هل حصة الأنثى كحصة الذكر في الإرث ؟
ارسل لي احد المؤمنين ملفاً صوتياً تصويرياً – فيديو – يقول فيه المتحدث أن قوله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين يعني أن للذكر مثل الأنثى لا ضِعف حظها و ذلك لأنه إذا كان هناك ثلاثةٌ ابنٌ و بنتان فأعطيت البنتان ثُلثي المال فقال الإبن : و ما بقي لي ؟ يقال له مثل البنتين ، و هذا يعني أن حصتك لا تختلف عن حصة البنات فكما أن لكل بنت ثلثاً ، لك أيضا ثلث المال ، و لهذا يقول بعد ذلك : ” فإن كنّ نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ” و هذا يعني أنه لو كان الوارث ذكراً واحداً و أكثر من أنثيين فلهن الثلثان و يبقى الثلث للإبن ، كما أنه يقول : ” و إن كانت واحدة فلها النصف ” و هذا يعني أن النصف الآخر للإبن ، و هذا يعني أنه لا اختلاف في حصة البنت و الإبن في الإرث ..
و أما الجواب :
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
كلامه غير دقيق بل غير صحيح فإن الآية تقول : “للذكر مثل حظ الأنثيين” أي أن حظ الذكر الواحد مثل حظ الأنثيين و هذا يعني أن حظه ضِعف حظها و لم يقل : “للذكر مثل الأنثيين” كما تصور المتحدث، مع أن هذه العبارة أيضاً لا تدل على مطلوبه و لكن لو سلمنا دلالتها على أن حظ الإبن مثل كل واحدة من البنتين كما يدعي لقلنا أن العبارة الواردة في القرآن هي : “للذكر مثل حظ الأنثيين” و ليست : “للذكر مثل الأنثيين” حتى يقال أن المقصود أن حظ الذكر أيضا مثل أختيه ليكون حظ الذكر كالأنثى بل قال أن حظ ذكر واحد يساوي حظ أنثيين و هذا يعني أن حظ الذكر ضِعف حظ الأنثى الواحدة ..
مضافاً أن العبارة الواضحة لبيان تساوي ميراث الذكر و الأنثى هي : “للذكر مثل حظ الأنثى” لا : “مثل حظ الأنثيين” الموجب لاشتباه الكثيرين بل الجميع لأن جميع المسلمين بل جميع من له معرفة باللغة العربية قديما و حديثاً قد فهموا و يفهمون من العبارة أن حظ و حصة الذكر في الميراث ضِعف الأنثى إلا في بعض الموارد و ذلك بدليل آخر، فلو كان المقصود تساوي الحصتين لكانت عبارة القرآن غير بليغة لأنها أدت إلى اشتباه الجميع حيث تصوروا أن المقصود كون حصة الذكر ضعف الأنثى، و القرآن في قمة الفصاحة و البلاغة و لا يمكن أن يذكر ما يوقع غالب الناس فضلا عن الجميع في خلاف الواقع، نعم من الممكن أن يكون لآيةٍ ما معانٍ أو احتمالاتٌ و وجوهٌ متعددة فيختلف الناس أو العلماء في المقصود منها، و أما أن يفهم الجميع من عبارة واضحة المدلول خلافَ مقصود الله تعالى و مراده جل و علا فهذا يدل على عدم فصاحة الكلام و بلاغته، و حاشا القرآن أن يكون كذلك ، كيف و هو بيانٌ للناس و تبيان لكل شيء و قد عجز جميع الخلق أن يأتوا بمثل سورة واحدة منه ..
و أما قوله تعالى : “فإن كنّ نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك” فالمقصود أنه إذا كانت الورثة نساءً فقط و كنّ فوق اثنتين فهن شريكات في الثلثين فيوزَّع ثلثا التركة بينهن بالسوية و يبقى ثلثٌ يُعطى لكل واحد من أبوي الميت سدس التركة، و هذا يعني أن الثلث المتبقي للأبوين، لا أن الثلثين للأخوات و الثلث للأخ كما تصور المتحدث فإن مفروض الآية أنه لا يوجد في الورثة في هذه الصورة ذَكَرٌ بل الموجود نساء فوق اثنتين مع الأبوين فالثلثان للنساء أي بنات الميت و الثلث للأبوين ..
و إذا كان الوارث امرأة واحدة فلها النصف و لكل واحد من الأبوين السدس ، و النصف + السدسين = خمسة أسداس فيبقى سدس واحد فيُرد هذا السدس للبنت بمعنى أن البنت الواحدة ترث النصف بالفريضة الشرعية و السدس بالرد، و ليس المقصود أن النصف للبنت و النصف الآخر للإبن كما يتصور هذا المتحدث، فإن مفروض هذا القسم من الآية أيضاً أن الوارث بنت واحدة و أبوان، و لو كان كما تصوره هذا المتحدث لما بقي للوالدين شيء مع أن الآية تقول أن النصف للبنت و لأبويه لكل واحد منهما السدس يعني أن مجموع حصة الأبوين ثلثُ التركة فلا يبقى من التركة إلا سدس واحد فلا يبقى للذكر إلا هذا السدس لا النصف ..
موفقين لكل خير ..
أيوب الجعفري
ليلة الأحد ١٥ صفر المظفر ١٤٣٩ ه ق
الموافق ٤ / ١١ / ٢٠١٧ م