صلاة التراويح :

بسم الله الرحمن الرحيم 

أشار أحد الأساتذة المنصفين من إخواننا أهل السنة في رسالة قصيرة إلى صلاة التراويح فاغتنمت الفرصة لإرسال رسالة قصيرة مختصر بشأن هذه الصلاة ليتبين حقيقة الأمر في هذه الصلاة و أنه هل يمكن التعبد بها لله تعالى أم أنه يمكن القول بأنها ليست مما لا تقرب إليه تعالى فحسب بل تبعدنا عنه جل و علا ،  و عسى أن يوفقني الله أن أبسط الكلام حول ذلك في المستقبل إن شاء الله تعالى … و إليكم ما كتبته له بشكل سريع : 

________________________________________________

بسم الله الرحمن الرحيم

.. و أما بالنسبة لصلاة التراويح فهناك بحث بين الطائفتين الكريمتين حول مشروعيتها  فأهل السنة يعملون بها و لكن الشيعة يرون أن النافلة لا يُشرع إقامتها جماعةً لأن العبادات توقيفية و تحتاج إلى دليل من القرآن و السنة و لا يوجد دليل على جواز إقامة النوافل جماعةً إلا في صلاة الاستسقاء  بل قد ورد الدليل بأن إقامة النوافل جماعة في غير صلاة الاستسقاء بدعة ،  و لا ينحصر الدليل بروايات الشيعة بل قد نُقل عن صحيح البخاري و موطأ مالك أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قال أن هذه الصلاة بدعة و نعمت البدعة ، و قد ورد الحديث التالي في  كتاب تاريخ المدينة لابن شبة النميري ج ٢ ص ٧١٤: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد قال حدثنا محمد و عمرو عن أبي سلمة و يحيى بن عبد الرحمن قالا : كان الناس يقومون رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه ، وبعض إمارة عمر رضي الله عنه فرادى ، حتى جعل الرجل الذي معه القرآن إذا صلى جاء القوم يقفون خلفه ، حتى صاروا في المسجد زمرا ،  هاهنا زمرة و هاهنا زمرة ، مع كل من يقرأ ، فكلم الناس أبيّ بن كعب فقالوا : لو جمعتنا فصليت بنا؟ فلم يزالوا به حتى تقدم و صفّ الناس خلفه ، فأتاهم عمر رضي الله عنه فقال : بدعة و نعمت البدعة ، فإنكم لتنقلبون بآخر المصلى إلى أن أصلي فيه . 

     فهذه الرواية تدل على أن الخليفة عمر يرى أن هذه الصلاة بدعة و لكن يقول أنها نعمت البدعة ،  فنقول أنه لا يمكن اجتماع الأمرين فإذا كانت بدعة فلا تكون حسنةً حتى يقال نعمت البدعة بل إذا كان بدعةً فبئست ، إذ البدعة هي إدخال ما ليس من الدين فيه و لا يمكن أن يكون إضافة شيء إلى الدين من عند أنفسنا أمراً حسناً و إلا لأضاف كل واحد منا شيئاً أو أشياء إلى الدين و لتغير الدين عما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم و عما أنزلها الله تعالى عليه و لم يبقَ من الدين إلا اسمه … ، مضافاً إلى أن الروايات تدل على أن البدعة ضلالة و كل ضلالة في النار ،  ففي مسند أحمد و كثير مصادر إخواننا أهل السنة : ” فإن كل محدثة بدعة و إن كل بدعة ضلالة ” و قد قالوا أن إسناده صحيح  و في سنن النسائي و الديباج على مسلم للسيوطي و تحفة الأحوذي للمباركفوري و … : ” و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار .. 

فهل يمكن أن نلتزم بكون صلاة التراويح بدعة و مع ذلك نقول أنها نعمت البدعة مع أن البدعة ضلالة و الضلالة في النار ؟! … يحتاج الأمر إلى تأمل أكثر كي لا نبتلى بالمحاسبة يوم القيامة بل بالعذاب و عوذاً بالله ، و نحن قد خُلقنا لها لا للدنيا  فالمهم کسب عناصر السعادة لتلك الدار و لا يمكن ذلك مع العمل بما يعد بدعة مع أننا نعلم بأن البدعة ضلالة و الضلالة في النار … 

قيام الليل و إحياء ليالي الشهر الفضيل أمر حسن مستحسن إلا أنه يلزم الالتزام بما ورد عن رسول الله و بالطريقة الواردة عنه صلى الله عليه وآله وسلم … 

وفقنا الله و إياكم لمعرفة الحق و العمل به : اللهم ما عرفتنا من الحق فحمّلناه و ما قصرها عنه فبلغناه .. 

و بارك الله فيكم سماحة الأستاذ و وفقكم لكل خير و أعذروني على التجاسر بمحضركم الكريم ..

                                             أيوب الجعفري