سلام عليكم ورحمة الله وبركاته سماحة الشيخ

 

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما أمر إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) ببناء البيت وتم بناؤه قعد إبراهيم على ركن ثم نادى هلم الحج هلم الحج فلو نادى هلموا إلى الحج لم يحج إلا من كان يومئذ إنسيا مخلوقا ولكنه نادى هلم الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال لبيك داعى الله لبيك داعي الله عز وجل، فمن لبى عشرا يحج عشرا ومن لبى خمسا يحج خمسا ومن لبى أكثر من ذلك فبعدد ذلك ومن لبى واحدا حج واحدا ومن لم يلب لم يحج.

و السؤال : 

*  هذه الرواية تدل على اننا لو اجبنا النبي ابراهيم الدعوة مرة واحدة لحجينا مرة واحدة وهكذا.. 

اذن كيف يمكن ان نجيب دعوة نبي في عالم الدنيا ونحن في الاصلاب اي عالم الذر اجبنا؟

 النبي ابراهيم لما عمل الكعبة بعد ذلك اخذ الميثاق من الناس..  فبعض الناس كانت ف الدنيا وبعضها ف الاصلاب..  

فكيف احنا ننلبي دعوة كانت ع وجه الارض يعني في عالم الدنيا ونحن ف عالم الاصلاب..

هو قال لو انه قال لهم هلموا الى الحج كان فقط الناس الموجودين ف الدنيا يحجون 

واما هو قال هلموا الحج يعني كل الناس وايضا الذين ف الاصلاب .

( ثم ينقل المستفسر قول من يقول بأن المستفاد من الآيات أنه لم تكن تعرف كلمة ” الله ” قبل إبراهيم ،  و يتسائل المستفسر 🙂   

 ما مدى صحة هذا ؟ 

 * نظر إلى الزهرة في السماء فقال: ” هذا ربي ” فلما غابت الزهرة فقال : لو كان هذا ربي ما تحرك ولا برح، ثم قال: لا أحب الآفلين ” والآفل: الغائب. فلما نظر إلى المشرق رأى وقد طلع القمر قال: ” هذا ربي هذا أكبر وأحسن فلما تحرك وزال قال: ” لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ” فلما أصبح وطلعت الشمس ورأي ضوءها وقد أضاءت الشمس الدنيا لطلوعها قال: ” هذا ربي هذا أكبر ” وأحسن فلما تحركت وزالت كشط الله عن السماوات حتى رأى العرش ومن عليه وأراه الله ملكوت السماوات والأرض، فعند ذلك قال: ” يا قوم إني برئ مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين “ 

السؤال :  النبي ابراهيم من الولادة هم معصوم ونبي،  وقد يوحى اليه،،  لكن في هذه الرواية كيف نوافق بين ان النبي كان متردد ف ربه وهو نبي يعلم الغيب

و السؤال : 

هل اشخاص الانبياء هم معصومون ومبعوثون انبياء من حين الولادة وثم يبعثون رسل؟

________________________________

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته: 

 بالنسبة لعالم الذر قد كتبت فيما سبق جواباً حول هذا الموضوع و إليكم نص السؤال و الجواب السابق :  

كيف يُحتج علينا بالميثاق المأخوذ في عالم الذر مع عدم تذكره من الأساس ؟ 

سؤال : شيخنا الفاضل .. اﻵية و إذ أخذ ربك .. علمنا أن الحدث كان فى عالم الذر و نعلم أن ﻻ أحد من الخلق يتذكر تلك الشهادة من رب العالمين فكيف تكون حجة على الخلق فى يوم القيامة و كأن تلك الحادثة لم تمر عليهم اصلا .. و كيف يحاسبون بحدث فى عالم الذر قبل الخلقة و الوجود فى عالم الدنيا .. أفيدونا يرحمكم الله … موفقين

الجواب  : 

 سلام عليكم ورحمة الله وبركاته و تقبل الله أعمالكم .. 

عالم الذر محل خلاف فهل هو عالم كان قبل عالم الدنيا و قد أُخذ الميثاق من البشرية هناك أم أنه عالم الفطرة فالميثاق الفطري موجود في كل إنسان فقد جُبِّلَ الجميع على التوحيد في مختلف أبعاده و هذا قابل للإحتجاج لأن الجميع مفطورون عليها : ” فطرة الله التي فطر الناس عليها ” ،  و أما إذا قلنا بأن هناك عالماً آخر يسمى بعالم الذر غير الفطرة الانسانية فنقول أن النسيان لا يُخرج الحجة عن كونها حجة كما أنه إذا اقترض شخص مبلغاً من المال فنسي حيث لا يكون نسيانه رافعاً لمسئولية أداء القرض ،  فإذا ذُکِّر لزمه الأداء و قبول المسؤلية و نحن سنتذكر يوم القيامة كل شيء فستتم الحجة علينا ،  كما أنه من الممكن أن نقول أن الميثاق المأخوذ منا في عالم الذر هو ميثاق التوحيد و أن لا نشرك بالله تعالى و الله تعالى قد أودع فينا الفطرة التوحيدية المذكِّرة بالتوحید الذي قد أخذ الله علينا ميثاقه بأن نوحده و لا نشرك به و ليس المهم هو نفس عملية أخذ الميثاق بل المهم موضوع الميثاق و هو التوحيد ،  فإذا كان عالم الذر منسياً لنا فالفطرة المذكِّرة بالتوحيد موجودة فلا يتمكن أحد من أن يقول لا أتذكر ميثاقاً .. 

—————-      ————–      ———–

 * و أما مسألة الإستجابة لنداء إبراهيم عليه السلام فبحسب هذه الرواية لم يكن نداؤه سلام الله عليه نداءً مُلکياً متعلقاً بعالم الطبيعة فحسب بل كان نداءً ملكوتياً يسمعه كل من كان أو يكون أو سيكون موجوداً ، فيسمعه بوجوده لا بأُذُنه الجسمانية  فإما أنه يستجيب بلسان حاله أو أن المقصود أن الله تعالى كان يعلم بأن هذا الشخص سيستجيب لإبراهيم بعد نزوله إلى عالم الطبيعة و الدنيا عشرمرات فيحج عشر مرات ،  و ذاك سيستجيب خمس مرات فيحج خمس مرات و هكذا ..  و بعبارة أخرى كان تعالى يعلم بأن هذا الشخص سيحج عشر مرات و هذا علامة الإستجابة عشر مرات و …

    و أما ما ذكره الكاتب – الذي لا أعلم من هو – من أنه لم يكن يعرف الناس كلمة ” الله ” إلا بعد إبراهيم فلا دليل عليه بل ورد استعمال لفظ الجلالة من قِبَل نوح على نبينا و آله و عليه السلام الذي كان قبل إبراهيم عليه السلام بمئات السنين ، حیث قال تعالى:  ” إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون ،  إني لكم رسول أمين،  فاتقوا الله و أطيعون .. “

 * و أما قول إبراهيم هذا ربي … فقد كان ذلك في مقام الاستدلال و إثبات أن هذه الكواكب لا يمكن أن تكون آلهة لغروبها و أفولها فإن ذلك من صفات الموجودات الممكنة الوجود و الحادثة التي لم تكن ثم وُجدت ، و الله تعالى موجود واجب الوجود بالذات و قديم لا أول له لأنه عين الوجود و ما هو عين الوجود لا يمكن افتراض عدمه كي يوجد و يحدث بعد العدم  كما نبّه عليه الإمام الرضا عليه السلام في مناظرته مع المأمون العباسي ففي كتاب التوحيد للصدوق رحمه الله عن علي بن محمد بن الجهم ، قال : حضرت مجلس المأمون وعنده علي بن موسى الرضا عليهما السلام ، فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك إن الأنبياء معصومون ، قال : بلى ، قال : فسأله عن آيات من القرآن ، فكان فيما سأله أن قال له : فأخبرني عن قول الله عز وجل في إبراهيم (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي) فقال الرضا عليه السلام : إن إبراهيم عليه السلام وقع إلى ثلاثة أصناف : صنف يعبد الزهرة ، و صنف يعبد القمر ، وصنف يعبد الشمس، و ذلك حين خرج من السرب الذي أخفي فيه ، فلما جن عليه الليل و رأى الزهرة قال : هذا ربي على الانكار و الاستخبار ، فلما أفل الكوكب قال : ( لا أحب الآفلين ) لأن الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم ، فلما رأى القمر بازغا قال: هذا ربي على الانكار و الاستخبار ، فلما أفل قال : ( لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ) فلما أصبح ( و رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر ) من الزهرة والقمر على الإنكار والإستخبار لا على الإخبار و الإقرار ، فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة و القمر و الشمس : ( يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) و إنما أراد إبراهيم بما قال أن يبين لهم بطلان دينهم ، و يثبت عندهم أن العبادة لا تحق لما كان بصفة الزهرة و القمر و الشمس ، و إنما تحق العبادة لخالقها و خالق السماوات و الأرض ، و كان ما احتج به على قومه مما ألهمه الله عز وجل و آتاه كما قال الله عز و جل : ( و تلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) فقال المأمون: لله درك يا ابن رسول الله .

 * و أما نبوة المرسلين منذ الولادة فليس بالضرورة أن يكون المرسلون أنبياء منذ الولادة بل الغالب هو عدم كونهم أنبياء آنذاك ،  نعم كان من الأنبياء من بُعث نبياً منذ صغره کعیسى بن مريم و يحيى بن زكريا على نبينا و آله و عليهما السلام .. 

أيوب الجعفري

_____________________________________

 المستفسر : 

 لكنهم معصومين من الولادة،،  كيف يكونوا معصومين 

ولم يحازوا على اقل مرتبة من النبوة؟

___________________________________

النبوة تلازم العصمة و لكن العصمة لا تلازم النبوة بمعنى أن بينهما عموماً و خصوصاً مطلقاً فكل نبي معصوم و ليس كل معصوم نبياً فالأئمة عليهم السلام و فاطمة الزهراء و مريم العذراء عليهما صلوات الله كانوا معصومين و لم يكونوا أنبياء  ، بل نعتقد أن عصمة أهل البيت عليهم السلام أعلى درجة من عصمة جميع الأنبياء و المرسلين بمن فيهم أولوا العزم ( إلا النبي الخاتم الذي هو رأس الهرم في أهل بيت النبوة عليهم السلام ) و مع ذلك لم يكونوا أنبياء ،  فالأنبياء أيضاً و إن كانوا معصومين من الصِغَر إلا أنه لم يكن جميعهم أنبياء منذ ذلك الحين فغالبية الأنبياء قد بُعِثوا في سن الأربعين حتى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم  ..