السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. موﻻي الفاضل الرجاء اعطائي جوابا حول ما في هذا الرابط … وجزاكم الله خيرا

://www.facebook.com/1395135787483943/videos/1479680769029444/

_____________________________________

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

صحيح أن العلامة المجلسي كان همه جمع جميع الروايات المنقولة عن النبي و أهل البيت عليهم السلام و وضعها بمتناول العلماء كي يستفيدوا منها في تحقيقاتهم و أبحاثهم و لم يكن همه نقل الصحاح من الأخبار فقط كما لم يكن ذلك همّ غیره من أصحاب الجوامع الروائية – نعم من الممكن أن يرى أحد هؤلاء الأعلام اعتبار الروايات التي ينقلها في كتابه و لكن لا يدعي صحتها عند الجميع فإن ملاك الصحة و الضعف في الروايات مختلف لدى العلماء و هذا مايحتاج إلى تفصيل خارج عن هذا المختصر … – و لِنَقْل  جميع الروايات حِکَمٌ مختلفة تحتاج إلى بيان ، نعم صحيح أنه قدس سره كان يقصد جمع جميع الروايات و لم يكن يقصد جمع الصحاح من الروايات فقط و لكن لا يعني ذلك أن الروايات التي ينقلها و لها مضامين عالية ليست صحيحة لمجرد أن أمثال هذا المتكلم لم يفهم معانيها العميقة ،  فكثير من الأدعية والزيارات يكفي علوّ مضامينها في إثبات عدم صدورها إلا من المعصوم عليه السلام  مع أن لبعضها أسناداً معتبرة و قد تلقّاها الأصحاب بالقبول   

و أما أن المتحدث لم يتبين له معاني و مضامين هذه الأدعية و لهذا ينكرها من الأساس – و الإنسان عدو ما يجهله – فلأنه لم يدرك معنى وسائط الفيض و غاية الخلق و التوحيد الأفعالي مضافاً إلى أنه قد خفي عليه ورود مضامين بعض تلك الأدعية و الزيارات في روايات مسندة أخرى مقبولة لدى الفريقين من المسلمين ..  فلقولهم عليهم السلام : لا فرق بينك و بينهم إلا أنهم عبادك مفهوم صحيح لم يفهم هو معناه و لهذا نسبه إلى الشرك فنحن نعلم أن النبي و الأئمة عليهم السلام هم أعظم آيات الله تعالى فعن أمير المؤمنين عليه السلام : ” ما لله آية أكبر مني ” و عن الصادق عليه السلام : ” نحن والله الأسماء الحسنى .. ” و الآية هي التي تُري جلال ذي الآية أو جماله أو كليهما فيلزم أن يكون من يعدّ آيةً لله مظهراً لعلم الله و قدرته و إرادته و… كما أن أسماء الله تعالى قد تكون لفظية وقد تكون وجودية لأن الإسم من الوسم بمعنى العلامة – و من الممكن أن يكون من السموّ بمعنى الرفعة وعلوّ الدرجة أيضاً و لكن الاسم عادةً يستعمل بمعنى العلامة و الوسم – و العلامة قد تكون لفظية و قد تكون وجودية فالمقصود : أن الجامع لكمالات الوجود بإعطاءٍ من الله تعالى يكون علامة وجودية  و اسماً و كلمة لله تعالى كما عبر الله تعالى في القرآن عن المسيح بأنه كلمته تعالى .. فإذا كان كذلك لم يكن فرق بين الله و هؤلاء الكمّل من عباده  من حيث الكمالات الوجودية ،  نعم لا فرق بينها و بين الله إلا في أمر واحد و هو تمام الفرق و كمال الميز بينهما و هو أنهم عبادك فأنت يا الله عين الكمال و صفات الذات عين ذاتك المتعالية و أنت مستقل و غني بالذات و أما هؤلاء فهم عبادك فوجودهم منك و كمالهم عطية منك و لا استقلال لهم في الوجود و الكمالات و هم لأنهم عبادك عين الفقر إليك – لا أنهم فقراء بمعنى أن لهم ذاتاً ثبت لها الفقر بل الذات عين الفقر إليك في أصل وجوها و استمراره و .. – فلا علمهم مستقل عنك و لا قدرتهم ذاتية لهم و لا … بل كلها عين الربط و التعلق بك و … : كما أنهم عليهم السلام قالوا  ” أنا الجاهل في علمي فكيف لا أكون جهولاً في جهلي .. ” ، فالفرق أمر واحد و لكن يكمن فيه الفرق العظيم الذي لا يبقى بعده لغيره تعالى شيء فالله عين الوجود و هم عين الربط و التعلق به تعالى ،  و الله عين الكمال و الغنى و هم عين الفقر و الحاجة إليه ،  و الكمالات كلها ذاتية له تعالى و هم عين الفقر و الحاجة إلى الله تعالى في تلك الكمالات بل في أصل وجودهم  و … و كل ذلك كامن في قوله : ” إلا أنهم عبادك ” … فأين هذا من الشرك ، هذا عين التوحيد حيث ينفي وجود أحد في رتبة الله تعالى ذاتاً و كمالاً و صفاتٍ و أفعالاً و … و يجعل الله هو الواحد الأحد في جميع المراتب و الجميع ممن سواه حتى الكمل من أوليائه عباده يعني أنهم مملوكون له جل و علا بالحقيقة لا بالاعتبارات العرفية ، و هم عين الفقر إليه تعالى .. 

و أما قولهم عليهم السلام في الزيارة الجامعة أن ” إياب الخلق إليكم و حسابهم عليكم ” فهذا لا ينافي قوله تعالى: ” إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم ” فإن لله تعالى جنود السموات و الأرض و بناءً على التوحيد الأفعالي كل أفعال من سواه فعل له تعالى من دون أن ينفي كونه فعلاً للمباشر أيضاً فيما إذا كان فعلاً تكليفياً  – و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمى  – و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله  و …  ـ و أما أفعال مدبرات الأمر و وسائط الفيض فهي أفعال له تعالى لأنها تعمل ما تعمل بأمر من الله تعالى أولاً و بإذن و تمكين من الله تعالى ثانياً ففعلها فعله تعالى و لهذا نجده تعالى ينسب نشر الرياح إلى نفسه تارة و إلى مدبرات الأمر أخرى ،  و يحصر الشفاعة في نفسه مرة و يثبتها لأوليائه و لكن بإذنه أخرى ، و ينسب قبض الأرواح إلى نفسه مرة و إلى ملك الموت أخرى و إلى الملائكة ثالثة و يُسند إنزال الوحي و الآيات إلى نفسه مرة و إلى جبرئيل و الروح الأمين أخرى و ..  – و قد أشرنا إلى أن الإذن في التكوينيات ليس إذناً تقنينياً كما يأذن بعضنا لأولادهم بفعل شيء بل الإذن بقبض الأرواح بمعنى التمكين و إعطاء القدرة على ذلك فلولا أن الله قد أعطى ملك الموت القدرة على قبض الأرواح لما تمكن من ذلك و لهذا يعدّ فعل ملك الموت في قبض الأرواح فعلاً لله تعالى و لهذا نجده تعالى تارةً يقول : ” الله يتوفى الأنفس حين موتها  و التي لم تمت في منامها…  ” و أخرى : ” قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُکِّل بكم ” و ثالثة: ” تتوفاهم الملائكة .. ” و لم يقل أحد أن ذلك شرك و إن قال فلجهله لأن الكل في الحقيقة فعل الله تعالى لأنهم جنود الله سبحانه و قدرتهم منه جل و علا ففعلهم فعله عز و جل  – و لذلك نظير في وجود الانسان أيضاً فجميع قوى وجود الانسان الإدراكية و التحريكية تعمل بأمر و تمكين من الروح ففعلها فعل للروح كما قال الحاجي السبزواري في منظومته في الفلسفة : النفس في وحدتها كل القوى * و فعلها في فعله قد انطوى ، و هذا ما يحتاج إلى بيان لست بصدده هنا – .. 

و كذا بالنسبة لإياب الخلق إلى أهل البيت و كون حسابهم عليهم فإنه لا استقلال لهم عليهم السلام قبال الله تعالى بل هم جنود الله تعالى و العود إليهم عودٌ إلى مظاهر أسماء الله تعالى و وسائط فيضه جل و علا و فعلهم فعل له سبحانه و قد أعطاهم الله هذه المنزلة و جعلهم الله عز و جل محل إياب الخلق و ..  فإذا كان إياب الخلق إليهم و حسابهم عليهم فيعني أن إيابهم إليه و حسابهم عليه سبحانه و تعالى لأنهم لا استقلال لهم في ذلك بل هم في هذا المقام يعملون ما يعملون بإذن الله تعالى و قد اشتهرت الرواية المنقولة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بين الفريقين من أن علياً عليه السلام قسيم النار و الجنة و هذا من جملة معاني كون حساب الخلق عليهم صلوات الله عليهم فهو عليه السلام مظهر فيض الله تعالى و واسطة من الوسائط العظيمة في تقسيم أهل المحشر و ذلك لعظم شأنه و منزلته لدى الله تعالى فهو قسيم النار و الجنة و حبه و بغضه عليه السلام أيضاً موجب لذلك التقسيم فإن حبه إيمان موجب لاستحقاق الجنة و بغضه كفر و نفاق مستلزم لاستحقاق و دخول النار و عوذا بالله العلي العظيم … 

 و يظهر مما ذكرنا جواب  سائر شبهات و إشكالات المتحدث فلا داعي للخوض في جميع الجزئيات التي يطرحها  ..

 

أيوب الجعفري