أول ما خلق الله تعالى
سلام عليكم
رحم الله والديكم نريد منكم توضيح الشبهه الي تقول اول ما خلق الله هو نور النبي محمد ( ص) ثم تقول الروايات العقل ، الماء ،الكرسي ،العرش …
______________________________________________
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قد تكون الأولية قياسية و نسبية و قد تكون مطلقة ، فإن كانت قياسية أمكن تعدد أول مخلوق لله تعالى فالأول في عالم المجردات و عالم الملكوت شيء و في عالم المادة و الطبيعة ( عالم المُلك) شيء آخر ، و بذلك يمكن تفسير الروايات المختلفة فكل واحد من تلك الأشياء التي قد ذُکر أنها أول مخلوق لله تعالى يكون أول مخلوق في عالَمِه أو في مجموعة خاصة من المخلوقات …
و أما إذا كان المقصود الأول على الإطلاق بحيث لا يكون قبله مخلوق أبداً ، لا في عالم المُلك و الطبيعة و لا في عالم الملكوت و المجردات ، فأولاً يلزم أن يكون ذلك الأول شيئاً واحداً و لا يمكن أن يكون هناك شيئان كل واحد منهما أول ما خلق الله بقول مطلق ( نعم يمكن أن يكون لشيء واحد وجودٌ سِعِيٌّ واحد له مراتب مختلفة فيظهر في كل مرتبة بصورة مختلفة من المرتبة الأخرى أو يكون له تمثلات كالملائكة حيث أنها قد تظهر بصورة إنسان و قد تظهر بصورة موجود له أجنحة أو … ) هذا أولاً .
و ثانياً لا يمكن أن يكون الأول بقول مطلق موجوداً مادياً لأن المادي مسبوق بغيره و لا أقل من أجزائه فإن الأجزاء التي تحقق حقيقة الشيء متقدمة عليه رتبةً أو زماناً و رتبةً معاً ، فننقل الكلام إلى تلك الأجزاء هل هي موجودات مادية أم لا فإن كانت مادية جاء نفس الكلام و إن كانت مجردة ثبت المطلوب و لكن يلزم القول بأن الأول أحدها لا جميعها ، فإذن لا يمكن تصور موجود مادي يكون هو الأول بقول مطلق بل يلزم أن يكون الصادر الأول موجوداً مجرداً بسيطاً غير مركب من أجزاء …
و ثالثاً المنقول في الروايات أن الأول هو الماء أو العقل أو القلم أو روح نبينا أو نور نبينا أو … فإما أن يكون المقصود من هذه العبارات شيئاً واحداً قد عُبِّر عنه بعبارات مختلفة لحكاية كل عبارة عن جهة من جهات وجوده أو كمال من كمالاته أو لإيصال المعلومة إلى المخاطب على قدر عقله و إدراكه أو … أو يكون المقصود أموراً متعددة ، فإن كان الثاني – أي أموراً متعددة – فالمراد أن الماء الطبيعي العنصري أو أي موجود طبيعي آخر سمي بالماء كان المادة الأولى للخلق فهو أول مخلوقات عالم المُلك و الطبيعة و لا يلزم منه كونه أول مخلوقات الله على الاطلاق بل هو أول مخلوق في عالم الطبيعة و قد سبقه مخلوق آخر من عالم آخر كان واسطة الفيض لهذا المخلوق..، و إن كان المقصود هو الأول – أي أن الأول شيء واحد و ليس متعدداً – فنقول أن الأول على الاطلاق هو نور نبينا و روحه و هو المعبَّر عنه بالعقل لتجرده ، و هذا العقل قابل للانطباق على أنوار أهل البيت عليهم السلام جميعاً لأنهم نور واحد أو من نور واحد كما ورد أن الله تعالى خلق أنوارهم عليهم السلام ثم خلق الملائكة فلما نظروا إلى أنوارهم عليهم السلام شاهدوها نوراً عظيماً واحداً . . . فيكون التعبير بالقلم الذي هو أيضاً موجود مجرد عقلي عبارةً أخرى عن تلك الأنوار التي هي مظاهر أسماء الله تعالى و صفاته جل و علا و قد يكون القلم حاكياً عن مظهريتهم للعلم الإلهي سبحانه و تعالى ( و قد يُفسَّر القلم بأمور أخرى كما لا يخفى على من له اطلاع على الأخبار) … و أما التعبير بالماء – إن لم يكن المقصود الماء الطبيعي العنصري – فهو استعارة عن أول صادر عنه تعالى و هو العقل الذي هو القلم و هو نور نبينا لأن الماء واسطة خلق الموجودات الحية في عالم الطبيعة و نور نبينا صلى الله عليه وآله وسلم واسطة الفيض لجميع المخلوقات من جميع العوالم : ” لولاك لما خلقت الأفلاك ” …
موفقين لكل خير و لا تنسوني من صالح دعواتكم الكريمة ..
أيوب الجعفري
https://telegram.me/ayoobaljafary