السر في إفراد الحسنة في قولنا : ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة ” :
سؤال :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
لماذا نقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة …. و لا نقول حسنات ؟.. الله سبحانه و تعالى ليس بخيلاً كي نطلب حسنة .. ارجوا الرد .. و لكم جزيل الشكر .
________________________________________________
الجواب
و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحسنة صفة لموصوف محذوف و يمكن أن يكون ذلك الموصوف ” حياة ” أي : ربنا آتنا في الدنيا حياة حسنة و في الآخرة حياة حسنة ، و إذا كان هذا هو المقصود كانت الحسنة مشتملة على جميع عناصر الحياة الحسنة أي مقومات السعادة و الفلاح في الدنيا و الآخرة فتكون ” حسنة ” أشمل من ” حسنات ” .. و أما ما ورد في الروايات فمن الممكن اعتباره من مصاديق أو مقومات الحياة الحسنة ( و غالب التفاسير الواردة في الروايات بيان لمصاديق المفاهيم العامة و قد أشرنا في بعض الاجوبة أن تلك المصاديق إما أنها خفية فيذكرها الإمام عليه السلام ليُلفت نظر المستفسر و سائر من يبلغه كلام الإمام عليه السلام أن هذا المورد أيضاً من مصاديق الآية ، و إما أنها مصاديق مختلف فيها فيريد الإمام عليه السلام أن يؤكّد على مصداقية ذلك للمفهوم العام الوارد في الآية ، و إما أنها أعلى المصاديق أو أجلاها فيريد بيان أهميتها ، و إما أنها تبيّن المفهوم العام الذي يعد من الأمور الدقيقة أو العقلية التي لا يدركها الكثيرون إلا بذكر المصاديق ففهم العقليات للمبتدئين و كذا لعامة الناس يتوقف على تشبيهها بالمحسوسات أو ذكر مصاديق محسوسة لها .. ) ..
و إليكم بعض الروايات الواردة في تفسير حسنة الدنيا و الآخرة : عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير : ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ” أنه قال : ” رضوان الله و الجنة في الآخرة و المعاش و حسن الخلق في الدنيا ” الوافي ج ١٧ ص ٣٧ باب الإستعانة بالدنيا على الآخرة ، الحديث ٢ نقلا عن الكتب الثلاثة – الكافي و التهذيب و من لا يحضره الفقيه – فنرى أنه عليه السلام يفسر حسنة الآخرة بالرضوان و الجنة أي بجنة الروح و الجسم و من المعلوم أن الحياة السعيدة في الآخرة تتوقف على تحقق نعيم الروح و الجسم ، و الرضوان نعيم الروح و الجنة نعيم الجسم و إن كان المُدْرِك الحقيقي لِلَذائذ الجسم ايضاً هو الروح .. كما فسر حسنة الدنيا بالمعاش أي النعيم الذي يتمكن الإنسان أن يتعيش به مضافاً إلى حسن الخلق الذي يعد من مصاديق السعادة الروحانية في الدنيا ..
و عن النبي الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال : من أوتي قلباً شاكراً و لسانا ذاكراً و زوجة مؤمنة تعينه على أمر دنياه و آخرته فقد أوتي في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و وُقي عذاب النار ” – مجمع البيان ج ٢ ص ٥١ – و في بعض الروايات أن غفران ما تقدم من الذنوب و ما تأخر منها و العتق من النار حسنة الدنيا و الآخرة – راجع البرهان في تفسير القرآن ج ١ ص ٤٣٤ الحديث ١٠٣٠ [٣]
موفقين لكل خير محروسين من كل سوء و شر و لا تنسوني من صالح أدعيتكم الخالصة ..
أيوب الجعفري
ليلة الخميس ٧ ربيع الأول ١٤٤٠ ه ق
الموافق ١٥ / ١١ / ٢٠١٨ م
https://telegram.me/ayoobaljafary