السلام عليكم شيخنا
سؤالي بخصوص الخمس هناك من يقول إن القرآن ذكر خمس المغانم و ليس المكاسب و العياذ بالله يستدلون بظاهر القرآن ! فما رأيكم بهذا و ما هو دليل إن الخمس على المكاسب أيضا .
بارك الله فيكم و شكرا
بسم الله الرحمن الرحيم
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
قال الله العظيم في محكم كتابه الكريم : ( و اعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه و للرسول و لذي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل . . ) سورة الأنفال /41 .
مما لا ريب فيه أن الخمس من جملة الفرائض و الأحكام الشرعية باتفاق الشيعة و السنة ، و إن كان هناك خلاف ففي مورده و بعض خصوصياته فأهل السنة يرون أنه مختص بغنائم دار الحرب و الشيعة تعتقد بعمومه لكل فائدة يحصل عليها الإنسان سواء كان عن طريق الحرب أم التجارة و الصناعة و الزراعة و .. و دليلهم على ذلك عدة أمور :
1- لفظ الغنيمة في اللغة بمعنى الفوزبالشيء بلا مشقة كما في القاموس و لسان العرب و كتاب العين .
2- ورد في القرآن الكريم و الروايات استعمال لفظ الغنيمة في غير غنائم الحرب فقد قال تعالى : ( و لا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة ) سورة النساء /94 فلا معنى لكون المغانم التي لدى الله تعالى هي غنائم الحرب لأن الكل ( الغنائم و الغانمين و من غُنمت أموالهم و ثرواتهم و جميع ثروات الدنيا ) ملك لله تعالى و الكل في قبضته ، و الآية تريد منع المؤمنين من عدم قبول المستسلمين للحصول على الغنائم فيقول أن هدفكم الحصول على الغنائم فلا تفعلوا ذلك فإن الله تعالى عنده مغانم كثيرة فهذه الغنائم قطعاً غير غنائم الحرب .
كما ورد في كلام أمير المؤمنين عليه السلام استعمال الغنيمة في مطلق الفوائد و النعم الالهية حيث قال عليه السلام في الخطبة 83 المسماة بالغراء : ( الحمد لله الذي علا بحوله و دنا بطوله ، مانح كل غنيمة و فضل و كاشف كل عظيمة و أزْل أحمده على عواطف كرمه و سوابغ نعمه ) ، و من القواعد الفقهية قولهم : ( من له الغُنم فعليه الغُرم ) و في تعبير أهل السنة : ( الغُرم بالغُنم ) و … فكل ذلك يدل على أن الغنيمة لا تختص بغنائم الحرب بل هي عامة لكل فائدة يحصل عليها الانسان ، و الآية و إن وردت مورد الحرب و لكن الثابت في محله في علم أصول الفقه أن المورد لا يخصص الوارد فكون مورد الآية غنائم الحرب لا يعني أن الخمس لا يجب في غنائم غير دار الحرب و لهذا قال تعالى : ( أنما غنمتم من شيء ) و لم يقل أنما غنمتم في الحرب من شيء ، فالله تعالى بصدد بيان قاعدة عامة حول الخمس و أنه واجب في كل الغنائم الحربية و غيرها و لهذا قد ورد في رواياتنا عن طريق أهل البيت عليهم السلام عمومية الخمس لكل ما يستفيده الانسان و هو الدليل الثالث في هذا المجال حيث نقول :
3- إن اثبات الحكم الشرعي لا ينحصر بالقرآن الكريم الذي هو الأصل الأول و الأساس الأهم في اثبات العقيدة و أحكام الشريعة بل هناك أدلة أخرى يُتمسَّك بها لإثبات الحكم الشرعي و من جملتها الأحاديث و الروايات الواردة عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم وعن أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين هم ــ على أقل تقدير ــ رواتٌ عدول عن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم كما أن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم راو ٍ معصوم عن الله تعالى ، و قد ورد عن أئمة أهل البيت روايات كثيرة تدل على وجوب الخمس في الغنائم و المعادن التي تستخرج من الأرض و ما يُستخرج بالغوص من اللؤلؤ و المرجان و في الكنوز و أرباح المتاجر و المكاسب و إليكم نموذج مختصر من تلك الروايات :
أ– صحيحة زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : سألته عن المعادن ما فيها ؟ فقال : كل ما كان رُكازاً ففيه الخمس . ( الرُكاز هو الدفين في الأرض ) .
ب– صحيحة ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام : الخمس على خمسة أشياء على الكنوز و المعادن و الغوص و الغنيمة ..
ج– صحيحة عمار بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : فيما يُخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام إذا لم يُعرف صاحبه و الكنوز ، الخمس .
د– موثقة سماعة قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس فقال : في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير .
و كثير من الروايات الأخرى التي يبلغ مجموعها بما يتفرع عليها فوق حدّ التواتر…
و لا تنسونا من صالح أدعيتكم الخالصة .