المقصود من قوله تعالى : ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين * و إنها لَبسبيل مقيم ” .
استفسار من أحد المؤمنين :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الضمير في (ذلك) و (انها) يعودان على ماذا؟ و ما تفسير الآيتين ؟—- —- —- —- —- —- —- —- —- —- —-
الجواب :
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
” ذلك ” إسم إشارة يشير إلى ما جرى على قوم لوط و ضمير ” إنها ” يعود على الآيات ، و المتوسمين جمع المتوسِّم و هو إسم فاعل من باب التَفَعُّل ( التَوَسُّم ) بمعنى التفرّس و قد ورد في الروايات تفسير المتوسمين بالأئمة عليهم السلام و هو تفسير بالمصداق الأعلى و الأكمل و لا ينفي أن يكون غيرهم عليهم السلام أيضاً متوسمين و متفرّسين يتفرسون الحقائق من تلك الآيات و العلامات بقدر وُسعهم و سعتهم الوجودية و ما أوتوا من العلم و الحكمة و القوة العقلانية و .. فقد ورد في بعض الروايات : “اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله” فالمؤمن يتمكن من الإنتقال من ظواهر الأمور إلى بواطنها و حقائقها أو إلى بعضها و أن يعتبر من الآيات الإلهية و .. ، و لكن من يتمكن من مشاهدة الباطن تماماً و لا يخفى عليه شيء من الحقائق و منها حقيقة الناس بإذن الله تعالى هم النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الأئمة المعصومون عليهم السلام فعن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : “ما من مخلوق إلا و بين عينيه مكتوب مؤمن أو كافر و ذلك محجوب عنكم و ليس بمحجوب عن الأئمة من آل محمد ثم ليس يدخل عليهم أحد إلا عرفوه مؤمنا أو كافرا ثم تلا هذه الآية : إن في ذلك لآيات للمتوسمين، فهم المتوسمون” … فمعنى الآية – و الله العالم – أن في ما جرى على قوم لوط و في بلادهم آيات و علامات للمتفرسين تدلهم على وقوع تلك الأحداث و نزول العذاب و هذه الآيات سبيل للعابرين و هو سبيل باقٍ و مقيم لم تزُل و لم تَنْمَحِ بالكلية بل آثارها باقية يتفرس المتفرسون منها أن إنذار الأنبياء أمر حق بلا ريب و هذا ما تشير إليه الآية التالية و هي قوله تعالى : إن في ذلك لآية للمؤمنين ” ..
موفقين لكل خير
أيوب الجعفري
ليلة السبت ٢٣ جمادى الأولى ١٤٣٩ ه ق
الموافق ١٠ / ٢ ٢٠١٨ م_________
المستفسر الموقر : اليست الآيات انذارا وتحذيرًا لغير المؤمنين؟
ظاهر الآية تبين عكس ذلك ، و كيف يصبح المعصوم هو المعنى بهذا التحذير وهل المعصوم يحتاج الى هذا النوع من الانذار والتحذير؟
—- —- —- —- —- —- —- —- —- —- —-الجواب :
[١١/٢ ٤:٠٩ م] ايوب الجعفري : أخذ الدروس و العِبَر مما حلّ بقوم ليس بالضرورة تحذيراً دائما، فالمؤمن مهما علا شأنه يعتبر مما حل بالآخرين ليعرف كيف يتصرف في حياته و لآخرته، و المعصوم عليه السلام في أعلى درجات الإيمان بل لا يدانيه غير المعصوم في درجته و علو مقامه – هذا في المعصوم بشكل عام و أما أهل بيت النبوة الختمية صلوات الله عليهم أجمعين فلا يقاس بهم أحد من الخلق – كما أن المعصوم ليس معصوماً بالإضطرار أو بالإجبار بل بالإختيار بمعنى أنه باختياره يترك الذنوب و يكون معصوماً من ارتكاب الذنوب و بالعصمة العملية يفيض الله تعالى عليه العصمة العلمية ايضاً فهو المتوسم الحقيقي فالمتوسِّم أي المتفرِّس يتفرس العِبَر من كل صغيرة و كبيرة …
أيوب الجعفري
يوم الأحد ٢٤ جمادى الأولى ١٤٣٩ ه ق
الموافق ١١ / ٢ / ٢٠١٨ مhttps://telegram.me/ayoobaljafary