شبهات و ردود مختصرة حول بعض المعتقدات :
سلام علیکم
شيخنا الفاضل
عندي سؤال وهو كيف تثبت الوجود الالهي و كيف اعرف ان الاسلام هو الدين الصحيح
فقد ضعف اعتقادي بالدين الإسلامي بعد رؤية ما يفعله المسلمين و اطباعهم مقارنة بالباقي فقد اصبحت اؤدي عباداتي لا بالقلب الخاشع بل اؤديها احتياطا اذا كان هذا هو الدين الصحيح و في بعض الاحيان لا اؤديها و اصبحت اشك في ان قبور الائمة و الانبياء هي قصص مختلقة و ان القرآن كتاب كتبه شخص عادي و ليس منزل
اتمنى الرد على هذه الاسئلة بأخذ الاعتبار انني لا اعتقد بالقرآن و باقي الاشياء و اتمنى ارسال ادلة واضحة عن هذه الاسئلة
شكرا لك مقدما
___________________________________________________
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته
عدمُ قيامِ المسلمين بواجباتهم و عملُهم بخلاف تكاليفهم و بما ينافي الأخلاق الفاضلة لا يدل على بطلان الدين أو المذهب فإن الدين و المذهب من مقولة و العمل بهما من مقولة أخرى ، و لا يختص ذلك بالدين بل نفس الكلام جارٍ في العلوم العقلية و النقلية و التجريبية أيضاً فإذا كانت هناك معادلة رياضية أو هندسية و لكن المهندس الفلاني خالف ذلك القانون في عمله فابتُلي بمشاكل لم يكن ذلك دليلاً أن علم الرياضيات أو الهندسة غير مفيد أو أن تلك المعادلة باطلة .. فيلزم التفكيك بين الدين و المذهب و بين عمل من يدعي التدين و الإيمان و هذا ما أشار إليه المصلح الإسلامي السيد جمال الدين الأسد آبادي ( و الذي يسمى هنا بالأفغاني) في قوله : ” ذهبت إلى الغرب فوجدت الإسلام و لم أجد مسلماً و جئت إلى الشرق فوجدت المسلمين و لم أجد الإسلام ” بمعنى أنني رأيت الغربيين يطبقون مفاهيم الإسلام – و مقصوده في البعد الإجتماعي لا جميع جوانب الدين – مع أنهم ليسوا مسلمين و لكن الشرقيين مع أنهم يسمون أنفسهم بالمسلمين و لكنهم لا يطبقون الإسلام ، فمشكلتنا نحن هو عدم التزامنا – أو بعضنا – بالدين و ليس في الدين نفسه فالدين يدعو إلى الحق و العدل و الأخلاق بل إلى مكارم الأخلاق و العمل الصالح و المودة و المحبة بين الناس و التكافل الإجتماعي و عون الضعفاء و الفقراء و تهذيب النفس و تربيتها بالفضائل و على الفضائل و … مضافاً إلى دعوته إلى تعلّم المعارف التوحيدية الحقة و العميقة ..
* و أما وجود الله تعالى فلا يحتاج إلى دليل و برهان فإنه لا يمكن أن يوجد الموجود الممكن من دون خالق ، و وجود هذا الكون العظيم و الذي قد اکتُشف إلى الآن ألفا مليار مجرة منه إحداها مجرتنا المشتملة على أكثر من مأة مليار ممنظومة شمسية و .. فنحن قطرة في الكرة الأرضية و الكرة الأرضية قطرة في المنظومة الشمسية و المنظومة الشمسية قطرة في مجرة درب التبانة و مجرة درب التبانة قطرة في السماء الأولى المشتملة على ألفي مليار ( 2000000000000) مجرة ( و طبعاً قبل عدة أشهر كانوا يقولون بأن عددها مأتا مليار و لكنهم اكتشفوا مؤخراً أنها عشرة أضعاف ذلك و لا ندري ماذا سيكتشفون في قادم الأيام و السنوات و قد قال أحد الفلكيين البريطانيين قبل حوالي عشرين عاماً أن السماء و المجرات في توسّع كبير و مستمر بشكل يبعث للإستغراب و العجب و هذا ما أشار إليه القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً حيث قال : ” و السماء بنيناها بأيد و إنا لموسعون ” … ) و … ألا يدل ذلك على وجود خالق غني موجود بذاته عالم قدير حكيم قد أوجد كل هذا الكون العظيم … كما أنه ثبت من الناحية العلمية أنه ستنتهي الطاقة يوماً ما و من المعلوم أن ما له نهاية فقطعاً سيكون له بداية لأن ما له نهاية فهو موجود محدود له حدود زمانية – بأي مقدار افترضتم و لو قلتم بأن ذلك المقدار مليارات المليارات من السنوات بل القرون – فإذا كان كذلك فيلزم أن يكون لهذه الطاقة بدايةٌ لأنه لولم تكن لها بداية لزم أن تكون قد انتهت قبل ما لا نهاية له من الزمان لأنه إذا لم يكن لها بداية فهذا يعني أنه قد مر عليها ما لا نهاية له من الزمان و إذا كان عمر الطاقة الشمسية مثلا في جميع المنظومات ألف مليار مليار مليار قرن – و العلم لا يقول بهذا المقدار – لكانت هذه الطاقة قد انتهت لأن المفروض أنه قد كانت موجودة من الأزل الذي لا أول له فيكون قد مر على الطاقة أكثر ألف مليار مليار مليار – أكثر بما لا يتناهى – فمن المفروض أن تكون الطاقة قد انتهت و لكنها موجودة فيتبين أنه قد وُجدت من زمن أقل من عمرها أي أقل من ألف مليار مليار مليار قرن – حسب افتراضنا – لتكون موجودة الى الآن ، فإذا كان للطاقة بداية كما لها نهاية فيلزم أن يكون هناك من أوجدها و لا يمكن أن يكون ذلك الموجِد موجوداً ممكن الوجود مثل الطاقة نفسها لأننا سننقل الكلام إليه و نقول من أوجده فيلزم أن يكون موجوداً يكون وجوده عين ذاته لئلا يكون له بداية و لا يحتاج إلى من يوجِده و هو الله تعالى عن كل عيب و نقص و …
طبعاً الأدلة على وجودِه تعالى كثيرة جداً و على حد تعبير بعض الروايات : ” الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ” و قد أشرت إلى موردين بسيطين … و هناك براهين عقلية دقيقة بعضها مفصلة و تتوقف على مقدمات عقلية و بعضها دقيقة و لكنها لا تحتاج إلى مقدمات كثيرة و .. و قد كتبت فيما سبق بعضها في جواب بعض الأسئلة الواردة ..
* و أما بالنسبة إلى القرآن الكريم فيكفينا في إثبات كونه من الله تعالى لا من تأليف البشر اشتمالُه على عليا المعارف التوحيدية التي لم يدركها كثير من العلماء في العلوم العقلية قبل ذلك فكيف بعرب الجاهلية الذين لم يكونوا يعرفون كتابة أسمائهم كما لم يكونوا يعرفون القراءة فضلاً عن تلك الأمور المعرفية العميقة و .. ناهيك عن الإعجاز في مختلف الجوانب العلمية و البلاغية و هذا ما يحتاج إلى بيان و تفصيل لا أتمكن من الغور فيه في هذه العجالة لضيق المجال و ..
* كما أنه يكفي في كون أهل البيت عليهم السلام معصومين و في أعلى درجات الكمال ، كلماتهم الدقيقة في مختلف العلوم و لا سيما العلوم المعرفية التوحيدية مضافاً إلى كراماتهم المنقولة لنا بالتواتر الذي لا يقبل الريب و التشكيك و .. و طبعاً – و كما أشرت لكم – يحتاج ذلك إلى بيان و تفصيل خارج عن حدود هذا المكتوب ، كما يكفينا كراماتهم في عصرنا حيث نشاهد بين الحين و الآخر شفاء بعض المرضى الذين قد استعصى على الأطباء علاجهم …
موفقين لكل خير ..
ليلة الخميس ١٠ جمادى الثانية ١٤٣٨ هـ ق
الموافق ۹ / ۳ / ۲۰۱۷ م
أيوب الجعفري
https://telegram.me/ayoobaljafary