هل صدر الكذب من إبراهيم الخليل عليه السّلام :
سلام عليكم شيخنه
سؤال لجنابكم
لماذا الله عز وجل لم يعاقب نبي الله ابراهيم عندما كذب 3 مرات وكان تركه اولى او عندما اكل ادم من الشجرة كان الاولى عدم تركه
و عاقب النبي يونس عندما لم يصبر واكله الحوتاوليس هذا ظلم وعدم العدل والمساواة وكما يقال فعل الاولى ذنوب المقربين
هذه كذبات ابراهيم
____________________________________
( الموارد الثلاثة التي بعث السائل صورتها: قول إبراهيم عليه السلام ” بل فعله كبيرهم ” و ” إني سقيم ” و قوله أن سارة أخته لا زوجته)
____________________________________الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً لا يعد العفو عن بعض و عدم العفو عن بعض آخر ظلماً كما لا يعد إعطاء شخص و عدم إعطاء شخص آخر ظلماً و خلاف العدل ، فلو أعطى شخص هديةً لزيد و لم يُعْطِ لخالد لا يعد ذلك ظلماً بحق خالد و إنما هو فضل بحق زيد ، فخالد لم يكن يستحق شيئاً على المُهدي حتى يكون عدم إعطائه الهدية ظلماً بحقه كما أن زيداً لم يستحق شيئاً حتى يكون إعطاؤه عدلاً و لهذا إعطاء الهدية لزيد تفضّلٌ منه لزيد فلا ينافي العدل و لا يعد تضييعاً لحق خالد فليس بظلم في حقه ، كما أنه إذا اغتاب زيد وخالد ، علياً فعفا عليٌ عن زيد و لم يَعْفُ عن خالد لم يكن ذلك ظلماً بحق خالد بل هو تفضل بحق زيد دون خالد و لم يكن عليٌ مُلزَماً بالعفو عن خالد … و كذا فيما يتعلق بالله تعالى فإذا أعطى أحد أنبيائه منصباً و مقاماً و لم يُعطِ ذلك المقام لنبي آخر فهذا تفضل للنبي الأول و ليس ظلماً بحق الثاني لأنه لم يمنعه ما يستحقه و كذا في مؤاخذة نبي لترك الأولى و عدم مؤاخذة نبي آخر لنفس ترك الأولى …
إلا أن الكذب ليس تركاً للأولى بل هو حرام ما لم يكن له وجه شرعي يخرجه عن الحرمة كالإصلاح بين المؤمنين أو دفع الخطر و الضرر المعتنى به عن نفسه أو عن المؤمنين ، و إذا كان السبب في الكذب هذه الأمور لم يكن حراماً و لا مكروهاً بل قد يجب و قد ورد في بعض الروايات أن : ” المصلح ليس بكاذب ” مع أن خبره مخالف للواقع و هو الكذب بعينه إلا أن الشارع المقدس لا يعتبره كذباً ، كما أنه يعتبر من يشهد بالزنا على الغير إذا لم يكونوا أربعة ، يعتبرهم كذابين : ” لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ” و إن كان خبره مطابقا للواقع ..
هذا كله فيما إذا اعتبرنا ما ذكرتم كذباً إلا أن ذلك إما أنه لم يكن كذباً و إما أنه كان للإصلاح أو لدفع الخطر و الضرر ففي الرواية : ” قال إبراهيم : بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ، قال و الله ما فعلوا و ما كذب … إلى أن قال: إن الله أحب اثنين و أبغض اثنين : أحب الخطر فيما بين الصفين و أحب الكذب في الإصلاح …. إن إبراهيم قال : بل فعله كبيرهم ، إرادة الإصلاح و دلالةً على أنهم لا يعقلون .. و في رواية عن الامام الرضا عليه السلام ( أن مراد إبراهيم عليه السلام : بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون ، فعلق المحال على المحال ) بمعنى أنه إذا كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم و لكن نطقها مستحيل فكون ذلك فعلَهم أيضاً مستحيل فليس ذلك فعلَ كبيرهم .. و قد قال العلامة الطباطبائي أن ذلك لا يعد من الكذب بل هو كلام موضوع للتبكيت مسوق لإلزام الخصم على الإعتراف ببطلان مذهبه و لذا لم يجد القوم بُدّاً إلا أن اعترفوا بذلك فقالوا : لقد علمت ما هؤلاء ينطقون قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً و لا يضركم أف لكم و لما تعبدون من دون الله ..
و في قوله إني سقيم ورد أنه: ما كان إبراهيم سقيماً و ما كذب ، إنما عنى سقيماً في دينه أي مرتاداً . يقول السيد الخوئي في تفسير ذلك : و معنى المرتاد في اللغة هو الطلب و الميل ، أي إني طالب في ديني و مجد لتحصيل الإعتقاد بالمبدأ و المعاد ، فقد خيّل بذلك إلى عبدة الأصنام و النجوم أنه مريض لا يقدر على التكلم ، فتولوا عنه مدبرين … و هناك وجوه أخرى..
وأما قصة سارة فأولاً كان ذلك لدفع الخطر و ثانياً عنى بذلك أنها أخته في الدين كما في بعض الروايات مع أن ذلك منقول من طرق أهل السنة و قد رواها أبو هريرة و ليست من طرقنا ، و من أهل السنة أنفسهم من ينكر وقوع ذلك كالفخر الرازي ..
أيوب الجعفري
https://telegram.me/ayoobaljafary