العرف و المتفاهم العرفي

استفسار من أحد الأساتذة المؤمنين : السلام عليكم شيخنا ، أريد كتاباً أو بحثاً فقهياً حول حكم العرف و حدوه و هل يتغير العرف بتغير المكان و الزمان . وجزاكم الله خيراً ..

الجواب : و عليكم السلام سماحة الأستاذ الجليل و رحمة الله و بركاته .. حاليا لا أستحضر كتابا خاصاً في هذا الموضوع ، و علماء الأصول يطرحونه في بعض الأبحاث الأصولية كما أن الفقهاء يتطرقون لذلك في طيات الأبحاث الفقهية بمناسبة موضوع المسألة التي يطرحونها و خلاصة القول في ذلك هو أنه يكون البحث أحياناً حول ما يُفهَم من كلام المعصوم عليه السلام فإذا كان الموضوع فقهيا يرجعون فيه إلى العرف و ما يفهمه منه و هو ما يسمى بالمتفاهم العرفي – و إن كان مخالفا للمعنى اللغوي سعة و ضيقا – و طبعا إذا كان المتفاهم العرفي قد تغير لزم الرجوع إلى المتفاهم العرفي في عصر نزول الآية أو صدور الحديث عن المعصوم عليه السلام فإن المعصوم صلوات الله عليه قد خاطب انسان ذلك العصر بما يفهمه ذلك الإنسان فنحن لا نتمكن من حمل كلمة من كلامه على معنى آخر يفهمه عرف هذا العصر دون عصر النزول أو الصدور لأنه ليس مقصودا لله عز و جل أو الرسول صلى الله عليه و آله و سلم أو الامام المعصوم عليه السلام فإذا كان عرف عصر نزول آية التيمم يفهم من كلمة الصعيد في قوله تعالى ( فتيمموا صعيدا طيبا ) شيئاً لم يكن لنا أن نحمله على معنى آخر أو على مفهوم أوسع أو أضيق مما كان متعارفا في ذلك العصر إلا إذا كان المتفاهم العرفي شيئاً أوسع في جميع الأزمنة و الأمكنة مثلا و لكن لم يكن لهذا المفهوم في عصر نزول الآية أو صدور الحديث إلا مصداق واحد و لهذا كانوا يفهمون هذا المصداق دون غيره و لو كان لديهم مصداق آخر لحملوا اللفظ عليه أيضا ففي هذه الصورة يمكن استفادة الاعم مما كانوا يفهمونه و …

و أحيانا يكون البحث حول موضوع من الموضوعات الخارجية و العرفية غير المُسْتَنْبَطَةِ فيرجعون في تحديدها إلى العرف و قد يتغير هذا الموضوع و العرف فيه من عصر لآخر و من مكان إلى مكان آخر فقد يكون شيء ما من الآلات المختصة بمجالس اللهو و اللعب في زمان أو مكان و لا يكون كذلك في زمان أو مكان آخر ، و قد يعد شيء ما زينة في عرف خاص لزمان او مكان خاص و لا يكون كذلك في عرف و زمان أو مكان آخر – و طبعاً هذا في الموضوعات العرفية غير المستنبطة و أما الموضوعات الشرعية التي قد جعلها الشارع المقدس موضوعات لبعض أحكامه و بيّنها في كلامه و يستنبطها الفقيه من الأدلة الشرعية فلا مجال و لا معنى للرجوع في تشخيصها أو تحديدها إلى العرف ..

فما يمكن الرجوع فيه إلى العرف هو الموضوع العرفي الذي لا يكون مما وضعه أو تصرف فيه الشارع المقدس فيمكن مراجعة العرف لتشخيصه أو تحديده أو في تحققه في الخارج و .. و هناك أبحاث أخرى في هذا المجال كالبحث حول إمكانية كون العرف و ما هو مألوف بين عامة الناس أو المؤمنين مناطاً و ملاكا للحكم الشرعي كما يدعيه أتباع بعض المذاهب الإسلامية ..

و أضف الى ذلك أن هناك جوانب و عناوين أخرى يُستنبط من خلالها الحكم الشرعي كالسيرة العقلائية أو السيرة المتشرعية و هذا ما يحتاج الى بيان خارج عن طور هذا المختصر … موفقين لكل خير محروسين من كل سوء و شر و لا تنسوني من صالح أدعيتكم الخالصة ..

أيوب_الجعفري

ليلة الأحد ٣ جمادى الثانية١٤٤٢ق
الموافق ١٧ / ١ / ٢٠٢١ م

https://telegram.me/ayoobaljafary