سلام عليكم شيخنا الفاضل
ماهو الدليل العقلي على التوسل بالاموات
وما راي كبار اعلام اهل السنة والجماعة في توسل بالميت
وهل توسل كبار صحابة غير حديث عثمان بن حنيف
من مصادرهم ولكم جزييل الشكر
_____________________________________
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
التوسل لا يحتاج إلى دليل عقلي فالعقل إنما يتمكن من إثبات إمكانه و عدم منافاته للتوحيد و أما الجواز الشرعي فيلزم الرجوع إلى الشرع لإثباته إذ ليس كل ممكن جائزاً و ليس كل ما لا ينافي التوحيد مأذونا فيه شرعاً ، فاللازم الرجوع إلى العقل لإثبات إمكانه و عدم منافاته للتوحيد ، و إلى الشرع لإثبات الجواز ، و الأدلة الشرعية تُثبت الجواز بل القرآن يأمر بالتوسل في قوله تعالى : ” و ابتغوا إليه الوسيلة ” و الوسيلة عامة لا تختص بالعمل الصالح كما يقول البعض بل لا يمكن القول بأن المقصود منه هو العمل الصالح فقط لأنه يستلزم استعمال لفظ جامع لمصاديق مختلفة و إرادة مصداق واحد أو بعض المصاديق دون غيرها بلا دليلٍ و دلالةٍ من الآية أو الروايات ، فهذا خلاف البلاغة العادية فكيف ببلاغة القرآن التي هي قمة في البلاغة كأن يقال جئني بحيوان فيأتي المأمور بفرس فيقول الآمر بأنني قصدت الجمل لا الفرس ، فهنا يتمكن المأمور أن يحتجّ على الآمر بأنك أمرت بالإتیان بالحيوان لا بالجمل ، و الفرس حيوان … هذا مضافاً إلى أن القرآن يصرح باتخاذ الوسيلة بذكر مصداق التوسل بالأشخاص لا بالأعمال حيث قال تعالى : ” و لو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ” فلا يكفي أن يستغفر هو ، بل يلزم أن ينضم إليه استغفار النبي صلى الله عليه وآله وسلم له ليجد الله تواباً رحيماً … و نظيره قول إخوة يوسف لأبيهم عليه السلام : ” .. يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ” و قَبِلَ النبي يعقوب على نبينا و آله و عليه السلام ذلك منهم فـ : ” قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم ” و دلالتها على المطلوب في غاية الوضوح فلا داعي لبيان ذلك و تفصيله..
هذا و من الواضح الذي لا ريب فيه بين الشيعة و السنة و جميع الطوائف الإسلامية و غيرها أنه لا مشكلة في طلب الدعاء من الآخرين فالكل يقولون للغير : ” نسألكم الدعاء ، أو : لا تنسوني من الدعاء الصالح و .. ” و هذا عين التوسل و من جملة مصاديقه الواضحة .. و لهذا لا حاجة لتوسل الصحابة أو كبارهم ليثبت أن التوسل حق و جائز و وارد في الشريعة المقدسة ، و أساساً عمل الصحابة – لعدم كونهم معصومين باتفاق الأمة الإسلامية لأن غاية ما يقال فيهم هو كونهم عدولاً و لم يَدَّعِ أحدٌ عصمتهم – ليس حجة شرعية لإثبات حرمة عمل أو جوازه أو وجوبه أو … و مع ذلك قد ورد توسل الخليفة الثاني بالعباس – عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم – في الاستسقاء و طلب نزول المطر و ..
و ما يجب الالتفات إليه هو أن التوسل كان أمراً مفروغاً عن جوازه إلى القرن الثامن فجاء البعض في ذلك القرن فشكك فيه و في أمثاله من المفاهيم الإسلامية و نسبها إلى الشرك بلا دليل لا من العقل و لا من الشرع بل بمجرد ادعاءات واهية و بادعاء دلالة بعض الآيات على ذلك … و لا مجال لنا حالياً للخوض في تفاصيل مسألة التوسل ببيان حقيقته و أنه لا ينافي التوحيد لا عقلاً و لا شرعاً ثم التطرق للشبهات و أجوبتها الحَلِّیة و النقضية – و إن أشرنا إلى بعض جوانبها في هذا الجواب – و نقل موارد توسل الصحابة و سائر المؤمنين بالأولياء و تحقق مُبْتَغَیاتهم و حاجاتهم بذلك و …
موفقين لكل خير
أيوب الجعفري