ما المقصود من تمشي قصد القربة ؟

السلام عليكم شيخنا تقبل الله أعمالكم

في مواضع كثيرة من الرسالة العملية أجد عبارة (الا إذا تمشى منه قصد القربة ) ماالمقصود بهذه العبارة علما بأن أي عمل عبادي لابد أن يصدر عن نية القربى فلمادا تستخدم كاستثناء للحكم بصحة العمل الذي هو اساسا باطل لوجود خلل فيه ؟

___________________________________________


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

المقصود أن العمل العبادي يلزم أن يكون بقصد القربة و امتثالِ أمر الله تعالى ، و إذا حدث خلل في قصد القربة لم يصح العمل كما إذا حرم ارتكاب ذلك العمل لطروء عنوان آخر فمثلاً الصوم واجب عبادي فيلزم أن يكون بقصد القربة و لكن إذا كان الصوم مضراً بالصحة ضرراً معتنى به حرم على المكلف أن يصوم لطروء عنوان الضرر الذي يحرم ارتكابه فبما أنه يحرم الصوم في هذه الحالة و لا يمكن قصد القربة و التقرب إلى الله تعالى بالحرام لأن الحرام يُبَعِّد عن الله تعالى و المُبَعِّدُ لا يمكن أن يكون مقرِّباً إليه جل و علا ، فلا يتمشى منه قصد القربة و لهذا لو اعتقد أن الصوم مضر بصحته ضرراً معتنى به بطل صومه إلا إذا تمشى منه قصد القربة أي : إلا إذا كان بنحو يتمكن من قصد القربة مع كونه عالماً بالضرر كما إذا كان عالماً بالضرر المعتنى به و لكنه غير عالم بحرمة ارتكاب الضرر المعتنى به فعدم العلم بالحرمة يعني عدم العلم بأن هذا العمل مبغوضٌ لله تعالى مُبَعِّدٌ عنه جل و علا فيعتقد إمكان التقرب بهذا العمل و بهذا الصوم مثلاً إلى الله تعالى فيتمشى منه أي يتحقق منه قصد القربة مع أنه لو كان يعلم بالحرمةِ و عدمِ إمكان التقرب إلى الله تعالى لم يكن قادراً على قصد القربة أي لم يَتَمَشَّ منه قصد القربة فلا يصح منه الصوم لعدم تحقق قصد القربة و لكنه و لعدم علمه بالحرمة يتصور أنه يمكن التقرب به إلى الله تعالى فيتحقق منه قصد القربة فيصح العمل و هذا الصوم فيما إذا تبين أنه لم يكن مضراً بصحته بحسب الواقع ضرراً لا يجوز ارتكابه شرعاً ، ففي هذه الحالة يُحكم بالصحة لأنه قد تحقق منه شرطها و هو قصد القربة  …

أيوب الجعفري

ليلة الأربعاء ٢٠ محرم الحرام ١٤٣٩ ه ق
الموافق ١١ / ١٠ / ٢٠١٧ م