حكمة اختلاف الحصص في الإرث

سؤال من إحدى المؤمنات :

سلام عليكم ؛ تقبل الله أعمالكم .. هناك سؤال في الإرث و هو أنه لماذا “للذكر مثل حظ الانثيين” وخاصة في هذا الزمان الذكر والانثى يشتغلون وعايشين مثل بعض في كثير الامور ..

الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم .. و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته .. بداية يلزم الإشارة إلى أنه ليست حصة الذكر ضعف الأنثى دائماً فإنه قد تتساوى حصتاهما أحياناً بل قد تكون حصة الأنثى أكثر من الذكر و تفصيل ذلك موكول إلى الأبحاث الفقهية و قد بيّنا ذلك مختصراً في كتاب ” مرآة المرأة في نهج البلاغة ” ..

نعم حصة الذكر في الأعم الاغلب أكثر من الأنثى و قد يكون لذلك حِكَمٌ خفية لا نعلمها – فإن الاحكام الشرعية مبتنية على مصالح و مفاسد واقعية و حِكَمٍ غيبية لا نعلمها الا بقدر ما بينه لنا الشارع المقدس نفسه – ..

و ما يمكن قوله في هذا الجواب المختصر هو أنه لا يجب على الزوجة أن تصرف شيئاً من أموالها على الزوج و الأولاد و إذا صرفت فمن نفسها و هو تفضُّلُ منها و أما الزوج – و عموما الرجل – فعليه مسؤولية و واجب شرعي تجاه زوجته و بعض أقاربه ، فالإنفاق على زوجته و الأولاد واجب شرعي عليه و إذا لم يصرف بقي حق الزوجة ديناً عليه فإن نفقة الزوجة مضافاً الى كونها حكماً شرعياً ، حقٌ شرعي لها أيضاً بخلاف نفقة الأولاد و الوالدين حيث أنها حُكمٌ و ليس حقاً يثبت في الذمة مع التخلف عن الحكم و الواجب الشرعي بمعنى أن نفقة الاقارب من الواجبات عليه و لكن إذا لم ينفق و لم يصرف عليهم كان مأثوماً من دون أن يكون عليه دَينٌ لأجل ذلك بينما يبقى حق الزوجة ديناً عليه فيجوز للزوجة التي لم يصرف عليها زوجها و لم يدفع نفقتها أن تطالب بنفقاتها المتعلقة بالأيام السابقة – كما يجوز لها أن تَعْفُوَ و تُبْرِئَ ذمته منها – فلأجل أن الزوج عليه مسؤولية و واجب شرعي و تبقى نفقة زوجته دَيناً عليه ، جُعل حقه ضِعفَ الأنثى لكون المسؤولية مُلقاةً على عاتقه دونها فيجوز لها أن تدّخر أموالها لنفسها و لا تصرفها على أحد و إن كانت غنية ثرية و كان زوجها فقيرا ..

و لو أردنا أن ندقق أكثر قلنا بأن الأنثى تأخذ الثلث و تصرف الثلثين على نفسها و الذكر يأخذ الثلثين و يصرف الثلث على نفسه فحصة الزوج له و لزوجته – مع غض النظر عن أولادهما – و حصة الزوجة لها نفسها فقط فهي تجمع بين حصتها و نصف حصة زوجها ، و الزوج له نصف حصته نفسه فقط فيكون للزوج ثلث المال و للزوجة ثلثاه بمعنى أن حصة الزوجة في واقع الأمر ضعف حصة الزوج و إن كانت حصته ضعف حصتها بحسب الظاهر و من حيث الملكية الاعتبارية ..

موفقين لكل خير محروسين من كل سوء و شر و لا تنسوني من صالح أدعيتكم الخالصة ..

أيوب_الجعفري

ليلة السبت ١١ ذو الحجة ١٤٤١ ق
الموافق ١ / ٨ / ٢٠٢٠ م

https://telegram.me/ayoobaljafary