السيد عبدالاعلى السبزواري في تفسيره مواهب الرحمن الجزء الثالث ينقل هذه الرواية ، في العلل والمحاسن عن اميرالمؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله في جواب مسائل اليهودي قال صلى الله عليه وآله : ما من مؤمن يصوم شهررمضان احتسابا إلا أوجب الله له سبع خصال : اولها : يذوب الحرام في جسده  والثانية : يقرب من رحمة الله  و الثالثة : يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم  الرابعة : يهون عليه سكرات الموت والخامسة : أمان من الجوع والعطش يوم القيامة  السادسة : دخول الجنة وبراءة من النار  والسابعة : يطعمه من ثمرات الجنة .

ماهو المقصود من قوله يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم؟

 ماهي العلاقة بين الخصال التي يعطيهاالله عزوجل للمؤمن بسبب صومه احتسابا وبين تكفير خطيئة آدم عليه السلام؟

 ف ويرحم الجائع – فأجابني بمثل جواب

ابيه -. (باب 109 – العلة من أجلها فرض الله تعالى الصوم على أمة محمد صلى

الله عليه وآله) (ثلاثين يوما وفرض على الامم السالفة أكثر من ذلك) 1 –

حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد ابن أبي

عبد الله عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي عن عبد الله بن جبلة عن معاوية

بن عمار عن الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)

قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن

مسائل فكان فيما سأله ان قال له : لاي شئ فرض الله عزوجل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما وفرض على الامم السالفة اكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله ان آدم لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش والذي يأكلونه تفضل من الله تعالى عليهم وكذلك كان على آدم ففرض الله ذلك على أمتى ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الآية: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون اياما معدودات) قال اليهودي، صدقت يا محمد فماهي العلاقة بين الخصال التي يعطيهاالله عزوجل للمؤمن بسبب صومه احتسابا وبين تكفير خطيئة آدم عليه السلام؟

 والله تعالى يقول : ولاتزر وازرة وزر اخرى

 ماهو تعليقكم شيخناالعزيز؟

______________________________________

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

لا منافاة بين قوله تعالى: ” و لا تزر وازرة وزر أخرى ” و بين تكفير ذنب و خطيئة شخص بعمل غيره فإن الآية تتحدث عن الذنوب فإنها تُحْمَلُ على عاتق المذنب نفسه لا غيره ، نعم هناك موارد يكون وزر الذنب على المباشر و غيره كما إذا كان السبب شخصاً و المباشر شخصاً آخر أو إذا كان قد سنّ شخص سنةً سيئةً فعمل بها الغير أو صدر الذنب من شخص لأجل إضلال الغير  إياه و .. فإن الذنب و الوزر في أمثال هذه الحالات يكون عليهما كليهما و هي من جملة مصاديق قوله تعالى: ” و ليحملن أثقالهم و أثقالاً مع أثقالهم ” و قوله تعالى : ” ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة و من أوزار الذين يضلونهم بغير علم  … ” و  قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” …  و من سن سنة سيئة كان عليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة “  و أما في الحالات الطبيعية و بحيث القانون الأولي في الشريعة المقدسة – بل و هند العقلاء أيضاً – لا يُحَمَّلُ أحد وزر غيره لأنه ظلم بحق ذلك الغير  ،  إلا أن هذا مختلف تماماً عن العفو عن شخص بفعل غيره فالمؤمن يعمل صالحاً و لأجل عمله هذا يغفر الله لوالديه الذين أولداه و رَبَّیاه و تحمّلا الصعاب و المشاق في تربيته و .. و ليس ذلك مما لا ينافي العدل فحسب بل هو فضل و فوق العدل ، فالله تعالى أحياناً يتفضل على الأولاد بالعفو عن ذنوبهم أو بترفيع درجاتهم لأجل إيمان و صلاح الوالدين أو العكس فيتفضل على الوالدين بالعفو عما صدر منهما من ذنب أو بترفيع درجاتهما لأجل إيمان و صلاح الأولاد كما في قصة الجدار الذي أقامه الخضر لليتيمين لأجل كون أبيهما صالحاً أو لا أقل من أنه كان لصلاح أبيهما مدخلية في ذلك حيث قال تعالى حكاية عن العبد الصالح ” الخضر عليه السلام ” : ” و أما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة و كان تحته كنز لهما و كان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما و يستخرجا كنزهما رحمة ً من ربك و ما فعلته عن أمري.. ” فصلاح أبيهما أوجب أو كان من جملة أوجب أن يتفضل الله عليهما بالحفاظ على الكنز إلى أن يبلغا أشدهما ، و قد أشار في النهاية إلى أن ذلك تَفَضُّلٌ من الله تعالى بقوله :  ” رحمةً من ربك ” …  و كذا فيما نحن فيه فإن البشر كلهم أولاد آدم عليه السلام فلإيمانهم و أعمالهم الصالحة  أثر في ترفيع درجات أبيهم آدم أو العفو عن خطيئته – بأي معنى فسرنا الخطيئة فإن ذلك يتطلب بحثاً  آخر – … 

      و في هذا الحديث أيضاً يبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن لصيام شهر رمضان آثاراً إيجابية متعددة منها ما يعود نفعها على المؤمن الصائم نفسه و منها ما يعود نفعها على أبي جميع البشرية آدم عليه و على نبينا و آله أفضل السلام و أتم الصلاة و التحية بتكفيررخطيئته   

و بارك الله فيكم و لا تنسوني من صالح دعواتكم الخالصة

                                  أيوب الجعفري

______________________________________

 سؤال : 

شيخنا.. جزاك الله خيرا..

لكن يفهم من الرواية ومن جوابك أن آدم عليه السلام ارتكب خطيئة وصومنا تكفير لخطيئته.. ألا يتنافى ذلك مع عصمته عن الخطأ.. وأي خطيئة عظيمة ارتكبها آدم عليه السلام ليكون صوم البشر تكفير لخطيئة؟

أفيدونا جزاكم الله خيرا..

_______________________________________

 قد أشرت في كلامي أن ذلك (يؤثر في ترفيع درجات آدم أو العفو عن خطيئته بأي معنى فسرنا الخطيئة فإن ذلك يتطلب بحثاً آخر) فكان البحث حول منافاة الحديث للعدل فقلنا أنه لا ينافيه بل هو فوقه لأنه من الفضل …  و أما مسألة الخطيئة فهي خطيئة في الأوامر و النواهي الإرشادية و لا تعد ذنباً اصطلاحياً فالنهي عن الأكل كان إرشادياً – و هناك أدلة من نفس الآيات تدل على أن النهي لم يكن مولوياً ليكون مأثوماً بالأكل – أي أنه كان إرشاداً إلى أن الأكل من الشجرة يؤدي إلى حرمانه من الجنة التي كان فيها و من الممكن أن يكون قد حُرِم من درجات عليا في جنة المأوى أيضاً فصوم البشر من بنيه يؤثر في تكفير تلك الخطيئة و الخطأ المتمثل في عدم امتثاله للنهي الإرشادي الذي أدى إلى حرمانه من تلك الدرجات فيكون صومهم مؤثراً في عوده إلى الدرجات التي حُرم منها .. 

دعواتكم ..

                            أيوب الجعفري