مقارنة بين التشبيه بالأسد و بالكلب في الشعائر :

سلام عليكم شيخنا العزيز

تقبل الله اعمالكم و طاعاتكم
.
احد الاخوة أرسل هذا السؤال

سلام عليكم شيخ عزيز
شخباركم

عندي طلب بسيط لو تستفسره لي بغيته حق رد بعض الشبهات

*متى سُمي الإمام علي بأسد الله الغالب* وعلى اي موقف سمي بذلك؟ وهل تشبيهه بالأسد الدنيوي أم كانت هناك أسود تعيش مع نبينا آدم في الجنة او ما شابه؟

كون بعض ممن يسمون انفسهم (كلاب أهل البيت) يتحجون بتسمية الامام بالأسد في شجاعته
*فهم يسمون انفسهم بالكلاب* في وفائها!

بغيت تستفسر لي ولو حتى بس عن الرواية الي فيها تسمية الامام علي باسد الله .
__________

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لم أجد من ذكر تاريخ تسميته بذلك بالدقة ولكن ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد سمّاه بذلك وقد ورد ذلك في مصادر متعددة ففي ذخائر العقبى لأحمد بن عبد الله الطبري (كان شيخ الشافعية ومحدث الحجاز كما عن الذهبي) ص ٩٢ عن أنس بن مالك قال صعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فذكر قولا كثيرا ثم قال أين علي بن أبي طالب فوثب إليه فقال ها أنا ذا يا رسول الله فضمه إلى صدره وقبل بين عينيه وقال بأعلى صوته معاشر المسلمين هذا أخي وابن عمى وختني هذا لحمي ودمى وشعرى هذا أبو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة هذا مفرج الكروب عنى هذا أسد الله وسيفه في أرضه على أعدائه، على مبغضه لعنة الله ولعنة اللاعنين والله منه برئ وأنا منه بريء، فمن أحب أن يبرأ من الله ومني فليبرأ من علي وليبلغ الشاهد الغائب ثم قال اجلس يا علي قد عرف الله لك ذلك، أخرجه أبو سعيد في شريف النبوة .

من المعلوم أن التسمية بالأسد ناظرة إلى الشجاعة والشجاعة من الخصال الحميدة والفضائل الأخلاقية والصفات الحسنى و الكمالية في الإنسان وبما أن الأسد مظهر الشجاعة فلا بأس بتسمية الإنسان الشجاع بالأسد لإظهار كمال الشجاعة فيه وأما بالنسبة للكلب فبما أنه محكوم بالنجاسة والقذارة في الشريعة المقدسة، بل قد عُدّ في بعض الروايات أنجس النجاسات كما في موثقة عبد الله ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام : .. فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب و إن الناصب لنا أهل البيت أنجس منه . علل الشرائع الباب ٢٢٠ الحديث ١ ؛ فلا انجس من الكلب في أصل الخلقة – نعم يمكن أن يصبح الإنسان أنجس منه فيما إذا سلك سبيل النجاسة والقذارة الروحانية بنصب العداء لأولياء الله تعالى وذلك لأجل أن أعداء الأئمة المعصومين عليهم السلام الذين أوجب الله طاعتهم ومودتهم في حقيقة الامر أعداء لله وهذا ما يتطلب مجالاً آخر أوسع مما نحن فيه لبيان كيفية رجوع عداوة الأولياء إلى عداوة الله وبيان أن عداوتهم موجب للقذارة الروحانية وإن القذارة الروحانية أشد من الجسمانية و.. ، وعلى أية حال فالكلب أنجس الموجودات الحية في أصل الخلقة وهو مظهر النجاسة – وإن اتصف بصفات جيدة – فلا يحسن تسمية أحد بالكلب ولو كان من جهة التشبيه في الوفاء بل الناس يعدونها – أي تسمية الإنسان بالكلب – إهانة فلنفترض أن عُبيداً من الناس شخصٌ وفيٌّ بعهوده ووعوده أفيرضى بأن يُسمى بالكلب فيُنادى : “يا كلب، أو يا كلب المحرق مثلاً” ؟ من المعلوم جلياً بما لا يرتاب فيه أحد أنه لا يرضى بذلك  ..

ولكن مع ذلك كله، ليس الكلام في مجرد التسمية بل الكلام في الظهور بمظهر الكلب في مراسيم العزاء وفي الملأ كما يفعله البعض في الأماكن المقدسة في أيام استشهاد أبي عبدالله الحسين عليه السلام، وهو كما لا يخفى عليكم موجب لهتك حرمة المؤمنين ووهن مذهب أهل البيت عليهم السلام والتشنيع على شيعة أمير المؤمنين عليه السلام فالظهور بهذا المظهر لا يخدم هدف إحياء الشعائر الحسينية بل يضر به ولولا كونه كذلك لما ألقى الأعداء الضوء عليه أضف إلى أن الشعيرة هي التي تُشعِر الآخرين بالدين و أهدافه المقدسة و تدل على الله و صفات جماله و جلاله و على كمالات أوليائه و سيرتهم و أهدافهم الربانية و .. و هل يرى أحد أن الظهور بمظهر الكلب يخدم هذا الهدف و يدلنا على الله و دينه و أواليائه و.. وللكلام عن الشعائر ومفهومها ومصاديقها وما يمكن أن ينطبق عليه هذا المفهوم المقدس مجالٌ واسع وقد تطرقنا لبعض جوانبه في بعض المحاضرات، وقد نوفَّق لكتابته في موضوع مستقل و بتفصيل أكثر مما تم طرحه في المحاضرات بعون المعبود جل وعلا؛ والله ولي التوفيق ..

موفقين لكل خير محروسين من كل سوء و شر

أيوب الجعفري

ليلة الثلاثاء ١٦ ذو الحجة الحرام ١٤٣٩ ه ق
الموافق ٢٨ / ٨ / ٢٠١٨ م

https://telegram.me/ayoobaljafary