كمال العقل سبب للحب و الخشية و الطاعة
أحد المؤمنين :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكمل الناس عقلا أخوفهم لله وأطوعهم له . شيخنا الجليل هل عندكم شرح أو تعليق لهذا الحديث ؟
________________________________________
الجواب :
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
العقل ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان ..
بما أن العقل – الذي هو موجود مجرد – من الناحية النظرية يدرك الحقائق فيدرك جمال و جلال و عظمة الله تعالى و من ناحية العقل العملي لا يأمر إلا بالخير و إنما ينهى عن الشر – قبال القوى الشهوية و الغضبية و سائر قوى النفس الأمارة – فلا يصدر الشر من العقل و لا يأمر به .. فكلما كان العقل أكمل كان إدراكه لجلال و عظمة الله أكمل و في مرتبة أعلى، و كلما كان إدراك العقل لعظمة موجودٍ ما أعظم كانت خشيته من ذلك الموجود أعظم لأن معرفة العظمة توجب الخشية و لهذا كان النبي و أهل البيت عليهم السلام أكثر الناس خشية من الله تعالى مع أنهم أكملُ الخلق على الإطلاق و أصحابُ العصمة الكبرى، و ما ذلك إلا لمعرفتهم بعظمة الرب الكريم فكما أن المعرفة بالجمال توجب الحب و كلما ازدادت المعرفة بالجمال ازداد الحب بذلك الجميل كذلك المعرفة بالجلال توجب الخشية من ذي الجلال و كلما ازدادت المعرفة بالجلال و العظمة ازدادت الخشية و هذا ما يفسر لنا قولَه تعالى : “إنما يخشى الله من عباده العلماء” … فأهل البيت عليهم السلام و لكونه أعرف الناس بجمال الله و جلاله عز و جل، أكثر الناس حبا لله و في نفس الوقت أكثرهم خشية منه جل و علا و ينتج عن ذلك أن يكونوا أطوعهم له سبحانه و تعالى، كما ينتج عنه ابتهاجُهم و تنعمهم بذكر الله تعالى بل يرون أن نعيمهم و جنتهم هو الله تعالى دون من و ما سواه كما قال الإمام السجاد عليه السلام في مناجاة المريدين : “أسألك أن تجعلني من أوفرهم منك حظاً و أعلاهم عندك منزلا وأجزلهم من ودّك قسما، و أفضلهم في معرفتك نصيبا، فقد انقطعت إليك همتي، وانصرفت نحوك رغبتي، فأنت لا غيرك مرادي .. – إلى أن قال صلوات الله عليه : – و لا تقطعني عنك، و لا تبعدني منك، يا نعيمي و جنتي، و يا دنياي و آخرتي، يا أرحم الراحمين” فالله نعميم الكُمّل العارفين به و جنتهم و مع ذلك نراهم يُغشى عليهم من خشيته جل و علا .. و للكلام في هذا الموضوع مجال واسع ..
أيوب الجعفري
ليلة الخميس ٢٩ ربيع الأول ١٤٤٦ ق
الموافق ٣ / ١٠ / ٢٠٢٤ م