إذا لم يعلم الأنبياء ما أجابتهم به أممهم فكيف نقول أنهم شهداء الأعمال :
شيخنا الفاضل .. اﻵية .. يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ ۖ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ….. قالوا ﻻ علم لنا … لماذا إذا نعتقد أن أعمالنا تعرض على الرسول و على صاحب العصر والزمان مع أنهم يقولون ﻻ علم لنا … أفيدونا يرحمكم الله ..
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليس المنفي هنا أصل العلم بل المنفي حقيقة العلم أو علمهم قياساً بعلم الله تعالى ، و أما مسألة نفي حقيقة العلم فهو محتاج لبيان دقيق نسبياً قد تعرض له العلامة الطباطبائي قدس سره الشريف في تفسير الميزان و لا مجال للتطرق له هنا ، و أما نفي العلم قياساً إلى علم الله تعالى فمن المعلوم أن علم غير الله و منهم الأنبياء قبال علمه تعالى لا يعد علماً فكل ما يعلمه الأنبياء عليهم آلاف التحية و الثناء يعلمه الله جل و علا و يعلم فوق ذلك بما لا يتناهى فلا يعد علمهم قبال علمه علماً أو أنهم ينفون علماً يعلمونه و لا يعلمه الله تعالى فكأنهم عليهم السلام يريدون القول بأنه ليس لدينا علم بشيء – و من جملته العلم بما أجابتنا أقوامنا – إلا و أنت عالم به فليس لدينا علم لا تعلمه أنت حتى نخبرك به و ذلك لأجل أنك علام الغيوب فبماذا نخبرك و أنت علام الغيوب و ليس لغيرك علم إلا بما علمته … فالمقصود – و الله العالم – ليس علمنا قبال علمك علماً كما أننا لا نعلم شيئاً إلا و أنت تعلمه ، فليس المنفي أصل العلم الذي تثبته الأدلة الشرعية الأخرى من الكتاب و السنة حيث أن الأنبياء و الأئمة عليهم – و كذلك غيرهم من الكمّل من خلق الله جل جلاله كلٌ بحسب كماله و سعته الوجودیة – شهداء الأعمال و لا يمكن أن يكونوا شهداء الأعمال و لا يعلمون ما جُعلوا شهداء عليه .. مضافاً إلى أن السؤال في هذه الآية عن جواب الأقوام عندما كان الأنبياء عليهم السلام يدعونهم إلى الإيمان و لا يمكن أن لا يكونوا يعلمون ما أجابهم به أقوامهم ، و قد قلنا أن الآيات تدل على كونهم شهداء و أنهم يعلمون ما يريدون الشهادة به و عليه حيث قال تعالى : ” فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد و جئنا بك على هؤلاء شهيداً ” و قال جل و علا : ” و وضع الكتاب و جيء بالنبيين و الشهداء ” يقول العلامة الطباطبائي: لا معنى لجعلهم شهداء إلا ليشهدوا على أممهم يوم القيامة بما هو حق الشهادة يومئذ …
و قال تعالى : ” و على الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم .. “ و قال عز من قائل : ” و لا يملك الذين من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق و هم يعلمون “ و قال جل جلاله : “ و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً ” و آيات كثيرة أخرى يُذکر في بعضها جواب الأقوام للأسئلة الموجَّهة إليهم …
أيوب الجعفري