هل لله سبحانه و تعالى زمان؟

سؤال من أحد المؤمنين أدام الله عزهم : السلام على سماحة الشيخ .. ان الله عز و جل لا اين له، يعني لا يؤين بأين و لا يحويه مكان .. و ماذا عن الزمان يا شيخنا الفاضل ؟؟؟ الآيه و ان يوما عند ربك كالف سنه مما تعدون ،، و هذه ايام الآخره … و قوله تعالى كان مقداره خمسين الف سنه مما تعدون ،،، و هذه يوم القيامه

السؤال شيخنا الكريم ،، ألا يوحي هنا ظرف الزمان هذا تشخيصا معينا و اختلاق حدٍ لله سبحانه و تعالى …
اتمنى ان اكون قد اوصلت الفكره
مع خالص تمنياتي لكم بالتوفيق
________________________________________

الجواب

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا لم يكن له مكان يحويه فليس له زمان يكون ظرفا له لأن الزمان مقدار حركة المادة فإذا لم يكن له مكان فليس هناك مادة تحويه فإذا لم تكن هناك مادة تحويه فليس له زمان فنفي المكان له يستلزم نفي الزمان أيضاً ..

مضافا إلى أن الله تعالى خالق الزمان بخلق المادة فكان قبل أن يكون زمانٌ فليس له زمان .. و أضف إليه أنه إذا كان له زمان لكان محدودا و الله تعالى ليس له حد ينتهي إليه ( و براهين ذلك – كاستلزم الحد للتركب المستلزم للحاجة المنافية للألوهية و … – موكولة إلى الأبحاث العقلية و الفلسفية )

و أما قوله تعالى : “إن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون” فليس معناه أن لله تعالى زمانا فيكون محاطا بالزمان كإحاطته بنا إلا أن زمانه يختلف عن زماننا من حيث السعة و الضيق و من جهة طوله و قِصَرِه ليكون يوم الله تعالى كألف سنة لنا و عوذا به تعالى بل المقصود أن الله تعالى لا فرق لديه بين الزمان القصير و الطويل و الآية تتحدث عن استعجال الكفار للعذاب حيث قال تعالى : “و يستعجلونك بالعذاب و لن يخلف الله وعده و إن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون” فالمقصود أنه لا داعي للاستعجال لنزول العذاب لأن الله تعالى – و كما يقول العلامة الطباطبائي قدس سره الشريف – لا فرق لديه بين اليوم الواحد و بين ألف سنة فلا يستقل اليومَ الواحد و لا يستكثر الألفَ سنة و الله تعالى لا يخاف فوت شيء منه حتى يعجّل عذاب القوم بل هو حليم ذو أناة يمهلهم حتى يستكملوا درجات شقائهم ثم يأخذهم بالعذاب و “إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون” … فمضافا إلى استحالة كون الله تعالى في ظرف زماني ، مضافا الى ذلك : الآية أيضا ليست بصدد بيان أن لله تعالى ظرفا زمانيا بل هي في مقام بيان أن الله تعالى لا يُعَجِّلُ العذاب للكفار المعاندين بل يتركهم إلى أجلهم إذ لا فرق لله تعالى بين أن يأخذهم بعد يوم أو بعد ألف سنة ..

و أما قوله تعالى “تعرج الملائكة و الروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة” فهو بيان لظرف يوم القيامة حيث ورد في بعض الروايات أن في يوم القيامة خمسين موقفا كل موقف ألف سنة فالمجموع خمسون ألف سنة بمعنى أن مقدار هذا اليوم لو انطبق على أيام الدنيا التي نعرفها لكان بمقدار خمسين ألف سنة و هذا اليوم ظرف زماني لمن يحشرهم الله تعالى يوم القيامة لا لله تعالى عن ذلك علوا كبيرا .. و المقصود من عروج الملائكة إليه تعالى هو أن جميع المخلوقات بمن فيهم الملائكة سيرجعون إلى الله تعالى في ذلك اليوم ..

موفقين مسددين

أيوب الجعفري
ليلة الثلاثاء ١٦ (١٧) شعبان المعظم ١٤٤٥ ق
الموافق ٢٧ / ٢ / ٢٠٢٤ م