مدى مصداقية زيارة الأربعين
سؤال :
سلام عليكم ..
ما رأيكم فيما يقوله السيد فضل الله بشأن زيارة الأربعين من عدم ورودها في الشرع و أن المقصود من زيارة الأربعين التي عُدّت من علامات المؤمن في الرواية المشهورة ، هو زيارة أربعين مؤمناً .. ؟
———————————————————————————–
الجواب :
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد استماع كلامه في الملف المُرسَل حول الأربعين وجدته غير دقيق بل غير صحيح بل هو من غرائب ما صدر منه رحمه الله تعالى ففيما قاله مواضع للنظر منها :
١- الوارد في الرواية المشهورة هو قوله عليه السلام : ” و زيارة الأربعين ” فالأربعين معرفة بالألف و اللام و من المعلوم أن لام التعريف قد تكون للجنس و الطبيعة و قد تكون للإستغراق و الشمولية و قد تكون للعهد و العهد قد يكون عهداً ذِكْرياً و قد يكون عهداً خارجياً و قد يكون عهداً ذهنياً ، و ما يُتصور في لام التعريف في كلمة الأربعين الواردة في الرواية هو أن تكون للعهد و بطبيعة الحال سيكون من العهد الذهني لا الذكري و لا الخارجي لأنه لم يُذْكَر في الكلام قبل ذلك كما ليس في الخارج أشخاص يشار إليهم و يكونون معهودين للمخاطب بالمشاهدة ، فيبقى أن تكون لامَ العهد الذهني ، و المعهود بين الشيعة و في أذهانهم عندما يقال : “زيارة الأربعين” هو زيارة الحسين عليه السلام في الأربعين أي زيارته بعد أربعين يوماً من يوم استشهاده عليه السلام لا زيارة أربعين رجلاً أو مؤمناً بل لا معنى للعهد فيما إذا كان المقصود زيارة المؤمنين فليس هناك مؤمنون معهودون للمخاطبين بالحديث بهذا العدد كي يشار إليهم بلام العهد فإن معنى العهد هو أن هناك مؤمنين معروفين لدى المخاطب إما في أذهانهم أو في الخارج أو كانوا قد ذُكروا في الكلام قبل ذلك فيشار إليهم بلام العهد ، فمَن هؤلاء الأربعون مؤمناً المشار إليهم بهذه اللام ؟ و لهذا نقول أنه لو كان المقصود زيارة أربعين مؤمناً لكان المقصود زيارة مطلق الأربعين مؤمناً لا أربعين مؤمناً معهودين و لو كان المقصود زيارة مطلق أربعين مؤمناً لقال : ” و زيارة أربعين مؤمناً ” لا : ” و زيارة الأربعين ” …
٢ – لا خصوصية لزيارة أربعين مؤمناً ، فزيارة المؤمنين أمر حسن مستحسن ولم يؤخذ في استحباب زيارة المؤمنين عدد خاص ، فلو كان هناك دليل آخر يدل على استحباب أربعين مؤمناً – لا أكثر و لا أقل – و أن لهذا العدد خصوصية في استحباب التزاور لأمكن – مع غض النظر عن الإشكال الأول – دعوى أن المقصود زيارة أربعين مؤمناً المشار إليها في الروايات الأخرى إلا أننا لا نجد ذلك في الروايات بل ما نشاهده هو الحث على أصل التزاور بين المؤمنين .. فلا يمكن أن يكون المقصود زيارة أربعين مؤمناً ..
٣ – ثم ما هي المناسبة بين الإيمان و بين زيارة أربعين رجلاً ، فمن الواضح أنه لا ضير في أن تكون زيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم الأربعين علامة للمؤمن فإن من يزوره عليه السلام – بقصد الزيارة لا لداعٍ آخر – هم المؤمنون دون غيرهم و لولا اعتقاد الإنسان و إيمانه بإمامة الحسين عليه السلام و مقامه و قربه لدى الله تعالى لما زاره في حرمه بعد استشهاده و مضي سنوات بل قرون على ذلك … ، فهذه الزيارة علامة الإيمان و أما زيارة أربعين رجلاً فتتحقق من المؤمن و المسلم و الكافر و .. فلا دلالة لها على الإيمان .. و كما أشرنا ليس هناك دليل يذكر زيارة أربعين مؤمناً حتى يقال بأن أخذ قيد الإيمان في الموضوع – و هو المزور – يدل على إيمان الزائر أيضاً ..
٤ – أضف إلى جميع ذلك أنه قد وردت زيارة خاصة لأربعينية الإمام الحسين عليه السلام من المعصوم و غير المعصوم فهناك زيارة منقولة عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله عليه كما أن هناك زيارة مأثورة عن المعصومين عليهم السلام و لولا أن للأربعينية مدخليةً في فضل و استحباب زيارة الحسين عليه السلام لما كان معنىً لتخصيص زيارةٍ لهذا اليوم لا سيما من قِبَل المعصومين عليهم السلام …
موفقين لكل خير
أيوب الجعفري
١٤ جمادى الثانية ١٤٣٩ ق
١ / ٢ / ٢٠١٨ م