سلام عليكم شيخ

شيخنا هل أبليس مؤمناً بالله و النبوة و الأمامة و المعاد و العدل (أصول الدين ) أم كافراً بهما

 عن أمير المؤمنين  في جواب الزنديق المدعي للتناقض في القرآن قال  : وأما قوله : « فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه »

. وقوله : « وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى »

فان ذلك كله لا يغني إلا مع اهتداء ، وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة ، ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد وإقرارها بالله ، ونجا سائر المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر ، وقد بين الله ذلك بقوله : « الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون »

بحار الأنوار –  الجزء : 27  صفحة : 174

 وما قولكم في هذه الرواية شيخنا فأمير المؤمنين يقول: وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة ، ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد وإقرارها بالله ، ونجا سائر المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر .

______________________________________

 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

نعم كان إبليس مقراً بالله تعالى و بالتوحيد و سائر ما كان الاعتقاد به واجبا آنذاك و لكنه تكبر و تمرد على الله تعالى فلبس إيمانه بظلمٍ فلم ينجُ من العذاب فإن إبليس كان و لا زال يعلم بوجود الله تعالى و بوحدانيته جل و علا و كان و لا زال يعلم بصدق الأنبياء في نبوتهم و ما ينقلونه عن رب العالمين و .. بل علمه بذلك أقوى من كثير من الخلق ، إلا أن مجرد العلم و الإقرار بذلك غير كاف في تحقق الإيمان الحقيقي لأن الإيمان هو العلم و الإقرار و التصديق القلبي المستلزم للالتزام العملي بمقتضى ذلك العلم و الإقرار و التصديق ،  و لهذا استدل الإمام عليه السلام بقوله تعالى : ” الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ .. ” و قوله تعالى : ” الذين قالوا آمنا بأفواههم و لم تؤمن قلوبهم ” فبيّن بذلك أنه قد يتحقق الإيمان في القلب و لكن لا يكون صاحبه من أهل النجاة لأنه لم يُکمِل إيمانه بالعمل الصالح و ترك المعاصي و الظلم و بتطهير الروح من الرذائل و تحليتها بالفضائل – فالمقتضي لقبول الصلاة مثلاً و هو الإيمان موجودٌ و لکن المانع من قبولها و من النجاة غيرُ مفقود – ،  كما أنه قد يدّعي إنسان بأنه مؤمن و لكنه مجرد ادعاء باللسان و لم يدخل الإيمان في قلبه فليس من الناجين لأن محل الإيمان هو القلب لا اللسان و اللسان إنما هو موضع إبراز الإيمان فيُقبَلُ الإسلام من هذا المقر و يترتب عليه آثار الإسلام ( فيُحكم عليه بالطهارة و جواز الزواج معه و كون يده يد مسلم  و السوق الذي يكون فيها هو و أمثاله سوق المسلمين و يقع التوارث بينه و بين سائر المسلمين و … فیُقبَل الإسلام منه )  دون الإيمان إلى أن يدخل في القلب و يتبدل إلى تصديق قلبي و يترتب عليه الالتزام العملي بمقتضياته .. 

و للكلام حول حقيقة الإيمان و درجاته و ما يوجب النجاة تفصيل لا مجال للغور فيه .. 

موفقين لكل خير  و لا تنسوني من صالح دعواتكم الخالصة  .

                                       أيوب الجعفري