*يومئذ تحدث أخبارها*

*بيان عبارة العلامة الطباطبائي قده عن الاختلاف في معنى تحدّث الأرض :*

*سؤال من أحد المؤمنين :*

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .. سؤال في التفسير : في تفسير سورة الزلزلة يقول صاحب الميزان اشتد الخلاف بينهم في معنى تحديث الأرض بالوحي …. إلى أن يقول : و لامعنى لهذا الاختلاف بعدما سمعت و لا أن الحجة تتم على أحد بهذا النوع من الشهادة ..

والسؤال : لماذا يقول (العلامة) لا معنى لهذا الاختلاف؟ و إذا كانت الحجة لاتتم على أحد بهذا النوع من الشهادة إذن ماهي الغاية منها ؟
______________________________________

*الجواب :*

و عليكم السلام ورحمة و بركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول العلامة : “لا محل لهذا الاختلاف بعد ما سمعت” و المراد أن معنى الآية واضح لأن القرآن الكريم يثبت الحياة و الشعور للأشياء فلجميع الأشياء حياةٌ و شعور و إدراك كما يستفاد من قوله تعالى : “إن من شيء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم” و آيات أخرى، فإذا كان لجميع الأشياء و من جملتها الأرض حياةٌ و شعور و إدراك فمعنى أن الأرض تحدث أخبارها واضح لأن لها حياةً و شعوراً و إدراكاً فهي تُدرك جميع ما يفعله الإنسان على ظهرها فتشهد يوم القيامة للناس أو عليهم بما عملوا عليها فتكون شهادتها – أي الأرض – بما شهدته و شاهدته و أدركته من أفعالهم ..

و إذا كان معنى الآية – بمراجعة سائر آيات القرآن الكريم – بهذا الوضوح فلا مجال لأنْ يختلف المفسرون في معناها ..

و أما قوله رضوان الله تعالى عليه : “و لا أن الحجة تتم على أحد بهذا النوع من الشهادة” فمعناه أن الحجة تامة على الناس إذا كان معنى الآية ما ذكرناه من أن للأرض حياةً و شعوراً و إدراكاً فهي تشهد يوم القيامة بما تلقّته و شاهدته و أدركته من أعمال البشر فتكون الحجة عليهم تامة و لا يتمكن أحد من إنكار ما تشهد به الأرض لأنها – و كما سبقت الإشارة إليه – كانت شاهدة لأعمالهم و سيتبين للناس في ذلك اليوم أن الأرض كانت تشاهد أعمالهم و لكنهم كانوا غافلين عن ذلك لأجل عدم انفتاح بصرهم الباطن و بصيرة قلوبهم فكانوا يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا فإذا أصبح البصر حديدا حادّاً يشق الظاهر و يصل إلى حقائق الأشياء عَلِموا أن الأرض كانت تشاهد أعمالهم و تعيها و تحفظها عليهم فلا يجدون سبيلا إلى الإنكار فتتم الحجة عليهم ..

و أما إذا كان معنى الآية ما ذكره هؤلاء المفسرون من كون حديثها بعد إعطاء الحياة و الشعور للأرض الميتة لتتمكن من الإخبار بما فعل الناس على ظهرها من دون أن تكون – أي الأرض – هي الشاهدة المدركة لما كانوا يفعلونه حين قيامهم بتلك الأعمال ، أو كان حديثها و تحدُّثها بخلق صوت عند الأرض ليشهد ذلك الصوت عليهم و عدّ ذلك الصوت المخلوق كلاما للأرض نفسها – مع أنه ليس كلاما لها فيكون الاسناد مجازيا فتكون شهادتها شهادة بما لم تشهده حقيقةً – أو أن المقصود أن الأرض تتحدث بلسان حالها عما وقع عليها و .. فإذا كان المقصود من تحدُّث الأرض هو هذه المعاني لن تتم الحجة على الناس لأن الأرض – و كما أشرنا – لم تتحدث بما شهدته و أدركته و إنما ذَكر لها ذلك غيرُها أو أن الله تعالى هو من أحدث صوتا يشهد بما عملوا و .. فالأرض في واقع الأمر لم تشهد بشيء شاهدته حتى يُحتجّ على الناس بأن الأرض كانت شاهدة لما تعملون و لهذا تشهد عليكم بذلك يوم القيامة ..

موفقين لكل خير

دعواتكم الكريمة ..

أيوب الجعفري

ليلة الثلاثاء ٢٠ رجب الأصب ١٤٤٣ ق
الموافق ٢٢ / ٢ / ٢٠٢٢م