صلاة الجمعة
السلام عليكم أرجو ان يسع صدركم لأستفساراتي لاني ابحث عن الحقيقة وانا لا اتفق مع الروايات لاني لا اثق في الروايات
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
[سورة الجمعة: 9-10]
الايه واضحه ولا توجد اي إشارة الى صلاة الجمعة في بيئة صحراوية تبدأ حركة السوق في الصباح الباكر قبل الفجر وليس في منتصف النهار وكان الرسول يصلي صلاة الفجر بالمسلمين وبينما هم يصلون سمعوا المنادي في السوق ينادي بوصول بضاعة جديدة انفضّوا الى السوق وتركوا الرسول
لا توجد في الآية ايه إشارة لصلاة تسمي صلاة الجمعة وأكثر الظن ان صلاة الجمعة من بدع معاوية عليه لعنه الله
وهل يعقل الرسول و الصحابة الأربعة يصلون الجمعة ولا يصل لنا خطبة من خطبهم ؟؟؟؟؟ هل سمعت خطبه للرسول القاها يوم الجمعه
______________________________________________
الجواب
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك روايات لا يمكن الاعتماد عليها في اثبات الأحكام الشرعية ( على تفصيل نوكل بيانه إلى محل آخر ) لضعف أسنادها أو لوجود قرائن قطعية على عدم صحتها أو توجب الاطمئنان بذلك، أو تكون مُعارَضة بروايات أخرى أقوى منها سنداً أو دلالة أو تكون مخالفة للقرآن أو السنة القطعية أو …. إلا أنه لا يمكن تعميم عدم الاعتماد على جميعها فهناك روايات متواترة – بمعنى أن هناك الكثيرين ممن يمتنع تواطؤهم على الكذب قد نقلوا لفظا واحداً أو مضموناً واحداً أو .. – أو روايات معتبرة السند من دون معارض لها في الروايات نفسها و ليست مخالفة للقرآن الكريم و غير ذلك مما يطول الكلام في سردها فكيف بشرحها ، كل هذه الروايات حجة بيننا و بين ربنا سواء أوجبت القطع أم الاطمئنان بالصدور من المعصوم عليه السلام ما لم يكن هناك ظن أو اطمئنان أو قطع بالخلاف لأحد الأسباب التي توجب وهن الرواية و ضعفها سندا او متنا و مضمونا، و لولا ذلك لما تمكنّا من اثبات غالبية الأحكام الشرعية بل حتى الصلاة التي يبتلى بها جميع المكلفين ليل نهار ، فنحن نعرف أن الصلاة واجبة بدليل القرآن و القرآن يوجد فيه كل ما نحتاج إليه في عباداتنا و معاملاتنا و ما نحتاج إليه في أمر معاشنا و معادنا إلا أن كثيراً منها متعلق بباطن القرآن و ليس ظاهره بمعنى أن المسألة موجودة في القرآن و لكن ليس من الضروري أن يكون في ظاهر القرآن بل هناك الكثير من المسائل و الأحكام مذكورة في باطن القرآن و الباطن يعرفه المعصوم دون غيره – كما بينا ذلك في بعض الاحوبة – فلولا الروايات المعتبرة السند و الوثيقة الدلالة لما عرفنا ما يجب قراءته في الركعات و كم هو عدد ركعات الصلوات و ما هي مستحبات الصلاة و متى يخرج وقت كل صلاة و عشرات بل مئات الأحكام ..
مضافاً إلى أدلة أخرى تدل بطريق مباشر أو غير مباشر على حجية الأخبار المعتبرة سنداً كأخبار العرض على الكتاب و السنة المتواترة و …
و بالنسبة لمورد نقاشكم : لم يكن الناس في عصر النبي صلى الله عليه و آله و سلم كلهم في الصحراء بل كان النبي و كثير من الصحابة يعيشون في المدينة و قد شكّل النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم دولة اسلامية و تعاهد مع القبائل و عقد العقود المتعلقة بالدولة مع سائر الطوائف و أصحاب الديانات الأخرى للحفاظ على أمن المدينة و المسلمين آنذاك و كان يجيّش الجيوش في المدينة بل في المسجد النبوي للدفاع عن الكيان الاسلامي عندما كانت تأتيه أخبار عن نكث العهد و تآمر بعض هؤلاء على المسلمين .. و القرآن أيضاً يشير الى ذلك أحياناً و في بعض الآيات … و ظاهر الآية هو أن النبي كان قائماً يتحدث و يخطب في الناس و كانوا يتركون الخطبة لأجل ورود التجار الى المدينة حيث كان البعض يتلقّى الركبان خارج المدينة و بعضهم ينتظر ورود القافلة في المدينة فكانوا يتركون النبي صلى الله عليه و آله و سلم قائماً يخطب فنهاهم الله تعالى عن ذلك ، و أما الصلاة فكانوا یعلمون بأنه لا يجوز قطعها ، و ما كانوا يجهلونه هو عدم جواز الخطبة للتجارة فجاء النهي المُحَرِّم لذلك…
مضافاً إلى أن القرآن يقول : ” إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيع ” و هل يُعقل أنهم كانوا يتعاملون و يفتحون محلاتهم للبيع و الشراء قبل طلوع الفجر الصادق حتى يأتي الأمر بترك البيع بمجرد النداء و الأذان للصلاة ، وأيضاً لو كان المقصود صلاة الفجر بل حتى لو قلنا بأن المقصود صلاة الظهر لا صلاة الجمعة لما كان وجهٌ لتخصيص يوم الجمعة فإن ترك الصلاة و قطعها إذا كان محرماً فهو محرم في جميع الصلوات لا صلاة الفجر و لا الصلاة في يوم الجمعة فحسب …
و أما من ناحية السنة المباركة فهناك عشرات بل مئات الروايات التي تتحدث عن صلاة الجمعة و شروطها و ما يُقرأ فيها وما يلزم ذكره في الخطبتين و وجوب الانصات اليهما و أن لا يصلي المأموم أثناء الخطبتين و… و شرائط الامام في هذه الصلاة و.. و كثير من هذه الروايات معتبرة و لا يمكن أن نقول أنها جميعها مرفوضة لمجرد احتمال أن يكون المراد ترك صلاة الفجر مع وجود أدلة كثيرة على خلاف هذا الاحتمال ..
أضف إليه تسالم أصحاب الأئمة عليهم السلام و الفقهاء من الصدر الأول إلى يومنا هذا على أصل وجوب صلاة الجمعة و إن اختلفوا في خصوصياتها من أنه هل هي واجبة في عصر الغيبة تعييناً أم تخييراً بينها وبين صلاة الظهر أم أنها من مناصب المعصوم عليه السلام فقط أم أنها من مناصب المعصوم و من يقوم مقامه في عصر الغيبة و هل يلزم أن تقام بإذن الفقيه الجامع للشرائط و .. ؟ و أما أصل ورودها في الشريعة المقدسة فهو مما لا يمكن التشكيك فيه كما لم يشك فيه أحد من الفقهاء إلى يومنا هذا …
و أما ما تفضلتم به من أنه لم يُنقل لنا خطبة خطبها النبي صلى الله عليه و آله و سلم فغير صحيح فقد ورد أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما جاء إلى المدينة أقام أول جمعة في الإسلام فقال صلى الله عليه و آله و سلم في الخطبة الأولى : ” الحمد لله أحمده و أستعينه و أستهديه و أؤمن به و لا أكفره و أعادي من يكفره و أشهد أن لا إله إلا الله ….. أوصيكم بتقوى الله فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة و أن يأمره بالتقوى ….. ” و يذكر الخطبتين ويقول الراوي بعد ذلك فصارت الخطبتان شرطاً في صلاة الجمعة … وفي رواية عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال : ” كان رسول الله يخطب الناس يوم الجمعة في الظل الأول فإذا زالت الشمس أتاه جبرئيل فقال له قد زالت الشمس انزل فصل ” و عبارة ” كان يفعل في اللغة العربية للماضي المستمر ، فكان يخطب يعني أنه كان يخطب مستمراً في جميع الجُمَعِ بهذه الطريقة ، و أما أنه كان يخطب في الظل الأول فلأنه يجوز الابتداء بالخطبتين قبل الزوال ( على رأي ) كي لا تتأخر صلاة الجمعة عن أول وقتها فإن وقتها ضيّق و ليس ممتداً كوقت صلاة الظهر الذي يمتد إلى غروب الشمس … و أما أمير المؤمنين عليه السلام فقد نقل المرحوم الكليني في روضة الكافي (المجلد الثامن من الكافي) ص ١٧٣ خطبتيه عليه السلام في إحدى صلواته يوم الجمعة ، و ليس من الضروري أن تكون منقولة في نهج البلاغة فإن الشريف الرضي لم يكن غرضه نقل جميع ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام بل كان هدفه جمع الكلمات التي كانت في قمة الفصاحة و البلاغة لأمير المؤمنين عليه السلام و لهذا يُشکّل ما نقله عددا قليلا من خطبه و كلامه عليه السلام بل أحيانا يذكر شطرا من خطبة واحدة لاشتماله على عبارات أدبية بديعة و يترك سائر مواضعها …
وفقكم الله و إيانا لكل خير .. و لا تنسوني من صالح دعواتكم الكريمة
أيوب الجعفري
https://telegram.me/ayoobaljafary