شبهة حول صلاة الآيات مع جوابها
صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر
يقول الفقهاء بأن هناك ما يسمى صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر وانها سنة مؤكدة عن النبي، وقال بعضهم أن من مكونات تلك الصلاة أن يكون لها ركوعان في كل ركعة وسجودان أيضا، وقالوا أن لها دعاءا مخصوصا لرفع البلاء….
والحقيقة التي أراها بأن ذلك من تآليف الفقهاء نتيجة تأليف الأحاديث…وإلا فإنه من الأولى أن نصلي لشروق الشمس ونصلي لغروبها ونصلي لكون القمر بدرا ولكونه هلال، ولأن السادة الفقهاء تدخلوا في كل شيئ لجهلهم وجهل الأقدمين الذين نقل الفقهاء عنهم، فهم لا يدركون ما يلي:
أن الدورة الفلكية كانت ولا تزال موجودة قبل خلق الإنسان…وان الكسوف والخسوف من الظواهر الفلكية للدورة الفلكية كانت تتم دوريا منذ قبل خلق سيدنا آدم أبو البشرية….ولقد نهانا الله أن نسجد للافلاك أو لتحركاتها…إنما الصلاة والسجود يكونا لله رب العالمين فقط.
ولما كانت الصلاة تتم دوما لذكر الله…وأن الله أمرنا بقيام الليل عموما فقال تعالى [قم الليل إلا قليلا….] ولقد تأكدت الأمة من أن الرسول كان يصلي يوميا صلاة الليل..فهذه هي السنة المؤكدة..
فالأوجب ألا نصلي للظواهر الفلكية كجهلاء يعبدون الكواكب والأفلاك….لكن الواجب أن نقوم الليل كما أمر الله في كتابه. وكما واظب الرسول في فعله…إن كنا نريد زيادة في النوافل والصلوات.
أما مسألة أننا نصلي الكسوف والخسوف ليرفع الله مقته وغضبه عنا فذلك من تخاريف الأولين حينما كانوا يشاهدون تلك الظواهر الفلكية فيعتبرون بأن الله غضب على الناس فبفزعون إلى الصلاة وذلك من الجهل ….. وحاش لله أن يكون رسول الله جاهلا لتحتموا بمقولات تنسبونها زورا لرسول الله، وإذا ما كان النبي صلى للكسوف أو للخسوف فكيف يكون ذلك برواية واحد عن واحد…لماذا لم يحكيها جمع من الناس والصحابة؟.
ولكي يترأس كهنة المعبد المشهد فإنهم يقولون للناس أن سبب تلك الظواهر هو غضب الله لفراغ المساجد من المصلين…لذلك فهو يظهر لنا العين الحمراء…وهكذا تجد جهلاء يخاطبون جهلاء….فيسجد الجميع بجهل ويتضرهون لله بشرك.
مستشار/أحمد عبده ماهر
كحام بالنقض وباحث إسلامي
المستفسر الموقر :
السلام عليكم .. ما رأيكم في المقال؟
الجواب:
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
هذا المستشار لديه أخطاء كثيرة في فهم الدين ومع ذلك يتهم الفقهاء بالجهل إلا أن الظاهر أنه ينتقد فقهاء طوائف أخرى غير الإمامية – والمُفضَّل أن يتحدث في حدود تخصصه ولا يوقع نفسه وغيره في شبهات ومتاهات لا تُحسَنُ عقباها – وقد أجبت سابقاً على بعض مقالاته التي تدل على عدم اطلاعه وعلمه بالمباني الفقهية والأصولية ..
ومقالته هذه أيضاً مليئة بالأخطاء وسنشير إلى بعضها ..
وفي مورد السؤال لم يقل أحد من الفقهاء – وأقصد فقهاء الإمامية – أن صلاة الآيات لأجل لرفع الغضب الإلهي بل الجميع يقول ويعلم أن الخسوف والكسوف من آيات الله التي تدل على عظمته وعلمه وقدرته وحكمته تعالى و..
نعم الكوارث الكونية والطبيعية قد تكون نتاج ذنوب الناس ومعاصيهم ولكن لا ينفي ذلك وجود أسباب وعوامل طبيعية فإن هناك اسباباً طولية بمعنى أن يكون شيء ما سبباً لشيء آخر وذلك الشيء الآخر يكون سبباً لأمر ثالث فيكون الثالث مسبَّباً للأول مع كونه مسبَّباً للثاني أيضاً ولكن السبب الثاني في طول السبب الأول وفيما نحن فيه: المعاصي سبب لحدوث عوامل الزلزال تحت الأرض مثلاً وعوامل الزلزال سبب لحدوث الزلزال وحدوثه سبب للدمار والهلاك و.. وكون العوامل الطبيعية كالغاز المتراكم تحت الأرض سبباً لوقوع الزلزال لا ينفي سببية المعاصي لحدوث تلك العوامل لأنهما سببان أحدهما في طول الآخر وليس في عرضه، كما أنه من الممكن أن تؤدي المعصية إلى منع السماء من الإمطار فالعوامل الطبيعية تؤدي إلى عدم الإمطار والذنوب تؤدي إلى حدوث تلك العوامل ولهذا ورد في الخبر أنه ليس سنة أقل مطراً من سنة إلا أن الله تعالى يصرف الأمطار من القرى والبلدان إلى الفيافي والمحيطات بمعاصي أهل القرى والبلاد ..
وأما بالنسبة لصلاة الآيات فليست لأجل دفع غضب الله تعالى في الخسوف والكسوف، نعم يمكن افتراض ذلك في الزلزال والعواصف المخيفة لغالبية الناس .. كما أن الصلاة ليست للشمس ولا للقمر ولا سائر الأفلاك بل الصلاة لله تعالى إما لأجل ظهور آية من آياته فنتعبد له ونثني عليه ونقدسه ونسبحه بالصلاة له وإما لأجل ظهور آيات تدل على قدرته على الإفناء والإهلاك في لحظات كما يمكن أن يكون علامة على غضبه أيضاً، لا أن الصلاة للشمس أو القمر أو الزلزال حتى يقال بأن الأولى أن نصلي لشروق الشمس أو غروبها أو .. لأننا أولا إذا كنا نصلي ونعبد الله تعالى فإنما نفعل ذلك لوجود أدلة شرعية وروايات واضحة الدلالة إجمالاً تدل على وجوب الصلاة ولسنا نصلي أو نوجب الصلاة باستحسانات عقلية من عندنا و تلقاء أنفسنا حتى نقول أن الأولى أن نصلي في هذا الوقت دون ذاك الوقت وفي هذا المكان دون ذاك ..
ثانياً ما المانع من أن تجب الصلاة لله تعالى – لا للشمس والقمر والأفلاك كما يزعم – عند ظاهرة خاصة دون أخرى .. ولو كان المانع من وجوب الصلاة هو حدوث ظاهرة لكان وجوب الصوم أيضا في أيام خاصة في السنة كشهر رمضان واستحبابه في أيام خاصة أخرى أيضاً ممنوعاً لأنه يجب أو يستحب لحلول شهر خاص أو يوم محدد ..
هذا والفقهاء ولا سيما القدماء منهم كانوا من أدق العلماء في علم الفلك والرياضيات و كانت لديهم دروس معمقة في العلوم الطبيعية والفلكية والرياضيات وحتى هذا اليوم يوجد بعض العلماء الذين كانوا يدرّسون الرياضيات والفلكيات و.. لأن هذه العلوم كانت في سابق الأيام من العلوم الحوزوية ثم انتقلت إلى مراكز علمية أخرى سميت بالجامعات .. إلا أنه مع كل ذلك فالفقهاء لم يأخذوا ذلك من الفقهاء الأقدمين بل من الأدلة الشرعية ..
و أما أن هذه الدورة الفلكية كانت ولا تزال موجودة قبل خلق الإنسان والإستنتاج بأنه إذن يلزم أن لا نصلي لأجل هذه الظواهر فهو استدلال ركيك لا يستند إلى أساس علمي فإن سَبْقَ الظاهرة على وجود الإنسان لا علاقة له بوجوب أو عدم وجوب الصلاة فإن الإنسان لم يكن موجوداً حتى تجب عليه الصلاة لأجل هذه الظاهرة فعدم الوجوب لعدم الوجود لا لعدم إيجاب الظاهرة للصلاة، وثانيا : لو كان هذا الإستدلال صحيحاً لزم أن نقول أن الليل و النهار وطلوع الفجر الصادق وغروب الشمس و.. أيضاً كانت قد قبل خلق الإنسان على الأرض فيلزم عدم وجوب الصلاة أو الصوم لأن هذه الظواهر كانت موجودة قبل وجود الإنسان على الأرض مع أن القرآن يقول : “أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر ..” كما أن الروايات المعتبرة حددت أوقات الصلاة بطلوع الفجر والشمس وزوالها وغروبها، ومن هنا يتبين جواب آخر لكلامه حول أولوية الصلاة عند الشروق والغروب و.. حيث نقول أنه تجب الصلاة في أوقات خاصة تتحدد بأوضاع الشمس في جميع أيام العمر من لدن البلوغ إلى الموت فحدوث هذه الظواهر بشكل يومي يوجب الصلاة بشكل يومي فما المانع من أن توجب ظاهرةٌ خاصة قليلةُ التحقق أن نصلي لله لأجلها عند تحققها، فهذه الصلاة لله كما أن تلك الصلوات ايضاً لله …
موفقين لكل خير محروسين من كل سوء و شر و لا تنسوني من صالح دعواتكم الكريمة
أيوب الجعفري
يوم الأحد ٢٩ ذو القعدة الحرام ١٤٣٩ ه ق
الموافق ١٢ / ٨ / ٢٠١٨ م
https://telegram.me/ayoobaljafary