سلام عليكم شيخنا واستاذنا

ما اعرف اكتب السؤال .. بس ابغى اعرف الله ومو عارفة الطريق .. احس بضيع والعمر يمشي ولازلت اذنب واتوب في اليوم عدة مرات وارجع للذنوب .. احس في حجاب بيني وبين الله .. محتارة وضايعة .. بداية الطريق وين !! 

احسد عشاق الحسين اللي فدوا بارواحهم اليه في كربلا العشق .. مع عشقي للحسين لكني اذنب اذا مو عشق حقيقي 

صاحب الزمان لو يظهر وين مكاني اخاف اكون من خاذليه !!

شي مؤلم 

دلني على كتاب او طريق 

ابغى اكون انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه 

ابغى قلبي يتطهر من اوساخ الغفلة 

اريد اوصل لعوالم ارى جمال الله ..

_________________________________

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

* لمعرفة الله تعالى طرق كثيرة و كما يقولون : ” الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ” و طبعاً التعمق في المعرفة يحتاج إلى السعي في تكميل العقل النظري و العملي بدراسة العلوم و المعارف الإلهية بدقة ،  و التعبد لله تعالى و تحصيل عليا درجات التقوى  ليستنير بها القلب و يستعد لنيل درجات القرب و تلقّي الفيوضات الربانية ،  و الاستعانة بمظاهر و مجالي أسماء الله الحسنى و مجاري الفيض الإلهي عليهم صلوات الله الملك المنان ،  و بقدر ما يتكامل الإنسان في ذلك تتكامل معرفته بربه جل و علا و يتسع أفق نظره و شهوده و معرفته بنفسه و بالكون و عالم الإمكان أيضاً و – من عرف نفسه فقد عرف ربه –  فأحياناً نعرف أنفسنا و بذلك نتمكن من معرفة الرب بقدر معرفتنا لأنفسنا و ذلك لإن الإنسان هو الآية الكبرى لله تعالى و بمعرفته و معرفة صفاته و قواه الفعالة  يمكن التعرف على بعض صفات الله  و أفعاله و خلاقيته جل و علا و مثالاً على ذلك: نعلم أن للإنسان روحاً هي حقيقته و الحافظ لوحدة وجوده من جهات شتى كتغير جسمه و انعدام خلاياه و حدوث خلايا جديدة له و – كما يقولون – يتبدل جميع أجزاء جسمه في كل سبعة أعوام فيصبح جسماً آخر و مع ذلك يرى نفسه أنه هو من كان قبل عشرات السنين و لا يقول أحد بأنه غير من كان في سني الطفولة ،  فما يوجب هذه الوحدة في الوجود هو الروح الثابتة غير المتغيرة و إن تكاملت لأن تكاملها يكون بنحو اللبس بعد اللبس لا اللبس بعد الخلع بمعنى أن الروح تلبس لباساً من الكمال و الكمال الأعلى يكون لباساً على هذا اللباس و لا يخلع لباس الكمال الأول ليلبس الثاني – و هذا تمثيل و إلا فالكمال الحاصل للإنسان يصبح حقيقته شيئاً فشيئاً و هذا ما يحتاج إلى بيان يخرجنا عن طور كلامنا و عما نحن فيه – …  هذا نوع من وحدة الإنسان التي تحققها الروح و النفس الانسانية و لا نريد هنا ذكر كون هذا الأمر آية تجعلنا نعرف الله تعالى بصفاته و أسمائه و إن أمكن ذلك بالنظر إلى أن جميع الموجودات الامكانية على أنها آيات لله و مظاهر لأسمائه و صفاته و تبدل ظواهرها بل وحقائقها لا يخرجها عن كونها آيات لله تعالى و مظاهر لأسمائه و صفاته  – كلٌ بحسب درجته و كماله الوجودي – …  و ما نريد أن نذكره مثالاً للمطلوب هو أن النفس الانسانية مع كونها في كل إنسان موجوداً واحداً و لكنها في نفس الوقت هي كل القوى الإدراكية و التحريكية في الإنسان فهي تبصر و تسمع و تذوق و تشم و تفهم و تتخيل و تتوهم و تعقل و تريد و تفعل و … مع أن هذه الإدراكات و الأفعال تستند إلى القوى المختلفة في وجود الإنسان كالعين و الأذن و القوة الشامة المودعة في الأنف و الذائقة في اللسان و القوة العاقلة و …  ففعل هذه القوى و إدراكاتها أفعال و إدراكات للنفس  و على حد تعبير المحقق السبزواري : 

” النفس في وحدتها كل القوى  *  و  فعلها في فعله قد انطوى “ 

و النفس تبصر عن طريق العين و تسمع بواسطة الأذن و … فهذه القوى كلها جنود النفس كما أن الكون الإمكاني بأجمعه جنود الله تعالى كما قال جل و علا : ” و لله جنود السموات و الأرض ” فأفعال جميع الكائنات أفعال الله  جل جلاله من دون أن يكون في الأفعال الإختيارية مستلزماً للجبر – و توضيحه موكول إلى محله – و يمكن جعل ذلك من مراتب التوحيد الأفعالي …  

   و كذا فيما يتعلق بالخلق فالله خالق بالإرادة و قد جعل في الإنسان آية من ذلك و لكن في الوجود الذهني فهو قادر على أن يخلق في ذهنه ما يشاء بنفس المشيئة و الإرادة فالصور الذهنية فعل النفس الانسانية بالإرادة لأنها تتحقق في الذهن بمجرد إرادة النفس و بذلك يمكننا التعرف على الخلق بالإرادة إجمالاً و بتعبير أفضل يسهل علينا  تقبّل الخلق بالإرادة و إن لم نعرف حقيقته ،  و قد ورد في الحديث المشهور أنه: “  من عرف نفسه فقد عرف ربه ” يعني – و الله العالم – أن معرفة النفس الانسانية توجب معرفة الرب بقدر المعرفة بالنفس ،  و هذا كما أشرنا تفسير واحد للحديث المذكور و من الممكن أن نقول أن الأمر بالعكس يعني أن الحديث لا يريد بيان المعرفة بطريق البرهان الإني الذي يُنتقَل فيه من الأثر إلى المؤثر  بل يريد بيان المعرفة اللمية التي يُنتقَل فيها من المؤثر إلى الأثر  و من معرفة العلة إلى معرفة المعلول و من معرفة الله إلى معرفة النفس فيكون المعنى أن من عرف نفسه يتبين أنه قد عرف ربه قبل ذلك و بتعبير آخر إن معرفته بربه سبب معرفته بنفسه فيكون الحديث بمنزلة عكس النقيض لقوله تعالى : “  نسوا الله فأنساهم أنفسهم ” ..  و لكن هذه المعرفة غير متيسرة لكل أحد ، فأمثال الإمام الحسين عليه السلام يتمكنون من القول : ” أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك ،  متى  غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك و متى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك .. “  نعم هذا الطريق طريق الكمّل  و إن كان طريق البرهان الإني أيضاً صعباً لأننا لا نعرف حقيقة النفس لنعرف الله تعالى بمعرفتها بل قد يقال أن معرفة حقيقة النفس أمر مستحيل بالنسبة لنا ” قل الروح من أمر ربي ” فإذا كانت معرفة الدليل مستحيلاً فما بالك بالله الذي نريد الوصول إلى معرفته بمعرفة ذلك الدليل ،  نعم نعرف آثار النفس و أفعالها و صفاتها فتتحقق لنا معرفة إجمالية ببعض صفاته و أسمائه و أفعاله جل و علا كما أشرنا إليه بالأمثلة السابقة … 

هذا كله من الجانب النظري و أما الجانب العملي و تكميل العقل العملي فسنشير إليه في الجواب عن الشق الثاني من سؤالكم  فنقول: 

* و أما الشق الثاني من سؤالكم فنقول إن من أهم سبل النجاة من الذنوب ذكر الله تعالى من حيث المبدأ و المنتهى بمعنى ذكر الله تعالى الذي خلقنا و أعطانا كل ما نحتاج إليه في البعدين الجسماني و الروحاني من وجودنا و جعل فينا جميع مقومات الوصول إلى الكمال و أرسل رسله و نصب أولياءه عليهم السلام لهدايتنا نحو الكمال المطلوب لنا ،  و هو قادر على سلب الوجود منا و أخذ جميع ما أعطانا و …  ،  فذكر الله من هذه الجهة كافٍ لترك الذنوب و الابتعاد عن معصيته و التمرد عليه جل و علا ،  كما أن ذكره تعالى من حيث رجوعنا إليه و أنه سيحاسبنا على كل صغيرة و كبيرة و التذكر بأننا لا نطيق حسابه فكيف بعذابه ، و في كلمة واحدة ذكر الموت أيضاً كافٍ في تحقق التقوى و الانقطاع عن الدنيا و الانقطاع إلى الله تعالى و خرق الحجب النورية و الظلمانية التي تحجب العباد عن ربهم و عن معرفته جل جلاله  و .. 

     و ارتكاب الذنوب من قِبَل العبيد الذين هم عين الحاجة و الفقر إلى الله تعالى و هم لا يطيقون عذابه و عقابه ، أمر قبيح  و يلزم تربية النفس و تهذيبها كي نتمكن من السيطرة عليها و على جماحها و نصل بذلك إلى درجات القرب من الله العظيم  ،  نعم ارتكاب المعصية و التمرد على المولى الكريم و الحرمان من الوصول إلى السعادة و الكمال أمر قبيح مستقبح عقلاً و شرعاً و لكن الأقبح من ذلك اليأس من روح الله ،  فالله يعلم من عباده أنهم – و بحكم وجود القوى الشهوية و الغضبية الذي قد تتغلب على القوة العاقلة – سيُبتلون بالمعصية أحياناً و لهذا فتح لهم باباً إلى عفوه سماه التوبة و أمرهم بدخول هذا الباب و عدم اليأس من رحمته …  فاللازم هو أن نكون دائماً بين الخوف و الرجاء و أن لا يكون جانب الرجاء هو الغالب فينا فينجر إلى الأمن من عذاب الله ، كما يلزم أن لا  يغلب جانب الخوف على الرجاء فيؤدي إلى اليأس من روح الله حيث أنهما كليهما – اليأس من رحمة الله و الأمن من عذابه – من أكبر المعاصي و أخطرها على الإنسان لأن كل واحد منهما يفتح باب سائر المعاصي على المتصف به كما لا يخفى عليكم و يظهر لكل من تأمل فيه بأدنى روية …  فكما أشرنا صدور المعاصي أمر قبيح يلزم التغلب على النفس الأمارة كي لا تصدر منا و لكن الأقبح هو اليأس فعلينا التوبة و الرجوع إلى الله تعالى مهما صدرت الذنوب و تكرر منا صدورها ، كما أن التوسل بأولياء الله تعالى و مجاري فيوضاته و مظاهر أسمائه عليهم آلاف التحية و الثناء مُفيد و مُعین لنا في طي سبيل التهذيب و التدرج في مدارج الكمال و العروج إلى مقامات القرب إلى الرب  المتعالي و مشاهدة جلاله و جماله بقدر وسعنا و طاقتنا …

و بذلك يمكن الإستعداد للظهور و صحبة صاحب الأمر عليه السلام و عجل الله تعالى فرجه الشريف و جعلنا الله و إياكم من خلص شيعته و أنصاره و أعوانه بحق محمد و آله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين .. 

وفقنا الله و إياكم لمراضيه …

 

أيوب الجعفري