ضرورة المعرفة
أحد المؤمنين : قال الإمام الصادق عليه السلام : أحسنوا النظر فيما لا يسعكم جهله و انصحوا لأنفسكم و جاهدوها في طلب معرفة ما لا عذر لكم في جهله فإن لدين الله أركانا لا ينفع من جهلها شدة اجتهاده في طلب ظاهر عبادته و لا يضر من عرفها فدان بها حسن اقتصاده و لا سبيل لأحد إلى ذلك إلا بعون من الله عز و جل . المصدر : بحار الأنوار .
يرجى شرح هذا الحديث بشكل مختصر ..
_______________________________________________
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
المقصود أن هناك من أمور الدين ما يتعلق بأصل الإيمان و العقيدة و هو الأساس و منها ما يتعلق بالعبادات الظاهرية فعلى الانسان أن يتعلم دينه و الأمور المتعلقة بأصل الإيمان و العقيدة و أن يكون ناصحا لنفسه أي أن يطلب الخير لنفسه و عليه بجهاد النفس لأجل تحصيل المعرفة فمن الممكن أن تأبى النفس أن تتعلمَ و تسلكَ طريق المعرفة الشاق و لكن علينا أن نجاهد النفس و نُلزمها بأن تسلك طريق و صراط المعرفة التي لا بد منها – و هي من أهم عناصر الكمال و القرب إلى رب العالمين لا سيما تلك المتعلقة بمعارف التوحيد و الأسماء الحسنى و صفات الجمال و الجلال – و لا يكون الإنسان معذورا بتركها و ترك تعلُّمها لأن الدين له أركان يجب عليه أن يعرفها و الجاهل بها لا يكون معذورا و لا ينفعه أن يجتهد و يُكثر من العبادات الظاهرية فيصلي كثيرا و يصوم كثيرا و .. مع جهله بأركان الدين و العقائد الصحيحة التي يجب عليه أن يعتقد بها و يؤمن بها و كذلك الفضائل الأخلاقية فإن عليه أن يربي نفسه عليها و يتخلق بها فإن الأخلاق الفاضلة من الأسس المهمة في الحياة المعنوية للإنسان، فالمهم إصلاح الباطن بالمعرفة و الأخلاق الفاضلة فإذا لم يصلح باطنه بذلك لم تنفعه كثرة أعماله كما أنه إذا أصلح باطنه و اكتسب المعرفة و الأخلاق الفاضلة و أصبح متدينا بالدين الحق و العقائد الصحيحة لم يضره قلة أعماله الصالحة ( و هذا معنى حسن اقتصاده : فقلة الأعمال الصالحة لا تضر بالإنسان و بسعادته إذا كانت عقيدتُه سليمةً و معرفتُه بالدين كاملةً و أخلاقُه فاضلةً .. و أساسا من الناحية المعنوية و المعرفية و في المنظور الشرعي : العمل المقبول لدى الله تعالى لا يعد قليلا كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : “لا يقل عمل مع تقوى، و كيف يقل ما يُتقبل” فالكثرة في عمق الخلوص و في ابتناء العمل على اساس طهارة القلب لا بالكمية و المقدار حيث أنه لا يعد شيء من طاعات جميع الخلق و جميع موجودات عالم الوجود الإمكاني كثيرا قبال حق الله تعالى على عباده و مخلوقاته بل لو اجتمع الخلق أجمعون و عبدوا الله تعالى ليلهم و نهارهم لم يأتوا بالكثير فهم بجميع قواهم الظاهرية و الباطنية مخلوقون لله مملوكون له جل و علا فاستخدموا ملك الله و خلقه في طاعته و لم يأتوا بشيء و .. و لكن إذا كانت الطاعة و العبادة قرينة بالتقوى و الإخلاص أصبحت ذات روح و حقيقة متعالية فتصبح مقبولة لدى الله تعالى و تؤدي إلى السعادة و نيل الجنان و الرضوان فلا يمكن عدّها قليلة و .. ) ثم يقول عليه السلام إن هذا الأمر – جهاد النفس في سبيل تحصيل المعرفة و التحلي بالفضائل – صعب مستصعب لا يتمكن أن يوفَّق له أحد إلا بعون الله تعالى ..
موفقين مسددين
دعواتكم الكريمة ..
أيوب الجعفري
ليلة الأربعاء ٥ ذو القعدة الحرام ١٤٤٢ ق
الموافق ١٦ / ٦ / ٢٠٢١م
https://telegram.me/ayoobaljafary