هل هناك دليل على الإمامة السياسية للأئمة عليهم السلام؟

سؤال من أحد المؤمنين :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هناك أدلة على ثبوت الإمامة السياسية للأئمة عليهم السلام .. أفيدونا أفادكم الله موصولاً بالشكر
________________________________________________

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الإمامة نفسها بمفهومها الواسع تشمل الإمامة السياسية ولم تُسْتَثْنَ من الإمامة العامة التي أثبتها النبي صلى الله عليه وآله وسلم للأئمة عليهم السلام وهذا يكفي في إثباتها لهم لأنه لو لم تكن الإمامة السياسية ثابتة لهم لاستثناها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أو أثبت لهم الإمامة الروحية والمعنوية فقط ولم ياتِ بلفظ تشمل الإمامة السياسية فإن استعمال لفظ عام وإرادة معنى أو مصداق خاص مع عدم نصب قرينة متصلة أو منفصلة دالة عليه، خلافُ الفصاحة والبلاغة بل مُخِلٌّ بالغرض والمفهوم الذي يراد إيصاله إلى المخاطبين ..

كما أن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غدير خم : “ألست أولى بكم من انفسكم؟ قالوا بلى، قال فمن كنت مولاه فعلي – أو : فهذا علي – مولاه ..” خير دليل على الإمامة السياسية فإن أولوية النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمؤمنين من أنفسهم تعني السلطة على الأنفس فضلاً عن الأموال وهي لا تتحقق إلا بكونه حاكماً عليهم يحكم في أموالهم وانفسهم، وقد فَرّعَ ولاية علي عليه السلام على هذه الأولوية حيث أنه أثبت اولاً الأولوية لنفسه على أنفُس المؤمنين ثم قال فمن كنت مولاه(يعنى فمن كنت مولاه بالمعنى الذي سبق وهو الأولوية على الأنفس) فعلي مولاه (بنفس تلك الأولوية) ..

مضافاً إلى أن آية الولاية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) تُثبت الولاية لعلي عليه السلام تنزيلاً ولسائر الأئمة عليهم السلام تأويلاً – كما هو مُبَيَّنٌ في محله – وإذا أصبح علي عليه السلام ولي المؤمنين يأتي دور آية الإطاعة فتُلزم المؤمنين بطاعة من له الولاية : “أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم” فإذا كانت الولاية لله وللرسول ولعلي عليه السلام وكانت طاعة من له الولاية واجبة وجب طاعة علي عليه السلام في شؤون الولاية وهي الحكومة ..

أضف إلى ذلك أن آية الإطاعة تُثبِت العصمة لأولي الأمر بتقريبين لا يمكنني الغور فيهما في هذه العجالة – وقد أشرنا إليهما في بعض الأجوبة وكذا في مناظراتنا مع بعض المنكرين للإمامة الربانية لأئمة أهل البيت عليهم السلام – ولم يَدَّعِ أحدٌ العصمةَ لغير الأئمة والسيدة فاطمة الزهراء عليهم جميعا سلام الله في هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – وطبعاً لا يمكن لأحد أن يدّعي ذلك مع صدور الأخطاء الكثيرة من سائر الولاة في التاريخ – فلا يبقى إلا أن يكون علي وآله عليهم السلام أولئك المعصومين المشار إليهم في الآية وإلا لخلت الآية عن المصداق وحاشا القرآن أن يوجب طاعةَ من لا وجود له في الخارج ..

هذا وقد ورد في روايات الشيعة والسنة أنه من مات ولم يكن عليه إمام مات ميتة جاهلية أي ميتة الكفر والشرك فهنا نسأل – كما عن العلامة الأميني رضوان الله تعالى عليه ورفع درجاته في جنات النعيم – هل كان لفاطمة عليها السلام إمام أم لا؟ فإن قلتم لم يكن لها إمام لزم أن تكون قد ماتت ميتة جاهلية وعوذاً بالله وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة فلا يمكن القول بأنها ماتت ميتة جاهلية فلا يمكن أن يقال أنها ماتت وليس لها إمام ولم تعرف إمام زمانها، وإن قلتم أنه كان لها إمام وكانت تعرف ذلك الإمام قلنا من هو ذلك الإمام؟ فإن قلتم : أبو بكر، قلنا أن صحاح أهل السنة تنقل أنها عليها السلام ماتت وهي ساخطة عليه وعلى عمر فلا يمكن أن يكونا إمامين لها وليّين عليها فلا يبقى إلا أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام هو إمامها .. هذا ولو كان أبو بكر هو إمامها لكان من الواجب عليها طاعته لأن طاعة الإمام الذي تكون إمامته من قبل الله تعالى واجبة وفاطمة الزهراء عليها السلام بشهادة آية التطهير طاهرة قد أذهب الله عنها الرجس فلا يمكن أن تعصي الله بعصيان ولاة الأمر فيلزم أن لا يكون أبو بكر إماماً لها لأنها اعترضت على حكم أبي بكر في أخذ فدك مثلاً وهي لم تَرْضَ عنهما وماتت و هي ساخطة عليهما ..

كما يمكن استفادة الإمامة السياسية للأئمة عليهم السلام من بعض فقرات الزيارة الجامعة الكبيرة المعتبرة سنداً ومتناً ومن جملتها قولنا في هذه الزيارة مخاطِبِين إياهم : “وساسة العباد” والساسة جمع السائس وهو من يدير أمور المجتمع وله السلطة السياسية على الآخرين والملك والحاكم …

وهناك عشرات الروايات التي تدل على السلطة الزمنية إلى جانب السلطة الروحية للأئمة عليهم السلام وقد ذكرنا في بعض الأجوبة أدلة متنوعة على الإمامة وولاية أهل البيت عليهم السلام فيمكن مراجعتها ..

موفقين لكل خير

أيوب الجعفري

ليلة الثلاثاء ٢١ شعبان المعظم ١٤٣٩ ه ق
الموافق ٨ / ٥ / ٢٠١٨ م

https://telegram.me/ayoobaljafary