الإشكال:-

يقول مايسمى بثقة الإسلام ( الكليني) يروي في كتابه اصول الكافي والذي وهو عند الشيعة من اصح الكتب لأنه عرض على المهدي المنتظر

يروي مانصه(( ان القرآن لايكون حجه إلابقيم وان عليا كان قيم القرآن وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله (1)

كما توجد مثل هذه المقالة في رجال الكشي (2) وعلل الشرائع(3) والمحاسن(4) ووسائل الشيعة(4)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) اصول الكافي :1/188

(2) رجال الكشي:ص 420

(3)البرقي/ المحاسن :ص 268

(4)الحر العاملي/ وسائل الشيعة :18/141

                                                       

**رد اتباع الدين الاسلامي على ما يقوله اتباع الدين الشيعي

لا يخطر بالبال ان طائفة تزعم انها مسلمة تقول ( بأن القرآن ليس حجة)

والله سبحانه وتعالى يقول : ( أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم )

ويعني الشيعة بأن القرآن ليس حجة هي ان النص القرآني لا يمكن ان يحتج به إلا بالرجوع لقول الامام لا قول الرحمن . 

وقد يقول الشيعة ان القرآن لا يؤخذ بنظامه إلا

بقوة السلطان وهو القيم على تنفيذه ولكن ورد عند الشيعة ما ينفي هذا الاحتمال وهو

قولهم (( فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن

به حتى يغلب الرجال بخصومته فعرفت ان القران لا يكون حجة الا بقيم))(5)

ومعنى هذا ان قول الامام هو افصح من كلام الرحمن ويظهر من هذا انهم يرون الحجة في قول الامام لأنه الأقدر على البيان من القرآن ولهذا سموه بالقرآن الصامت وسموا الامام بالقرآن الناطق ويروون عن علي ابن ابي طالب عليه السلام انه قال ( هذا كتاب الله الصامت وانا كتاب الله الناطق)(6) وقال ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم أخبركم عنه(7)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) نفس الموضع من المصادرالسابقة

(6) الحر العاملي / الفصول المهمة :ص235

(7) اصول الكافي :1/61

————————————————————-

هذا ما ورد في بعض المنتديات فطلب مني بعض أفاضل السادة حفظه الله تعالى  أن أكتب جواباً على أمثال هذه الشبهات و هذ نص رسالته دام عزه  : 

السلام عليكم شيخنا

لابأس شيخنا ان تكتبوا في الرد على موضوع عدم حجية القرآن الذي مآله أن يكون الأمر تمسك الشيعة بالثقلين غير واقعي حين يعطلون ( كما يقول بعضهم ) علاقة الشيعي بالقرآن فلا يمكن فهمه لأنه صامت وانما يتمسكون بالعترة فقط .

( كأن العامي يمكنه أن يفهم كل كلام النبي وعترته صلوات الله عليهم )

عموما ارجو التفضل ببيان ذلك بلغة سهلة تناسب العامة ايضا لاسيما السنة .

______________________________________

  

الجواب : 

بسم الله الرحمن الرحيم 

    من المعلوم جلياً عند كل من له إلمام بمسلك الشيعة الإمامية في العقائد و الفقه و الأخلاق و عموم المعارف الإلهية ، أن الشيعة الإمامية يتمسكون بالكتاب و العترة الطاهرة و يرون أنه لا يمكن الإستغناء بأحدهما عن الآخر بل التمسك بأحدهما دون الآخر يؤدي إلى تركهما و عدم الأخذ بهما معاً ، و بعبارة أخرى : من يرى وجوب التمسك بالقرآن دون العترة فإنما يدعي التمسك به و في الواقع هو تارك للقرآن و العترة معاً ،  كما أن من يرى ضرورة التمسك بالعترة دون القرآن الكريم فهو مدّعٍ لذلك و هو في حقيقة الأمر تارك للقرآن و العترة معاً و ذلك لأنهما عِدْلان لا يفترقان أبداً كما أخبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم بذلك في حديث الثقلين المتفق عليه بين الفريقين حيث قال صلى الله عليه و آله و سلم : ” إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترته ، أهل بيتي ، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ” راجع مسند أحمد ج ٣ ص ١٤ و ١٧ و ٢٦ و ٥٩ ،  و مجمع الزوائد للهيثمي ج ٩ ص ١٦٢ و ١٦٣ و مصادر أخرى لأهل السنة ، و أما مصادرنا فلا داعي لذكرها لكثرتها و وضوحها .. فعدم افتراقهما الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم و ذلك بـ ” لن ” الدالة على النفي الأبدي – و في بعض الروايات أنه صلوات الله عليه و آله قال أن الله تعالى أخبره بأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض – و من جملة مصاديق عدم الإفتراق هو عدم الإفتراق في التمسك فلا يمكن التمسك بأحدهما دون الآخر فإن معنى ذلك عدم التمسك بشيء منهما ،  فلا يرد على الشيعة ما قيل من أنهم يقولون بأن القرآن ليس بحجة ، فهم  يتمسكون بالقرآن و العترة معاً و يرون أن العترة الطاهرة حجج الله تعالى على العباد و كلامهم و فعلهم و تقريرهم حجج إلهية لا يسع العباد تركها و التهاون بها  كما يرون أن القرآن الكريم كتاب الله و هو حجة إلهية في العقائد و الأحكام و الأخلاق و المعارف الإلهية ،  و لكن مع ذلك يرون أنه – وفقاً لحديث الثقلين و أدلة أخرى لا مجال للغور فيها – لا يمكن التفريق بينهما لأنه يؤدي إلى تركهما معاً ،  فالتحقيق يقتضي القول بأن غيرهم هم من ترك الثقلين معاً و ذلك لادعائهم التمسك بالقرآن دون العترة و هذا مخالف لعدم افتراقهما و …

و أما ما يقال من أن الشيعة ترى أن القرآن يحتاج إلى من يبيّنه و هو الإمام عليه السلام و هذا يعني أن الإمام أفصح من القرآن ،  فكلام خالٍ عن الموضوعية و عارٍ عن المنهجية العلمية و إنما يصدر أمثاله ممن يجهل المعارف الإلهية و مصادرها أو يريد تحريك مشاعر الناس و إثارتهم ضد سائر الطوائف الإسلامية ..  و ذلك أن ضرورة وجود المبيِّن للقرآن لا تعني أن المبيِّن أفصح من القرآن و ذلك لأجل أن علة الحاجة إلى البيان ليست عدم الفصاحة أو كون المبيِّن أفصح فإن هذا الأمر صادق بحق النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم أيضاً حيث أنه لا يمكن إنكار كونه مبيِّنا للقرآن الكريم بل القرآن نفسه يصرح بأن النبي مبينٌ للقرآن فقد قال تعالى : ” و أنزلنا إليك الذكر لتبيِّن للناس ما نُزِّلَ إليهم و لعلهم يتفكرون ” – النحل :  ٤٤ – فهل يتفوه أحد بأن لازم ذلك أن يكون النبي صلى الله عليه وآله و سلم أفصح من القرآن الكريم ،  كلا و ألف كلا ، و هذا جواب نقضي ، و أما الجواب الذي يحل الإشكال هو أن سبب حاجة الكتاب إلى تبيين الإمام عليه السلام هو عمق المعارف و دقة المفاهيم الواردة فيه فليس كل من يعرف اللغة العربية – مهما كان فصيحاً و بليغاً و مُلِمّاً بدقائق النحو و الصرف و البلاغة – يتمكن من معرفة جميع ما ورد في القرآن الكريم فالقرآن يشتمل على عمومات و إطلاقات تحتاج إلى بيان قيودها و مخصصاتها التي لم ترد في ظاهر القرآن الكريم و لا سيما في العبادات التي هي توقيفية و لا يمكن أن نزيد فيها شيئاً أو ننقص منها جزءاً من تلقاء أنفسنا ،  فمن أين نعلم عدد ركعات الصلوات الفرائض و النوافل لولا بيان النبي و المعصومين من عترته صلوات الله عليهم أجمعين و كيف يمكننا أن نعرف كيفية إقامة الصلاة التي يأمر القرآن الكريم بها و بإقامتها – و كم لذلك من نظير  في المسائل الفقهية ناهيك عن الأبحاث الدقيقة العقائدية الذي يتطرق لها القرآن بإشارات عابرة و لا سيما في الأبحاث التوحيدية … – و لا يختص هذا الأمر بالقرآن الكريم فإن هناك الكثير من الكتب العلمية – الإسلامية و الإنسانية منها و التجريبية و غيرها – قد كتبها كبار العلماء بشكل موجز ثم جاء تلامذتهم فشرحوها و فصّلوا مقاصدها  و لم يتفوه أحد بأن التلميذ أفصح من الأستاذ لأنه شرح كتاب أستاذه بل شَرْحُ التلميذ يُفْصِحُ عن دقة الأستاذ و سعة علمه و تبحره فيه و قد يدل على قمة بلاغته أيضا ً…  

و إذا تبين ذلك عرفنا أن القول بكفاية القرآن بالمعنى الذي يقول به هؤلاء مخالف للقرآن و السنة معاً ،  نعم قد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى : ” أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يُتلى عليهم .. ” – العنكبوت  ٥١ – و لكن يلزم معرفة معنى ذلك بمراجعة القرآن نفسه ،  فإذا نظرنا إلى الآيات السابقة تبين لنا أن المقصود أن الآيات القرآنية كافية في إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم و أنه مرسل من قِبَل الله تعالى حیث أنه تعالى يقول في الآية السابقة السابقة : ” و قالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله و إنما أنا نذير مبين ” فكما ترون هؤلاء كانوا يطلبون نزول الآيات على النبي صلى الله عليه و آله و سلم من ربه سبحانه و تعالى فردّ عليهم القرآن بأمرين الأول ما ورد في نفس هذه الآية و هو أن الآيات إنما هي من عند الله و ليست مني و إنما أنا نذير مبين ،  و الثاني أليست آيات القرآن النازلة من قبل الله تعالى على النبي كافية لهم ،  فهؤلاء كانوا يطلبون نزول آيات من الله تعالى فيقول أفلا تكفيكم هذه الآيات النازلة من عند الله ،  فليس المقصود أن الآيات القرآنية بنفسها من دون بيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو من هو بمنزلة نفس النبي كافية في فهم جميع مقاصد الشريعة ،  و كيف يمكن الالتزام بذلك مع أن كثيراً من الأحكام و تفاصيل المسائل العقدية و الأخلاقية و الفقهية إنما وصلتنا و عرفناها ببيان النبي – عند أهل السنة – و ببيانه و بيان العترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين – عند الشيعة – .. هذا كله أولاً ، و أما ثانياً فنحن أيضاً نقول بأن القرآن كافٍ و لكن يلزم الأخذ بجميع ما ورد فيه و من جملتها وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وآله و أهل بيته عليهم السلام فيما يأمرون به و ينهون عنه حيث بيّن لنا القرآن نفسه أن الله و الرسول و أولي الأمر الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون ،  هم الأولياء  – و قد حصر الأولياء في هؤلاء بقوله تعالى : ” إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون ” فقوله ” إنما ” يفيد حصر الأولياء في المذكورين – و أمرنا بطاعة هؤلاء الأولياء في آية الطاعة فقال : ” أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ”  

و المتحصَّل مما ذكرنا هو أن القرآن كتاب الله المشتمل على جميع ما يحتاجه المكلفون من الجنة و الناس أجمعين و لكن القرآن كتاب معجز قد ذكر كل شيء بعبارات موجزة – مضافاً إلى أننا نعتقد أن للقرآن ظاهراً و باطناً و لا يعرف باطنه إلا من هو معصوم  و قد دلت الروايات على ذلك و إن أنكر ذلك بعض من لا دقة له في المعارف الإلهية و إذا دقق لزمه الالتزام بذلك  .. و بيانه موكول إلى محله – فنحن نحتاج – لا أن القرآن يحتاج – إلى بيان أحكامه و عقائده و معارفه و أخلاقه من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو من هو كنفس النبي صلوات الله عليهم أجمعين .. 

و من جانب آخر  :  القرآن هو الحجة الإلهية الثابتة كونها من الله تعالى و أما الروايات المنقولة عن النبي و أهل البيت عليهم السلام فإنما تكون حجة إذا ثبت صدورها منهم فإن الأحاديث متعارضة أحياناً و منقولة بالمعنى أخرى – مضافاً إلى مسألة السند و لكنها غير مرتبطة بشكل مباشر بما نريد ذكره هنا – فنحتاج إلى ميزان لتشخيص ذلك و قد بينوا لنا ذلك الميزان فأمرونا بعرض الأحاديث على الكتاب الكريم فإن كانت موافقةً له أو – على أقل تقدير – لم تكن مخالفة له فهي صادرة منهم و هم من قالوه – إذا توفرت سائر شروط الاعتبار – و أما إذا كان هناك حديث مخالف للقرآن الكريم فقد قالوا أنه باطل و زخرف و ليس قولَهم و أمرونا بعرضه عرض الحائط و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن القرآن حجة و هو الميزان في تشخيص الأحاديث المعتبرة عندنا  أولاً ،  و أن الأحاديث إنما تكون حجة فيما إذا لم تكن مخالفة للقرآن الكريم ثانياً ،  و قد وردت أحاديث معتبرة أخرى غير أحاديث العرض ، تُرجعنا إلى القرآن الكريم فعندما يسأل الراوي عن كيفية المسح على رجله المُجَبَّرة يقول له الإمام الصادق عليه السلام أن هذا و أشباهه يُعرف من كتاب الله عز و جل و .. فالإمام عليه السلام حسب هذه الرواية و أمثالها يعلمنا كيفية التمسك و الإستدلال بالقرآن الكريم ،  فلا يمكن إسناد عدم حجية القرآن الكريم إلى أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام كما لا يمكن القول بأن حاجتنا إلى بيان الآيات من قبل المعصومين عليهم السلام تدل على عدم كفاية القرآن الكريم أو عدم فصاحته أو أن الإمام عليه السلام أفصح من كتاب الله كما لا يخفى على من تأمل فيما ذكرناه في هذا المختصر .. 

وفقنا الله و إياكم لمعرفة الدين و العمل به و نشره بحق محمد و آله الطاهرين صلوات الله عليهم 

أيوب الجعفري

ليلة السبت ١٧ ربي الأول ١٤٣٨ هـ ق   

    الموافق  ۱۷ / ۱۲ / ۲۰۱۶ م