طريق اجتناب الذنوب وصون النفس عن اليأس من رحمة الله تعالى

استفسار وسؤال من أحد المؤمنين ايدهم الله جميعاً : سلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

انه تعبت حياتي كلها اخطاء تعبت والله منها، أتمنى اموت وله أظل أعيش؛ أريد حلاً لمشكلتي ..

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته

إذا كنت تقصد أنك مبتلى بالمعصية وارتكاب الذنوب فيلزم العمل على تهذيب النفس بمراقبتها ولا يمكن التخلص من وساوسها إلا بهذا الأمر وقد بيّن لنا أمير المؤمنين عليه السلام طريقاً للتغلب على النفس فيما لو وقعنا في معرض ارتكاب المعصية فقال عليه السلام : “اذكروا انقطاع اللذات وبقاء التبعات” فهذه الحكمة مضافاً إلى أنها تريد تنفير الإنسان من الدنيا كي لا تتعلق قلبه بها ولا يدخل حبها في قلبه كما أشار إليه بعض شراح النهج الشريف، تهدف إلى المنع من ارتكاب المعصية فعندما يتعرض أحد لحالة يريد ويشتهي فيها أن يرتكب معصيةً ما فليتذكّر بأن لذة المعصية ستنقطع وينتهي الإلتذاذ بها مهما كانت درجة ذلك الإلتذاذ ولكن ستبقى عقوبتها ..

وليكن معلوماً بأن تمنّي الموت لا يحل المشكلة فبالتمني لا يموت أحد كما لا ينجو من تبعات وعقاب ما ارتكب، فعلينا أولاً أن نعلم بأن الدنيا دار امتحان وابتلاء فلا مناص من الصبر في الشدائد وعلى الطاعة وعن المعصية كي ننال الدرجات العُلى عند الله تعالى، وثانياً : علينا بمراقبة النفس ومحاسبتها، وثالثاً : أن لا ننسى أن الله تعالى أرحم الراحمين وقد فتح باب رحمته وباب التوبة ولم يغلقه أمام أحد كما في مناجاة التائبين للإمام السجادزعليه السلام : “إلهي أنت الذي فتحت لعبادك بابا إلى عفوك سميته التوبة فقلت توبوا إلى الله توبة نصوحا ..” فعلينا قبل كل شيء اجتناب المعصية – و هو أمر ممكن للجميع وإن كان يحتاج إلى مخالفة الهوى والنفس الأمارة بالسوء وهو صعب إلا ما رحم ربي ولكنه غير مستحيل وإلا لما كُلّفنا بترك المعاصي واجتنابها – ولكن إذا ابتُلينا بها فعلينا بالتوبة والله تعالى يغفر الذنوب جميعاً ولا يغغر الذنوب جميعاً إلا هو، بل هو من أخبر بأنه يحب التوابين ويحب المتطهرين ومن أحبه الله تعالى لا يمكن أن يعذّبه وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سعة رحمته تعالى وعظيم كرمه وعفوه وحبه لعباده بل يمكن القول بأن غضبه تعالى أيضاً مبنيٌّ على رحمته لأنها وسعت كل شيء، والغضبُ شيءٌ فهو مشمول للرحمة الواسعة ومبنيٌّ عليها – وقد بيّناه في بعض المحاضرات و عَلَّني أُوَفَّق لكتابته ونشره على وسائل التواصل مستقبلاً بعون الله جل وعلا ..

فتمنّي الموت – الذي يعد مكروهاً بحسب الحكم الأولي وقد تطرأ عليه عناوين تجعله أمراً راجحاً – ليس حلاً لمشكلة الإبتلاء بالمعاصي، نعم يمكن تعليق طلب الموت على ما إذا كان في علم الله تعالى أن باقي العمر أيضاً سيكون مرتعاً للشيطان فالبقاء في هذه الدنيا يوجب ازدياد الإثم واستحقاق العقوبة من الله تعالى والبعد عنه جلا وعلا كما ورد في دعاء مكارم الأخلاق عن الإمام السجاد عليه الصلاة والسلام : “و عَمِّرْنِي ما كان عُمْرِي بِذْلَةً في طاعتك، فإذا كان عُمْرِي مرتعاً للشيطان فاقبضني إليك قبل أن يسبق مَقْتُكَ إليّ، أو يستحكم غضبك علي ..” كما يمكن الطلب من الله تعالى أن يُغَيِّرَ حالنا ويخرجنا من كوننا مكتوبين في علمه عز وجل من الأشقياء ويكتبنا من السعداء فإنه جل جلاله على كل شيء قدير وبعباده رؤوف رحيم كما ورد في أدعية ليلة القدر (الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك) : “اللهم امدد لي في عمري، وأوسع لي في رزقي، وأصحّ جسمي وبلغني أملي، وإن كنتُ من الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني من السعداء، فإنك قلت في كتابك المنزل، على نبيك المرسل صلواتك عليه وآله : “يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب” .. أعاذنا الله من شرور أنفسنا و أعمالنا ..

أيوب الجعفري

https://telegram.me/ayoobaljafary