الله تعالى و كثيراً ما يشاركون إخوانهم السنة في مساجدهم فيصلون معهم ، و أما الحسينيات فليست مساجد يُصلّى فيها بل هي محل لنشر الثقافة الدينية و ثقافة أهل بيت النبي صلى الله عليه و آله و سلم التي هي ثقافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مضافاً إلى ذكر مصائبهم و النوح عليهم إحياءً لذكراهم و للروح المعنوية في المؤمنين و كم لذلك من أثر بالغ في بقاء الشباب المؤمن و ثباتهم على دينهم لا سيما في هذا العصر العصيب المليء بالشبهات المضللة ، فلولا هذه الحسينيات لما بقي من الدين إلا اسمه ..
فلم يقل أحد أن الحسينيات دورٌ للعبادة بمعناها الخاص كإقامة الصلوات حتى تستهزئوا بأنفسكم و تطرحوا هذه الأسئلة ، فأنتم تستشكلون على ما لم يقم به أحد و في المقابل ما يقومون به لا تتمكنون من الاشكال عليه فإن إقامة العزاء كان موجوداً من عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث أن الناس كانوا يقيمون مجالس للتعزية و النوح و البكاء ، و قصة استشهاد سيد الشهدء حمزة بن عبد المطلب مشهورة و مقبولة لدى الفريقين حيث سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم صوت النوائح بعد وقعة أحد فلما سأل عن ذلك النوح و أجابوه بأنهن يبكين و ينُحن على شهدائهن فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ” و أما حمزة فلا بواکي له “ فكانوا بعد ذلك يبكون و ينوحون لحمزة قبل النوح لقتلاهم و شهدائهم ..
و إذا كان ما يغضبكم هو اسم الحسين عليه السلام فهذا أمر راجع لكم أن تحبوا أو تبغضوا آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و ليس لنا إلا نقول لمبغضي آل البيت ماقاله القرآن “قل موتوا بغيظكم ” حيث أن من المعلوم للجميع أن مودة أهل البيت عليهم السلام من الدين بل هي أجر الرسالة النبوية : ” قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ” ..
و إن كان هناك إشكال في إقامة المجالس في غير المساجد فهذه مجالس للتعزية و نشر الثقافة الدينية وليست للصلاة و إن جاز إقامة الصلاة فيها أيضاً كما تُقام في البيوت و المصليات فإن كان هناك إشكال في إقامة الصلاة في الحسينيات كان إقامتها في البيت و المصلى أيضاً محل إشكال فيلزم إزالة المصليات من المؤسسات و المطارات و الشركات و المستشفيات و… و إن جاز إقامة الصلاة فيها فلتجز في الحسينيات أيضاً و الإسم لا يضر بصحة الصلاة ، و إن كان إشكالكم في نشر الثقافة الدينية في الحسينيات و تقولون يلزم نشرها في محل آخر لا يسمى بالحسينية قلنا إذن يلزم تخريب جميع الجامعات حيث كان السلف الصالح يقيمون دروسهم في المساجد عادة دون الجامعات .. و إن كانت مشكلتكم في أصل نشر الثقافة الدينية فهو إشكال عليكم لا لكم ..
و من جانب آخر التقرب إلى الله تعالى لا ينحصر بالصلاة بل العبادات متنوعة و المقرِّبات إلى الله تعالى كثيرة و من جملتها نشر الدين و العلم و المعرفة الدينية حيث أن زكاة العلم نشره ، و الروايات في ثواب نشر الدين و العلم والمعرفة كثيرة جداً ، مضافاً إلى أن نفس البكاء و النوح لاستشهاد و ارتحال النبي و أهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين من القربات لأنه يحكي عن المودة للقربى التي أمرنا الله بها و قد ورد في أخبارنا أن شيعتنا ” يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا ” و قد أذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأم سلمة أن تشارك في مأتم ابن عمها الوليد بن المغيرة و مناحته فندبت ابن عمها بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم و قالت :
أنعى الوليد بن الوليد * أخا الوليد فتى العشيرة * حامي الحقيقة ماجداً * يسمو إلى طلب الوتيرة …
و قد ورد من طريقنا عن الحسن بن ظريف بن ناصح ، عن أبيه ، عن الحسين بن زيد ، عن عمر بن علي بن الحسين قال : لما قتل الحسين بن علي عليه السلام لبس نساء بني هاشم السواد والمسوح وكن لا يشتكين من حر ولا برد ، وكان علي بن الحسين عليه السلام يعمل لهن الطعام للمأتم .
و عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريزر، عن زرارة أو غيره قال: أوصى أبو جعفر عليه السلام بثمان مأة درهم لمأتمه ، وكان يرى ذلك من السنة ، لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اتخذوا لآل جعفر طعاما فقد شغلوا … و عشرات الروايات الأخرى و هي كافية لنا لاثبات مشروعية إقامة المآتم و لا داعي لأن يوافقنا فيها غيرنا … …