فصوص الحكم و الوحي – وحدة الوجود

السلام عليكم شيخنا العزيز  ..

سألني أحد الأشخاص سؤال بخصوص وحدة الوجود، و بناءا عليه ققال التالي (( يقول المتحدث ( و انا كشخص يقينا غير متفق معه و لكن من باب الرد) إن السيد الامام يرى في كتاب ((تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الأنس للخميني ص49 )) ان كتاب الفصوص لابن عربي هو وحي منزل من عند الله (( و العياذ بالله))

كان جوابي الشيعة يعتقدون فقط القران المنزل من عند الله سبحانه و تعالى و اذا كان هذا الشيء مكتوب قد يكون السيد الامام يعني شيء اخر ..
ملاحظة: هناك مناقشة و رد مميز في شبكة الهجر و لكن احتاج الدقة في النقل

و كذلك قال الشخص ان السيد الامام يرى ان لله رجل قلت له لا يمكن أن يكون هذا الحديث الصحيح لان الشيعة ينزهون الله سبحانه و تعالى من التجسيد

طبعا يقول ان السيد الامام و السيد الطبطبائي منحرفين  ..

هل من الممكن ان احصل على رد مختصر للسؤال أو لا أعتني بالرد عليه في هذا الموضوع لأنني قلت له ان هذا الموضوع هو موضوع المتخصصين و يحتاج للشخص الذي يتحدث فيه ان يكون له المام و ليس قرأ من أنترنت او سمع من فلان

و اعتذر لكم على الإزعاج و لكنك ملاذنا للأجابة و النصيحة ..
_______

الجواب :

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته و عظم الله أجوركم  ..

بسم الله الرحمن الرحيم

لم يتفوه أحد من الفلاسفة و العرفاء الحقيقيين بأن الفصوص وحي منزل، و طبعاً لدى العرفاء مصطلحات لا يفهمها غيرهم و يقصدون بها معاني صحيحة موافقة للعقل و النقل و إن تصور البعض المعاني الباطلة .. و كيف يمكن القول بأن السيد الإمام يرى كون الفصوص وحياً منزلاً مع أنه لا يتفق معه في جميع آرائه و إن اتفق معه في جُلّها، و القول بوحدة الوجود لا يدل على اعتقاد كون الفصوص وحياً منزلاً ..

هذا و لوحدة الوجود معان مختلفة منها ما هو باطل لم يقل به العرفاء و منها ما هو صحيح بل لا يمكن الخدش فيه و قد كتبت فيما سبق جواباً مختصراً عن شبهة وحدة الوجود و تم إرساله في المجموعة و يبدو أنه قد وصلكم الجواب؛ فإذا اردتم سأرسله لكم مرة أخرى  ..

و مسألة التجسيم محسومة في النظرة الشيعية للأبحاث الإلهية و الجميع متفقون على بطلان التجسيم لاستلزامه المحدودية و التركب و الحدوث و الحاجة و الإمكان و الفقر الوجودي … و إن وجدتم شيئاً يستشم منه التجسيم في عبارات العرفاء و الفلاسفة فهو من متشابهات كلامهم التي يجب إرجاعه إلى محكمات كلماتهم فهم يبرهنون على التجرد التام لله تعالى و يثبتون له التجرد المطلق و لا يثبتون تلك الدرجة من التجرد لغيره تعالى حتى الملائكة الذين هم من عالم المجردات إلا أنهم من المجردات عن المادة لا عن الماهية و لا عن التركب من الوجود و العدم الذي هو أخس أنواع التركب و هو كون الموجود واجداً لكمال فاقداً لغيره و هو يستلزم المحدودية و إمكان الوجود لأن واجب الوجود واجب الوجود بالذات من جميع الجهات و هذا ما يحتاج إلى بيان .. و لا يمكن الجمع بين البرهنة على التجرد التام بأدلة عقلية قاطعة لا يمكن الخدش فيها بنحو من الأنحاء و بين القول بالتجسيم المخالف لما أثبتوه، فإذا وجدنا لهم عبارة تدل بظاهرها على التجسيم وجب تاويلها إلى ما لا ينافي ما أثبتوه في محل آخر من التجرد التام و المطلق كما أن القرآن الكريم يقول في موضع : “يد الله فوق أيديهم” أو : “و جاء ربك و الملك صفاً صفاً” و لكنه في موضع آخر و في محكمات آياته بيّن لنا ذلك فقال : “ليس كمثله شيء” و قال “لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير” فيجب إرجاع الآيات التي تتحدث عن اليد و المجيء و أمثالهما إلى الآيات التي تنفي وجود المثل له تعالى و الآيات التي تثبت له اللطافة التي لا يمكن معها إدراكه بالعين الباصرة المختصة بمشاهدة الأجسام و الألوان و ..

أيوب الجعفري

ليلة الثلاثاء ٥ محرم الحرام ١٤٣٩  ق

الموافق  ٢٦ / ٩ / ٢٠١٧ م