بسم الله الرحمن الرحيم

 وردني الحديث التالي من أحد الأساتذة المنصفين من إخواننا أهل السنة مع تعليق مختصر له عليه  

فالنبي اجاز للمغنية ان تغني في غير ما مناسبة . 

وكذلك مارواه الترمذي واحمد الى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَال سَمِعْتُ بُرَيْدَةَ يَقُولُ

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي وَإِلَّا فَلَا فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَأَلْقَتْ الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ إِنِّي كُنْتُ جَالِسًا وَهِيَ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ أَلْقَتْ الدُّفَّ

حسنه الترمذي والشيخ الالباني وقال في الارواء وإسناده صحيح على شرط مسلم . وحسنه ومحققوا المسند بل قالوا اسناد قوي . والحديث يدل على الكراهة وليس التحريم للغناء للفرح في غير العيد والزواج .

استفسار الأستاذ المذكور : الحديث صحيح او موضوع ؟ فهل لا يخاف الشيطان من النبي صلي الله عليه وسلم ويخاف من عمر بن الخطاب ؟

وهل تعتبر هذه اساءة للنبي وباقي الصحابه. اهل الببت .؟

_________________________________

 الجواب :

سلام عليكم سماحة الأستاذ و رحمة الله و بركاته … 

       هذا الحديث مضافاً إلى أنه يقلل من شأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل يهتك حرمته ، يتوجه إليه إشكالات كثيرة أشير إلى بعضها بشكل سريع : 

     ١- يدل هذا الحديث على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم و عوذاً بالله كان يستمع للغناء المحرم في الشريعة المقدسة قطعاً .. 

      ٢- يدل على صحة نذر المعصية مع أن النذر لا ينعقد إذا كان متعلَّقُه أمراً محرماً كأنْ ینذر شخص بأن يشرب الخمر أو يزني فهل ينعقد هذا النذر ؟  و هل يلتزم أحد بأنه يجب على الناذر أن يشرب الخمر أو يزني و العياذ بالله   .. 

    ٣ – هذا الحديث ينافي عصمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال تعالى عنه : ” إن هو إلا وحي يوحى ” و قال جل و علا : ” سنقرئك فلا تنسى ” و أخبر عن عصمته في آيات كثيرة .. 

    ٤ – قد أخبر الله تعالى في القرآن الكريم عن يأس الشيطان من إغواء المُخْلَصین ( بفتح اللام و هم أعلى درجة من المُخْلِصین و بيانه يتطلب مجالاً آخر )  حيث قال تعالى حكايةً عن إبليس : ” و لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلَصین ” و في آية أخرى: ” قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلَصین ” و قد بيّن القرآن الكريم أن الأنبياء مخلَصون فقال عن النبي یوسف على نبينا و آله و عليه السلام: ” إنه من عبادنا المخلَصین ” و لم يكن النبي يوسف عليه السلام من أولي العزم من الرسل فلو كان يوسف النبي عليه السلام الذي لم يكن من أولي العزم ، من المخلَصین  فألوا العزم من الأنبياء و في مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المخلَصین بطريقٍ أولى ،  و قد أخبر الله تعالى عن إبليس أنه قد أيس من إغواء المخلَصين من بدایة الأمر و لهذا لا يَهِمّ بإغوائهم ، فكيف لم يخف الشيطان من النبي صلى الله عليه و آله و سلم الذي هو من المخلَصين و وسوس إليه  و إلى سائر الخلفاء حتى استمعوا للغناء و ذلك بصوت امرأة أجنبية و لكنه خاف من عمر الذي لم يكن من المخلَصين قطعاً ،  أليس ذلك مخالفاً لما ورد في القرآن الكريم ؟! و قد أمرنا النبي صلى الله عليه و آله و سلم و كذا أهل البيت عليهم السلام أن نعرض الأحاديث المنقولة عنهم على كتاب الله فإن كانت موافقة للقرآن فهي من أقوالهم و إن كانت مخالفة لكتاب الله فليست صادرة منهم و أمرونا بأن نعرضها عرض الحائط فهي زخرف و ..

      ٥ – الحديث يدل على أن النذر يحلل الحرام و قد أشرنا إلى عدم صحته حيث قلنا أن متعلق النذر يلزم أن لا يكون أمراً محرماً بل و لا مكروهاً ،  و لكن لو سلمان ذلك نقول  : لو كان النذر موجباً لحلية الاستماع إلى الغناء لما كان الاستماع من وساوس الشيطان فلم يكن الشيطان هو الداعي إليه حتى يقال أنه لم يخف من النبي و خاف من عمر بن الخطاب … 

        ٦ – إن واضع الحديث أراد أن يرفع من شأن عمر فوضع من شأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  و جعل عمر أعلى منزلة من رسول الله و من جميع الخلفاء ،  و لو كان كذلك لزم نزول الوحي على عمر بن الخطاب لا النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لأنه لا يمكن أن ينزل الوحي على من يتجرأ الشيطان عليه و يوقعه فيما لا يرضي الله مع وجود من لا يتجرأ الشيطان عليه بل يخاف منه …  

فواضع الحديث لم يلتفت إلى هذه الإشكالات و تصور أنه يتمكن من أن يخدع الجميع بذلك ،  و لكن الغريب هو تصحيح الحديث و تحسينه من قِبَل من یدعي العلم  …. 

أعاذنا الله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا 

 

أيوب الجعفري