السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقبل الله اعمالكم إن شاء الله

احد اخواننا السنة يقول

 ممكن تثبت لي ان عقيدة السنه فيها معتقدات شركيه مثل العقيدة الشيعة؟ 

مع التوضيح والشرح والادلة ..رحم الله والديكم ..

________________________________

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

أنتم افترضتم أن لدى الشيعة عقائد شركية فطلبتم بيان ما لو كان لدى السنة أيضاً عقيدة شركية في حين أنه افتراض باطل لأنه لا توجد لدى الشيعة – بما هم شيعة – عقيدة شركية ، و ما يقال عن بعض الطقوس أو المعتقدات بأنها شرك منشؤه عدم الفهم الصحيح و الدقيق لمفاهيم الدين ، فمثلاً السجود على التربة سجود عليها لا لها ،  و إنما نسجد  عليها لأن النبي صلى الله عليه و آله و سلم  قد أمرنا بذلك حيث قال : جعلت لي الأرض مسجداً و طهوراً ،  كما في من مصادر الحديث و منها صحاح أهل السنة ، و قد ورد في الكتب المعتبرة لدى أهل السنة أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أمر بالسجود على الأرض و لم يأذن بالسجود على طرف الثوب ، ففي مسند أحمد عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الظهر فآخذ قبضة من الحصى فأجعلها في كفي ثم أحولها إلى الكف الأخرى حتى تبرد ثم أضعها لجبيني حتى أسجد عليها من شدة الحر  . 

يقول البيهقي في سننه تعليقاً على الحديث المذكور :  قال الشيخ : و لو جاز السجود على ثوب متصل به لكان ذلك أسهل من تبريد الحصى بالكف و وضعها للسجود  .. 

و طبعاً لا ينحصر الأمر ، بالثوب المتصل بل لو كان السجود على الثوب مطلقاً – سواء كان متصلاً أم مفصلاً – جائزا لكان أسهل من تبريد الحصى .. فلا وجه لتخصيص ذلك بالثوب المتصل … 

  هذا ، و الرواية تدل على أن ذلك كان عملاً مستمراً و لم يكن قضيةً في واقعة لأنه إذا دخل ماضي مادة ” الكون ” على المضارع دل على الماضي الإستمراري فقولنا  : قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم كذا غير قولنا : كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم يقول كذا ، و في هذه الرواية يقول جابر بن عبدالله الأنصاري رضوان الله تعالى عليه : ” كنت أصلي … فآخذ … إلخ ” فيدل على أن ذلك كان منه عملاً مستمراً كما لا يخفى .  

و روايات أهل السنة في هذا المجال كثيرة و في بعضها تصريح بأن النبي صلى الله عليه وآله لم يسمح بالسجود على طرف ثيابهم  ، و لا داعي في هذه العجالة لاستقصاء تلك الروايات و ذكر جميعها .. 

     و ما تدل عليه هذه الروايات هو أن السجود الصحيح هو سجود الشيعة أي السجود على الأرض و ما يصدق عليه أنه من الأرض ، و التربة التي نسجد عليها نحن الشيعة من الأرض ، و جميع روايات أهل السنة و الشيعة تصحّح هذا السجود بينما السجود على السجاد و أمثاله لا تصححه لا روايات الشيعة و لا روايات أهل السنة أنفسهم إلا في حالات الإضطرار  .. 

فما يسندنونه إلى الشيعة من الشرك و عبادة الأحجار  بعيد عن الحقيقية كل البعد .. 

و كذا بالنسبة لزيارة أهل القبور و الإستشفاع و التوسل و .. فلجميع هذه الأمور و أمثالها معان صحيحة و مفاهيم دينية و أحياناً عميقة قد نص القرآن الكريم و الروايات عليها و لكن يحتاج إلى بيان خارج عن موضوع سؤالكم و إنما أشرت إلى أمر واحد لأنكم جعلتم شركية بعض ما يعتقد به الشيعة أمراً مسلّماً و مفروغاً عنه و طلبتم إثبات شيء من هذا القبيل في معتقدات أهل السنة لإثبات أن الحق معهم و أن الشيعة على باطل ،  و لكن رأيتم أن الأمر ليس كذلك بل العكس هو الصحيح .. 

و أما ما طلبتموه فنقول أن من أهل السنة من يعتقد بأن الله سبحانه و تعالى جسم في حين أن الجسمية تنافي الأحدية التي صرح القرآن الكريم بها كقوله تعالى :  ” قل هو الله أحد ” فالأحدية غير كونه تعالى واحداً لأن الواحد بمعنى أنه ليس له ثانٍ بل يمتنع الثاني و لكن الأحدية تعني أنه موجود بسيط الحقيقة ليس مركباً من جزئين أو أكثر ،  و هذه – أي الأحدية – هي سبب امتناع وجود إله ثانٍ بل هي دليل امتناع افتراض الثاني أيضاً كما أشرنا إليه في بعض أجوبتنا  ، فمن المعلوم عند أهله أن التركب آية الحاجة لأن المركب يحتاج إلى أجزائه و إلى من یرکّب تلك الأجزاء ليتحقق ذلك المركب في الخارج ، و من يكون محتاجاً إلى غيره في أصل وجوده ليس بإله بل ذلك الموجود الذي يُحتاج إليه هو الإله و يجب أن يكون بسيط الحقيقة لا مركباً و إلا رجع نفس الكلام ..  و الجسمية تعني التركب و هو منافٍ للتوحيد في الذات في جانب الأحدية و يوجب عدم استحالة وجود إله ثان و إن قلنا بعدم وجوده و نعلم أنه لا يكفي في التوحيد الحقيقي القول بعدم وجود إله ثانٍ بل يلزم الإعتقاد باستحالة وجوده بل و امتناع افتراضه … 

كما أن كثيراً منهم يعتقدون بالقدماء الثمانية و لا يعتقدون بالتوحيد في الصفات و قد أشرنا إلى ذلك في بعض أجوبتنا و قد نكتب عنه موضوعاً مستقلاً مستقبلاً بعون الله تعالى   

موفقين لكل خير ..

                                 أيوب الجعفري

 

ليلة الجمعة ٧ من شهر رمضان المبارك ١٤٣٨ هـ ق الموافق ٢ / ٦ /٢٠١٧ م