الفرق بين الدعاء و المناجاة
السلام عليكم ..ما الفرق بين الدعاء و المناجاة
___________
الجواب : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته و تقبل الله أعمالكم و بلغكم آمالكم ..
الدعاء طلب شيء من الله تعالى و لكن المناجاة من النجوى و الكلام السرّي بين طرفين – و هنا بين العبد و ربه تعالى – و عادة تكون المناجاة لأجل الأنس بالله تعالى الذي هو المحبوب الحقيقي للعارف به تعالى لأنه جل جلاله و عظُم شأنه عين الكمال و الجمال و هما – أي الكمال و كذا الجمال الذي يندرج تحت الكمال لأنه من عناصر و مقومات الكمال أو أنه نوع من الكمال إلا أن جمال كل شيء بحسبه فالجمال الجسماني غير المعنوي و غير الجمال المتعلق بالمجردات و عالم الملكوت؛ و على أية حال فالكمال و الجمال – منشأ الحب و يوجبان إنجذاب الإنسان إلى صاحب الكمال و الواجد للجمال، فإذا كان اللهُ تعالى عينَ الكمالِ و الجمالِ و مبدأَ كلِّ كمالٍ و جمال و ليس لغيره تعالى كمالٌ أو جمالٌ إلا و قد اكتسبه منه جل وعلا، انجذب إليه وأحبه كل من أدرك ذلك الكمال والجمال فالحب الحقيقي ينحصر في حبه تعالى فالمحب له و لانجذابه إليه يحب أن يأنس به ويخلو به فيناجيه ويتحدث معه سراً ويتحدث معه عن الأسرار ويأنس بالحديث معه، وهذا ما يفسر ما ورد في بعض الأدعية كدعاة الجوشن الكبير الذي يعد من أعظم الأدعية من حيث المضامين التوحيدية التي قد يغفل عنها الكثيرون ممن ينظرون إليه على انه دعاء يتضمن أسماء لفظية لله تعالى إلا انه من اعظم الادعية المشتملة على معارف توحيدية وهذا ما يتطلب الغور في فصول هذا الدعاء و استخراج لئاليه المتعلقة بالمعرفة التوحيدية وسائر المعارف الإلهية .. نعم يمكن أن نفسر بما أشرنا إليه ما ورد في تلك الادعية من قولهم عليهم السلام مخاطبين رب العالمين : “يا سرور العارفين، يا مُنى المحبين، يا أنيس المريدين” – كما في الفصل ٥٢ من دعاء الجوشن الكبير – و في “يا أنيس الأصفياء” كما في الفصل ٩١ منه ، و : “يا من هو منتهى هِمَمِ العارفين” – كما في الفصل ١٠٠ من الدعاء نفسه ، وفي دعاء كميل : “يا غاية آمال العارفين” وفي المناجاة الإنجيلية للإمام السجاد عليه السلام : “يا من آنَسَ العارفين بطول – بطيب – مناجاته” .. فأُنْسُ الاصفياء العارفين بالله أي بكماله وجماله وسرورُهم بالله جل جلاله وهو تعالى الموجبُ لابتهاجهم وهذا ما يدعوهم إلى مناجاته و حديث السر معه جل وعلا في الخلوات، و أما الدعاء فهو و إن كان شاملاً للمناجاة لأنها نوع منه ومن اقسامه إلا أنه في الأعم الأغلب طلبٌ فيكون لطلب الحاجات .. و في الفارسية يقولون : ” راز و نياز با خدا ” ف ” راز ” و هو بمعنى السر أو الحديث عن الاسرار متعلقٌ بالمناجاة مع الله تعالى و ” نياز ” و هو بمعنى الحاجة متعلقٌ بالدعاء و الطلب منه جل و علا ..
موفقين لكل خير و لا تنسوني من صالح دعواتكم الكريمة ..
أيوب الجعفري
يوم الأحد ٢٥ من شهر رمضان المبارك ١٤٣٩ ه ق
الموافق ١٠ / ٦ / ٢٠١٨ م
https://telegram.me/ayoobaljafary