نجاة بعض الموحدين من غير المسلمين يوم القيامة

سؤال من أحد المؤمنين : السلام عليكم سماحة الشيخ العزيز ورحمة الله وبركاته…
بسم الله الرحمن الرحيم : “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . صدق الله العلي العظيم

سؤالي هنا..
١ هل هذه الآية من المنسوخات؟

٢ عندما يقول ربنا سبحانه فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون…فهل سيدخلون الجنة كما يدخل المؤمنون المسلمون.
٣ والله سبحانه لن يقبل دين غير دين الاسلام يوم القيامة..

فلا بد ان هناك تفسير آخر لهذه الآية الشريفة ..بارك الله فيكم .
__________________________________________

الجواب : و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته

١ – الآية ليست منسوخة فإنها في سورة المائدة التي هي ناسخة غير منسوخة ( و قد ورد نظيرتها في سورة البقرة أيضا ، كما ورد في سورة الحج بإضافة المجوس و المشركين و لكن لم يقل هناك أنهم من أهل النجاة بل قال : “إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ..” و ذلك لوجود المشركين بينهم ..) .

٢ – نعم ، هؤلاء الطوائف الأربع من أهل النجاة لأنهم موحدون فمضافا إلى أن الموحد لا يخلَّد في النار فيكون في النهاية من أهل النجاة و إن دخل النار في بداية الأمر .. مضافا إلى ذلك يمكن القول بأن المذكورين في آيتي البقرة و المائدة لا يدخلون النار بل سيكونون من أهل النجاة لأن القرآن قد افترض أنهم مؤمنون بالله و اليوم الآخر و من يرى القرآن أنه مؤمن فهو مؤمن حقا و بعبارة أخرى إذا أخبر الله تعالى بأنهم مؤمنون بالله و اليوم الآخر فهم مؤمنون حقا و حقيقة و قد دخل الإيمان في قلوبهم فلو بلغهم الحق فيما يتعلق بالرسالة الختمية لآمنوا به و إلا – أي إذا كانوا بحيث لو وصلهم نبأ الرسالة الختمية و عرفوا أنها الحق من الله تعالى و مع ذلك لم يكونوا ليؤمنوا بها – لما كانوا مؤمنين و لما استحقوا إطلاق المؤمنين عليهم من قبل الله تعالى ، فهذه القرينة تدل على أن المقصود من “الذين هادوا و الصابئون و النصارى” هم الموحدون من هذه الطوائف و المؤمنون حقا بالله و اليوم الآخر إلا أنه لم يصلهم الدين الإسلامي أو ما يُثبِت لهم أنه دين إلهي فكانوا جاهلين بالحق قاصرين في جهلهم غير مقصرين ، و من المعلوم أن الجاهل القاصر معذور فإذا كان معذورا فهو من أهل الجنة مع صدق إيمانه بالله و اليوم الآخر ، و أما من يكون عالما بالرسالة الختمية عارفا بكونها الحق من الله تعالى و مع ذلك لم يؤمن بها فهو من مصاديق : “و جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلما و علوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين” كما أنه اذا كان عالما بمجيء دين جديد جاهلا بكونه الحق من الله تعالى و كان مقصِّرا في جهله لم يكن معذورا يوم القيامة و لا يكون من أهل النجاة بل يكون من مصاديق الحديث الذي يقول بأنه يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له : هل ( أو : هلا ) عملت فيقول : ما علمت، فيقال له : هلا تعلمت .

و بذلك يتبين أن المقصود من هؤلاء المذكورين في الآية الجاهلون بالرسالة الختمية القاصرون في جهلهم دون المقصرين و لا العالِمين الجاحدين لها، كما يتبين بذلك جواب السؤال الثالث أيضا ..

موفقين لكل خير ..
دعواتكم الكريمة .

أيوب الجعفري

ليلة الخميس ١٤ ربيع الأول ١٤٤٣ ق
الموافق ٢١ / ١٠ / ٢٠٢١م – ٢٩ / ٧ / ١٤٠٠ ش