*هل القول بالتحريف يستلزم الكفر ؟*

أحد المؤمنين نقلا عن بعض المستشكلين علينا :

كلنا نقول بأن قاتل الثقل الأصغر و هو عترتي اهل بيتي … كافر، انزين اللي يطعن في الثقل الأكبر مو كافر؟ كل هؤلاء من علماء الشيعة قالوا القرآن محرف غير مكتمل :

علي بن إبراهيم القمي
أبو جعفر محمد بن الحسن الصفار
كريم الكرماني الملقب ” بمرشد الأنام”
نعمة الله الجزائري
الهاشمي الخوئي
الأردبيلي
أحمد بن منصور الطبرسي
محمد بن مسعود المعروف ب العياشي
الفيض الكاشاني
محمد باقر المجلسي
محمد بن يعقوب الكليني
يوسف البحراني
أبو الحسن العاملي

فهل تكفرهم كما نكفر قاتل الحسين؟
وهل قاتل الحسين كافر؟

*الجواب :*

*بسم الله الرحمن الرحيم*

هذا كلام فارغ فصاحب هذا المكتوب لا يكفر قتلة الحسين عليه السلام بل يترضى على يزيد الآمر بقتل الحسين عليه السلام ..

ليس جميع المذكورين قائلين بالتحريف مُثْبِتِين له بل قد نقل بعضهم روايات تدل بظاهرها أو في النظرة الأولى من دون تأمل في مضامينها، على التحريف و هم في مقام نقل الروايات فحسب لا إثبات مداليلها – على افتراض دلالتها على التحريف – ..

و من جهة أخرى : لا ينحصر التحريف باللفظي بل قد يكون معنويا و قد يكون لفظيا، و التحريف المعنوي لا يعني التحريف الذي ننكره لأن كل من يفسر القرآن بغير ما أراد الله تعالى فقد حرّف القرآن الكريم عن مقاصده و ليس هذا هو المقصود من التحريف الذي ننكر وقوعه و نثبت بالأدلة صيانة القرآن منه فإن هذا التحريف كان و لا زال موجودا كما أشرنا إليه في بعض الأجوبة فهناك في كل عصر و مصر من يفسر القرآن برأيه و وفقا لأهوائه و هذا أمر واقع لا مرية فيه و ما نقول بعدم وقوعه هو التحريف اللفظي – كما أن كثيرا من الروايات التي يُستظهَر منها التحريف لا تدل عليه كما ألمحنا إليه و هذا ما يحتاج إلى بسط الكلام بذكر الأحاديث و بيان مداليلها و إثبات أنها لا تدل على التحريف و أن بعض ما يدل منها عليه ضعيف لا يمكن الأخذ به و ..

و أما فيما يتعلق بقتل الثقل الأكبر فنقول أن القائل بالتحريف مخطئ و ليس قاتلا للثقل الأكبر فمن يقول بالتحريف – مع صحة نسبته إليه – يقول أن أعداء الدين قد حرّفوا القرآن و من قام بالتحريف هو القاتل للثقل الأكبر ( حسب تعبير الكاتب ) كما أننا نقول أن يزيد هو قاتل الحسين عليه السلام فهل يصح أن نقول أن من يقول بأن الحسين قد قُتِل، هو القاتل للحسين عليه السلام ؟ هو يقول أن الحسين قد قُتِل لا أنه هو من قتله، كذلك القائل بالتحريف يقول أن القرآن قد حُرِّف لا أنه هو من حرّف القرآن ليكون هو قاتلَه ..

و أما حكم القائل بالتحريف و هل هو كافر أم لا ؟ فنقول أن للحكم بالكفر ميزانا خاصا، فإذا أنكر أحد وجود الله تعالى أو وحدته جل و علا أو رسالة النبي صلى الله عليه و آله و سلم أو المعاد – على أحد المباني في إنكار المعاد – أو أنكر أحد ضروريات الدين مع التفاته إلى أنه ضروري و أن إنكاره مستلزم لانكار الرسالة، فهو كافر كما يمكن القول بأن من يقوم بتحريف القرآن كافر – على بعض الوجوه – و أما من يقول بتحريف القرآن فهو يستنكر فعل من قام بالتحريف و هو لا ينكر وجود الله و لا وحدانيته و لا المعاد و لا الرسالة المحمدية صلى الله عليه و آله و سلم و لا ضروريا من ضروريات الدين و إنما يقول أن الأعداء قد حرفوا القرآن الكريم، فنقول أنه مخطئ في قوله هذا لأننا نمتلك أدلة كثيرة على عدم التحريف و أما الكفر فلا ينطبق عليه ما يوجب الكفر حتى نحكم عليه بأنه كافر و كيف نكفِّرُ من يستنكر فعل الضالين المنحرفين المُحَرِّفين لكتاب الله المجيد؟! و إن كان في اعتقاده مخطئا من وجهة نظر القائلين بصيانة القرآن الكريم من التحريف اللفظي ..

أيوب الجعفري

ليلة الاثنين ١٨ ذو الحجة الحرام ١٤٤٣ق
الموافق ١٨ / ٧ / ٢٠٢٢م

————————————————————-

*اشكال :*

المؤمن نقلا عن ذلك المستشكل : شلون تحريف معنوي شيخنا الكريم والرواية واضحة يقولك 17 ألف آية ،يعني واضح جداً إن التحريف لفظي 100%..

ومو بس هالرواية، الكليني واحد منهم فقط وغيره البحراني و الخوئي و الخميني كلهم يقولون بالتحريف، الكليني كبيرهم

الله يقول إنه سيحفظ القرآن، الكليني وغيره من علماء الشيعة يقولون القرآن محرف، أليس هذا تكذيب لكلام الله؟ من يُكذب الله لا يكفر ومن يقتل الحسين ويعادي علي يكفر؟

فهل أخلف الله وعده بالقرآن ولم يحفظه كما وعد – معاذ الله؟ أم أن علماء الشيعة يُكذبون الله؟

*الجواب :*

يبدو انكم لم تلتفتوا إلى الجواب السابق بدقة فقد قلنا أن كثيرا من الروايات التي يستظهر منها التحريف لا تدل عليه لا أن جميع الروايات لا تدل عليه فالروايات التي تدل على التحريف بعضها تدل على التحريف المعنوي و بعضها تدل على أن القرآن قد نزل بهذا المعنى فتصور البعض أن المقصود هو أنه نزل بهذا اللفظ فخال أنها تدل على التحريف كما أنه يحتمل في بعض الروايات التي تقول “أن الآية الفلانية على التنزيل كذا” يحتمل أن يكون المقصود أن الآية الفلانية نزلت بهذا المعنى لا بهذا اللفظ و إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال فلا يمكن الاستدلال لها على التحريف اللفظي .. نعم بعض الروايات تدل بظاهرها على وقوع التحريف اللفظي إلا أنها ضعيفة لا تعد حجة شرعية ..

و أما نسبة القول بالتحريف إلى السيد الامام الخميني و السيد الخوئي قدس سرهما الشريف فهي كذبة واضحة فالسيد الخوئي ينقل الأقوال في كتابه “البيان” و يرد قول القائلين بالتحريف و يقيم أدلة على صيانة القرآن من التحريف كما أن السيد الإمام كان في كثير من محاضراته و رسائله إلى مختلف الفئات، كان يحث الناس و العلماء على الالتفاف حول القرآن  الكريم و التدبر في معانيه و معارفه وهو دليل على أنه يرى صيانة القرآن من التحريف كما أنه رضوان الله تعالى عليه لم يُشِر في شيء من كلماته و محاضراته و رسائله إلى أن القرآن محرف فلا ادري من أين أتيتم بهذا الكلام و كيف سمحتم لأنفسكم بنسبة هذه الفرية إليه ؟! ..

و أما أن القول بالتحريف موجب للكفر فغير صحيح – و طبعا لا يخفى عليكم و على المستشكل نفسه أن عامة الشيعة و علمائِهم ينكرون القول بالتحريف و قد ألّف كثير من علمائنا كتبا مفصلة لإثبات صيانة القرآن من التحريف إلا أن القول بأن الاعتقاد بالتحريف يوجب الكفر غير صحيح – و لا يلزم من ذلك تكذيب الله تعالى فمن الممكن أن يقول لك هؤلاء بأن القرآن الأصلي مصون من التحريف و هو عند صاحب الأمر عليه السلام و النسخ الموجودة ليست نفس القرآن النازل بتمامه فهذا الكلام و إن لم يكن صحيحا في حد ذاته إلا أنه يوجب أن لا يكون قول القائلين بالتحريف تكذيبا لكلام الله تعالى ..

و في المقابل : هؤلاء المستشكلون يروون عن بعض الخلفاء أنه كان يقول بآية الرجم بل كان يقول بأنه كان في القرآن سور طويلة كآل عمران و لكننا لا نجدها اليوم .. فهذا صريح في التحريف و عين القول به إلا أنهم و لأجل أن ينفوا القول بالتحريف عنه قالوا أن ذلك من نسخ التلاوة …

أيوب الجعفري

يوم الأربعاء ٢٠ ذو الحجة الحرام ١٤٤٣ق
الموافق ٢٠ / ٧ / ٢٠٢٢م