السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى : وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى – سورة النازعات
ما المقصود من الخوف من مقام الله سبحانه وكيف يتحصل الانسان على هذه الدرجة؟
الآية الكريمة لم تضع الوصول الى نتيجة نهي النفس عن الهوى شرطا لدخول الجنة، فهل نستطيع ان نقول ان كل شخص يخاف مقام ربه وهو على طريق إصلاح النفس فإنه يكون من اصحاب الجنة، حتى وان لم يصل هذا الشخص الى مقامات عالية عن طريق جهاد النفس؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
خوف مقام الرب غير الخوف من النار الموجب لعبادته تعالى و هي عبادة العبيد كما أنه يختلف و الشوق إلى الجنة الذي يستلزم عبادة التجار كما في الأخبار و مستفاد من بعض الآيات ، بل هذا الخوف قد تعلق بمقام الرب ، و المقام إما مصدر ميمي بمعنى القيام أو إسم مكان بمعنى محل القيام و هذا ما يحتاج إلى بيان، و لكن إجمالاً المقصود أن يدرك العبد عظمة الرب و يعرف أن جميع شئونه و تدبير أموره و حفظه و.. بيده تعالى كما أن جزاء أعماله على الله و هو جل وعلا محيط به و بكل شيء و … فإذا حصلت له هذه المعرفة بربه ، و من الناحية العملية نهى النفس عن الهوى و هو – أي نهي النفس – مترتب على تلك المعرفة فإن من يعرف ربه و مقامه و عظمته فسوف تحجزه تلك المعرفة عن اتباع الهوى و ستُحقِّق له التقوى في قلبه ، و بالنتيجة ستكون الجنة مقصده و مأواه و ملجأه ، و قد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : ” من علم أن الله يراه و يسمع ما يقول و يعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح فذلك الذي خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى ” فالموجب لنيل الجنة هو الإيمان بمعرفة مقام الرب و التقوى التي ورد التأكيد عليها في كثير من الآيات و الروايات بل قد جُعلت غايةً للعبادات، و لكن بما أن الإنسان الذي لم يبلغ عليا درجات الكمال قد يبتلى بالمعصية لغلبة الشهوة أو الغضب وليس صدور الذنب منه لأجل عدم الإيمان بل لعروض حالة الضعف له أحياناً و لهذا يندم على فعلته و .. لأجل ذلك قال تعالى : ” و نهى النفس عن الهوى ” و لم يقل : ” و ترك المعاصي “ كي يشمل عامة المؤمنين و إن ابتُلوا بالمعصية أحياناً فإن باب التوبة مفتوح كما أن ترك الكبائر مكفِّر للصغائر كما تدل عليه آيات متعددة مضافاً إلى الشفاعة التي ادُّخِرَتْ لأهل الكبائر مع شروطها المذكورة في محلها ، فليست الجنة لمن بلغ عليا درجات الكمال و القرب العبودي إلى الله تعالى فحسب بل هي دار المؤمنين المتقين بمختلف درجاتهم و إن كانت درجاتهم في الجنة مختلفة فعليا درجاتها لمن بلغ عليا درجاته و لا يعني ذلك حرمان من لم يبلغها عن أصل الجنة بل لهم درجات أدنى … و إذا أراد الدرجات العلى كان عليه تهذيب النفس و السير و السلوك بمراقبة النفس الأمارة و محاسبتها و …
أيوب الجعفري