- النهي عن الاشتغال بالدنيا و عن تعلق القلب بمتاعها
سؤال من أحد المؤمنين : قال الإمام الصادق(ع): “لا تشتغل بلباسٍ آخرهُ البلاء و طعامٍ آخره الخلاء و دارٍ آخرها الخراب و مالٍ آخره الميراث و إخوانٍ آخرهم الفراق” .
المسفسر الموقر : سلام عليكم، ممكن تفسير الحديث بصوره مختصرة، و شكراً .
______________________________________________
الجواب :
و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
المقصود هو أنه ينبغي للانسان أن يستفيد من عمره و حياته لتحصيل عناصر سعادته في الآخرة فعليه أن يشتغل و يُشْغِل نفسه بذلك لا أن يُشغِل نفسه بالدنيا و متاعها فاللباس أيا كان سوف يبلو أي يصبح عتيقا خَلِقا و يخرج عن حيّز الفائدة و الانتفاع ، و الطعام سوف يتبدل إلى ما يلزم خروجه و التخلص منه ، و الدار أيضا سيؤول أمرها إلى الخراب و الأموال سينتهي أمرها – إن بقيت – إلى الميراث حيث تنتقل بالموت إلى الورثة قهرا و لا نصيب له منها إلا ما قدّم منها لنفسه كما أنه سيفارق الإخوان لا محالة ، فكل ما في الدنيا سيؤول أمره الى الفناء و الزوال و العاقل لا يتعلق قلبه بالفاني ليتعذب بفراقه بل عليه – إذا كان عاقلا بالفعل و حقيقةً – أن يحب ما يبقى له و يتعلق قلبه بما يسعده في حياته الأبدية فعليه أن يشتغل بأمور آخرته و حياته الخالدة في القيامة و يحصِّل ما يسعده في تلك الحياة الحقيقية الابدية و إن كان لا بد له من تحصيل القوت في الدنيا فليأخذ منها بقدر حاجته من دون أن تتعلق قلبه بها و لا أن تكون الدنيا شغلَه الشاغلَ له فإن من جملة أنواع العذاب الروحاني هو تعلق القلب بما لا يُنال أو يُنال و لكنه يفنى فيبقى الحب و العلقة القلبية و يفنى المحبوب أي يكون الحب باقيا و المحبوب فانيا لا يمكن الوصول إليه و هذا من أشد أنواع العذاب الروحاني و قد فسّر بعضُهم قولَه تعالى : “و حيل بينهم و بين ما يشتهون” بذلك فمن يتعلق قلبه بملذات الدنيا و لم يكن نظره للدنيا نظرة آلية ليتخذها وسيلة لنيل الكمال الحقيقي و السعادة الأبدية في الآخرة بالقرب إلى المعبود جل و علا فسيكون معذَّبا ببقاء حبه للدنيا و ملذاتها و زوال محبوبه و هو من أشد أنواع العذاب الروحاني – و للآية تفاسير أخرى أو لنقل أن للحيلولة بين الإنسان و بين مشتهياته مصاديقَ أخرى يمكنكم مراجعة التفاسير للتعرف عليها ..
موفقين مسددين ..
دعواتكم الكريمة .
أيوب الجعفري
يوم الخميس ٢٧ ذو القعدة الحرام ١٤٤٢ ق
الموافق ٨ / ٧ / ٢٠٢١م