بسم الله الرحمن الرحيم
وردني ملف صوتي تصويري – فيديو – ينتقد فيه السيد الحيدري عدم توصيف المخالف بالمؤمن و أنه قد أقيم في بعض بلادنا مؤتمر يجمع علماء الطائفتين و عندما حان وقت الصلاة لم تنعقد جماعة واحدة بل صلى علماء كل طائفة في جماعة مستقلة ، ثم ينتقد تسمية طائفتنا بالمحقة و .. فطلب مني بعض الإخوة إبداء الرأي فيما قاله و إليكم الجواب :
—————————————————————–
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
في كلامه مواضع للنظر فأولاً عندما يقال لغير أهل الولاية أنه مسلم و لا يُطلَق عليه المؤمن فالمقصود هو أنه لا يؤمن بإمامة الأئمة عليهم السلام و لذا نسميهم بالمخالفين ، و ليس المقصود أنهم لا يؤمنون بالله و اليوم الآخر و نبوة خاتم النبيين عليه و آله السلام ..
و من جانب آخر : مع أنهم مؤمنون بالله اليوم الآخر و سائر المعتقدات إلا أن الإيمان له مقومات و من جملة مقوماته الإيمان بالولاية فما لم يتحقق هذا المقوم لم يتم و لم يكتمل أصل الإيمان – و للبحث في هذا الموضوع مجال واسع و لا سيما إذا أخذنا بعين الإعتبار أن المعرفة الدينية و الإيمان الصحيح بالله تعالى و بسائر المعتقدات و المعارف الإلهية يتوقف على معرفة الإمام و الإيمان بالإمامة و الولاية و أن الإمام بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم هو المظهر الأكمل و الأتم لأسماء الله تعالى و المجرى الحقيقي لفيوضات رب العالمين التكوينية منها و التشريعية ، فلا يمكن أن يكتمل إيمان من دون الإيمان بالمظاهر التامات لأسماء الله تعالى و مجاري الفيوضات الإلهية و الآيات الكبرى لله جل و علا ، بل لا يمكن أن تكتمل المعرفة بالله تعالى على قدر وسع البشر من دون وصول المعارف إلينا عن طريقهم عليهم السلام فكيف بالإيمان – و لهذا نجد بعض الإنحرافات في بعض الامور العقدية عند غيرنا من القول بالتجسيم أو التشبيه و كذا القول بالجبر أو التفويض و أضف إلى ذلك عدم قدرتهم على التفريق بين التوحيد و الشرك و خلط المفاهيم الدينية بعضها ببعض كخلط الشرك بالتوسل و الشفاعة و زيارة أهل القبور و .. و بالنتيجة رمي الموحدين العارفين بدرجة اعلى من التوحيد مقارنةً بهم، بالشرك -، و هل يمكن أن يتحقق إيمانٌ بلا معرفة؟.. و لهذا ورد في الدعاء المعروف الذي يعد من غرر أدعيتنا : “اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني نبيك فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني” فعدم معرفة الإمام سببٌ للضلال عن الدين و هذا ما يحتاج إلى بيان لا مجال للتطرق له و تفصيله و لكن نتيجته أن معرفة الله سبب لمعرفة النبي صلى الله عليه و آله و سلم و معرفة النبي سبب لمعرفة الحجة عليه السلام و معرفة الحجة سبب للهداية كما أن عدم معرفة الله سبب لعدم معرفة النبي صلوات الله عليه و آله و هو سبب لعدم معرفة الحجة و هو سبب للضلالة و في المقابل الهداية علامة معرفة الحجة و معرفة الحجة علامة معرفة النبي و معرفة النبي صلى الله عليه و آله و سلم علامة معرفة الله فعدم معرفة الإمام علامة عدم تحقق المعرفة الحقة و الحقيقية بالله و النبي صلى الله عليه و آله و سلم، و إذا كان كذلك لم يمكن تحقق الإيمان الحقيقي من دون معرفة الإمام و من دون الإيمان به عليه السلام، و لهذا يُطلق على غير أهل الولاية لفظ المسلم و لا يطلق عليهم لفظ المؤمن مع إرادة حقيقة الإيمان و إن آمنوا بالله و الرسول و اليوم الآخر و قلنا بتحقق الإيمان بالله و الرسول من دون معرفة الحجة ..
و ثانياً عدم الإئتمام في الصلاة يعتمد على المباني الفقهية فمن الفقهاء من يرى أن الإقتداء بالعامة صحيح و منهم من يرى أن الصلاة معهم بصورة المتابعة هو متعلَّق الإستحباب و الثواب الوارد في بعض الروايات .. و طبعاً يلزم معرفة الظروف التي أدت إلى إقامة صلاتين في المؤتمر المشار عليه في كلامه و إلا كان من الممكن إقامة صلاة واحدة و الإقتداء بإمام واحد أو متابعته في الصلاة، هذا مضافاً إلى أننا نصلي خلفهم في ديارهم إقتداءً أو متابعةً فكان من المفروض أن يصلوا هم خلف الإمام الذي هو منا في ديارنا فمن الممكن أن القوم هم من أبوا الإقتداء بالإمام الذي هو منا أو متابعته في الصلاة فيكون الإشكال عليهم لا علينا ..
و ثالثاً إشكاله على التعبير بالطائفة المحقة غير وارد فإن الحق واحد لا أكثر و إذا قلنا أن الحق هو أن خلافة النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الإمامة الإلهية مختصة بالأئمة المعصومين عليهم السلام فلا محالة تكون الشيعة هي الطائفة المحقة و لا يمكن أن يكون المؤمن بالخلافة و الإمامة الإلهية و غير المؤمن بها كلاهما على حق في خصوص هذه المسألة الأصلية، نعم جميع المسلمين على حق في المشتركات العقدية و المعرفية و كذا الفقهية و لكن مع اختلاف المراتب في هذا الأمر أيضاً فأين التوحيد الحق و الحقيقي و أين التوحيد في ظل التجسيم المنافي للأحدية – و بينهما مراتب – و … فالكل في أصل القول بالتوحيد على حق و لكنهم ليس الجميع في تفسيره على حق كما أنهم ليسوا جميعاً ممن بلغوا عليا درجاته …
و رابعاً : ما ذكره من حلية أموال و نساء الكفار للمسلمين فللمسلم في البلاد الغربية أن ياخذ أموال الكفار هناك و يسبي نساءهم و إذا قلنا بعدم الجواز فإنما هو من باب الحكم الثانوي و لأجل عدم تشويه المذهب و الدين مثلاً، ليس بصحيح و الفقه لا يؤيد ذلك و إنما يقول الفقهاء حسب الأدلة الشرعية بحلية أموال الكافر الحربي لا مطلق الكفار و هذا من البديهيات التي يتقبلها عقل كل عاقل حيث أن العقلاء عامة لا يرون حرمةً لأموال المحاربين لهم و لا يختص ذلك بالإسلام و المسلمين ..
و هناك مواضع أخرى للنظر في كلامه نغض الطرف عنها لعدم أهميتها …
أيوب الجعفري
ليلة الخميس ٢٢ ذو الحجة ١٤٣٨ ه ق
الموافق ١٤ / ٩ / ٢٠١٧ م