العلم النافع
(المقصود من قول علي عليه السلام ليس في البرق الخاطف مستمتع … )
السلام عليكم …
شيخنا الغالي ..
الرجاء توضيح هذا الكلام المروي عن امير المؤمنين علي (ع) ، من احد خطبه .
( ليس للبرق الخاطف مستمتعاً لمن يخوض في الظلمة ) .
_______________________________________
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
العبارة الكاملة و الصحيحة الواردة في خطبة الوسيلة لأمير المؤمنين عليه السلام هي : ” ليس في البرق الخاطف مُسْتَمْتَعٌ لمن يخوض في الظلمة ”
و المقصود – و الله العالم – هو أن العلم و المعرفة لا يتحقق بسماعه كالبرق الخاطف العابر بل يحتاج إلى المداومة و الإستمرار في اكتساب العلم كي يتنور القلب و الباطن فالجهل و الجهالة ظلمات لا يمكن الخروج منها إلا بالمواظبة على سماع المواعظ و العلوم و الحِكَم و بذلك يمكن الإستمتاع بالعلم ..
و هناك احتمال آخر في معنى هذه الجملة من الخطبة و هو أنه لا ينفع الإستماع إلى العلم مع الإنغماس في ظلمات الذنوب و المعاصي، فالعلم الذي ينفع الإنسان هو العلم القرين بالعمل و العلم الذي يسوق نحو الطاعة و خشية الله تعالى بل يمكن القول بأنه إذا لم يَخْشَ الله تعالى لم يكن عالماً حتى ينتفع بعلمه فقد قال تعالى : “إنما يخشى اللهَ من عبادِهِ العلماءُ” فالعالم في منظور القرآن الكريم هو من يخشى الله أي يدعوه علمه إلى خشيته تعالى حيث أن العالم الحقيقي هو من عرف نفسه و فقره و جهله و كونه عين الفقر و العُلقة بربه سبحانه و تعالى و إذا عرف نفسه بذلك فقد عرف ربه بالغنى و العظمة و العلم و القدرة و الجلال و الجمال و من عرف ربه بهذه المواصفات و أمثالها تحققت خشيته في قلبه لا محالة، و هذه المعرفة لا تتحقق بالتعرض للعلم كالبرق الخاطف بل يحتاج إلى الدراسة المستمرة و العمل الدؤوب حتى يتمكن العلم و المعرفة و المواعظ من القلب فتدعوه معرفتُه إلى خشية الله تعالى و الخشوع و الخضوع له جل و علا و من المعلوم – و كما أشار إليه المجلسي الأول رضوان تعالى عليه في روضة المتقين – أنه لا يمكن الإنتفاع الكامل بالكمالات ما لم تَصِر ملكات راسخة في القلب و أما النور الخاطف فلا يمكن الإنتفاع به ..
أيوب الجعفري
ليلة الخميس ١٢ صفر المظفر ١٤٣٩ ه ق
الموافق ٢ / ١١ / ٢٠١٩ م
https://telegram.me/ayoobaljafary