*على من يصلي النبي صلى الله عليه و آله و سلم؟*

*ما هي حكمة خلق الخنزير و تحريم لحمه؟*

*سؤالان من أحد المؤمنين أدام الله عزهم : مساء الخير شيخنا :*

 

١ – لماذا خلق الله الخنزير ؟و لماذا حرم اكله ؟ وماقصة الخنزير و وظيفته ؟

 

٢ – يقول القرآن الكريم . ان الله و ملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنو صلو عليه و سلمو تسليما .
إذا الله و الملائكه و نحن نصلي و نسلم على النبي . فالنبي يصلي و يسلم على من ؟

 

*الجواب :*

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد السلام و التحية؛ أقول في الجواب مختصرا :

١ – خفاء الحكمة في خلق الخنزير و أمثاله لا يجعله خاليا عن الحكمة فالله حكيم لا يمكن أن يصدر منه فعل لا هدف له و لا غاية من وارئه و إن كانت الحكمة و المصلحة عائدة إلى المخلوق لا إليه تعالى لغناه الذاتي و المطلق عن كل من و ما سواه فهو غني عن أن يعود إليه النفع منه نفسه فكيف بغيره جل و علا لأن ذلك يستلزم الفقر و الحاجة حتى و لو كان ذلك النفع العائد إليه من نفسه لأنه يدل على أنه كان فاقداً لذلك النفع فنفع نفسه أو فعل ما يعود نفعه إليه تعالى عن ذلك علوا كبيرا و هذا ما يشير إليه سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام في دعاء عرفة في قوله صلوات الله عليه : “إلهي أنت الغني بذاتك أن يصل إليك النفع منك فكيف لا تكون غنيا عني” .. و على أية حال لا يمكن خُلُوّ شيء من مخلوقات الله تعالى عن الفائدة و الحكمة بل قد ثبت في محله أنه لا يمكن صدور ما لا فائدة منه من الله تعالى بل و لا ما يكون شره أكثر من خيره أو مساويا له ( و بيانه موكول إلى محله و هو من جملة البراهين على كثير من الأمور العقدية كالرسالة و الإمامة و كذلك بالنسبة لوجود الشُّرُور في عالم الخلق ) ..

و بالنسبة لمورد السؤال فوجود الخنزير أولا ضروري لعالم الطبيعة فلكل حيوان دور في نظم هذا الكون و في النظام البيئي للعالم بحيث لو فُقِد أحد الحيوانات لحدثت مشكلة بيئية – كما يقول علماء البيئة – فخلقُ الحيوانات ليس لأجل أكل الانسان فقط بل لها فوائد جمة نعرف بعضها و نجهل الكثير منها .. مع أن وجود كل شيء خير لنفسه سواء عاد نفع وجوده على الغير أم لا ..

مضافا إلى أن الله تعالى يخلق الأشياء و يشرّع الأحكام ليكلف الناس و يمتحنهم فالدنيا دار امتحان و ابتلاء و تكليف فيلزم أن يكون في دار التكليف ما يمكن أن يُكَلَّف به العباد و من جملة ما يُكلَّفون به ما يتعلق بالأكل و أحد مصاديقه الخنزير و سائر الحيوانات المحرمة، كما أن الله تعالى خلق للإنسان لسانا يتمكن من أن يكذب به أو يصدق، و أن يغتاب به أو يمتنع من أكل لحوم الناس بالغيبة و .. فيكلفه بأن لا يكذب و لا يغتاب و .. و كذا بالنسبة للخنزير و أمثاله فالله تعالى خلق حيوانات كثيرة فكلّف العباد بأن يجتنبوا أكل الخنزير و سائر الحيوانات المحرمة، فالدنيا دار امتحان و تكليف و هذه الأمور و الموجودات مواد للامتحان و التكليف إلى جوانب فوائدها التكوينية لنفسها و غيرها …

٢ – إذا كان المقصود الصلاة في تشهد الصلاة فالنبي صلوات الله عليه و آله يصلي على نفسه و على آله عليهم السلام فهو يصلي على نفسه بما أنه نبي الله تعالى كما يشهد بنبوة نفسه في الصلاة و يقول : “أشهد أن محمدا عبده و رسوله” .. و كذا في غير الصلاة فهو صلوات الله عليه و آله يصلي على نفسه و آله كما أنه يصلي على المؤمنين أيضا حيث أمره الله تعالى بأخذ الصدقة من أموال المؤمنين لتطهيرهم و تزكيتهم و أن يصلي عليهم كما قال جل و علا : “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها و صل عليهم إن صلاتك سكن لهم” – التوبة : ١٠٣ – ..

و لا يخفى أن أول من يمتثل أوامر الله تعالى هو حامل رسالته و هو النبي صلى الله عليه و آله و سلم فهو ” أول العابدين” زماناً و رتبةً و لا يمكن أن يأمر غيرَه بما لا يفعله فإنه مضافا إلى منافاته للدعوة إلى الحق و لفريضة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر التي قد ورد النهي فيها عن القول بلا عمل : “يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون كبُرَ مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون” – الصف : ٢ – و عن أمر الناس بالبر و نسيان النفس : “أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم و أنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون” – البقرة : ٤٤ – و .. مضافا إلى ذلك، قد ورد في القرآن الكريم بشأن الأنبياء بالخصوص أنهم لا يخالفون أوامرهم و نواهيهم فهذا شعيب على نبينا و آله و عليه السلام يخاطب قومه : “ما أريد أن أخالفکم إلى ما أنهاکم عنه” – هود : ٨٨ – و قد اشتهر عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قوله : “صلوا كما رأيتموني أصلي” فنحن قد تعلمنا الصلاة من صلاة النبي و أهل البيت عليهم السلام، و أما أنه كيف كان يصلي على نفسه في الصلاة فمن الممكن أن تكون صلاته بالصياغة المعروفة بيننا في تشهد الصلاة أو بالكيفيات الأخرى الواردة في الروايات و فتاوى الفقهاء – و يمكنكم مراجعة المسألة الرابعة من مبحث التشهد في العروة الوثقى حيث يذكر السيد اليزدي رضوان الله تعالى عليه هناك بعض صيغ التشهد الطويلة ..

أضف إلى ذلك أن الصلاة طلب للرحمة من الله تعالى و لا مانع من أن يطلب النبي صلى الله عليه و آله و سلم لنفسه الرحمة من الله تعالى بل هو أمر في غاية المطلوبية لأنه دعاءٌ و الدعاء مخُّ العبادة لما فيه من دلالات عظيمة على عبودية الداعي و خشوعه و خضوعه للمولى الكريم المالك للجميع و فيه – أعني الدعاء – إبرازٌ للحاجة المطلقة و بيانٌ لواقعنا الذي هو كوننا عينَ الحاجة و الفقر إلى الغني المطلق و بالذات و .. و هذا ما يحتاج إلى بيان تفصيلي قد تطرقنا لبعض جوانبه في سلسلة من محاضراتنا حول الدعاء ..

وفقنا الله و إياكم لمراضيه و السير في طريق الكمال و السلوك في صراط القرب إليه جل و علا .

أيوب الجعفري

ليلة الأربعاء ٢٠ ذو الحجة الحرام ١٤٤٣ ق
الموافق ٢٠ / ٧ / ٢٠٢٢ م